الترا سودان -وكالات
لا تزال أحداث ذلك اليوم ماثلة في ذهن سليمان يعقوب، عندما أقدم مسلحون من ميليشيا عربية، على شنقه وتركوه معتقدين أنه مات بعد أن اجتاحوا قريته في إقليم دارفور وأحرقوا منازلها. قال يعقوب (59 عامًا) من سكان قرية شطايه التي هاجمتها ميليشيا الجنجويد في فبراير 2004 عندما كان النزاع في الإقليم في ذروته "أعدم سكان القرية أمامي". وأضاف "تم ربط يدي وتعليقي على شجرة بحبل حول عنقي لكني نجوت"، ويقول مشيرًا إلى آثار الحبل على عنقه "حتى الآن لا نحسّ بالأمان".
اندلع النزاع في دارفور عام 2003 عندما حملت مجموعات من الإثنية الإفريقية السلاح، ضد حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير التي تحظى بدعم مليشيات عربية
اندلع النزاع في دارفور عام 2003 عندما حملت مجموعات من الإثنية الإفريقية السلاح، ضد حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير التي كانت تحظى بدعم مجموعات قبلية عربية، لما اعتبرته تهميشًا سياسيًا واقتصاديًا للإقليم.
وردًا على ذلك أطلقت الخرطوم مجموعات ميليشيا الجنجويد وهي في غالبها من العرب، وهاجمت قرى المجموعات الإفريقية على ظهور الخيول والجمال. واتُهمت باتباع سياسة الأرض المحروقة ضد المجموعات الإثنية التي يعتقد أنها تدعم المتمردين على الخرطوم من جماعات الكفاح المسلح، بالاغتصاب والقتل ونهب القري وحرقها.
وأدت الحملة إلى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق عمر البشير وآخرين.
اقرأ/ي أيضًا: طلب لرفع الحصانة عن عسكريي السيادي يثير الجدل في السودان
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة قتل في نزاع دارفور 300 ألف شخص وفر 2,5 مليون من منازلهم. وفي العام 2007 نشرت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي الآف الجنود للحد من النزاع في بعثة حفظ سلام مشتركة. لكن منذ منتصف عام 2018 بدأت المنظمتان خفض عدد الجنود مع تراجع حدة النزاع.
وبدأ العديد من سكان شطايه مثل يعقوب العودة لمنازلهم المبنية من الطين بعد أن هجروها لسنوات. وشطايه واحدة من القرى التي أحرقت على إثر هجمات الجنجويد في السنوات الأولى من النزاع. ويقول الأهالي أن قرابة 1800 قرويًا قتلوا على أيدي مسلحين اقتحموا القرية على ظهور الخيول والجمال والدراجات النارية وهم يطلقون النار.
وبعد خمسة عشر عاما ما زالت الأدلة على الهجوم على شطايه حاضرة، وأغلبية سكان المنطقة ينتمون إلى إثنية الفور. ووفقًا لأحد صحفيي وكالة فرانس برس الذي زار المنطقة، ما زالت أغلب منازل شطايه مدمرة وعليها آثار حريق، فيما الذين عادوا إليها يسكنون في خيام بلاستيكية. والطريق إلى شطايه غير معبّدة، وتنتشر فيها برك طينية موحلة. ويشتكي سكان القرية من وجود مسلحين حول قريتهم، وأن أراضيهم التي صادرها المسلحون من الرعاة العرب لم تعد لهم.
أدت الحملة إلى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق عمر البشير وآخرين
ويقول محمد إسحاق (29 عامًا) "لم نحصل على مزارعنا بالكامل" ويضيف أن أسرته كان تمتلك بستانًا من أشجار الليمون والبرتقال في أطراف شطايه. وعاد إسحاق إلى القرية العام الماضي بعد سنوات أمضاها في مخيم مع عشرات آلاف النازحين الذين شردتهم الحرب. وقال إسحاق الذي قُتل والده واثنان من أشقائه وثلاثة من أعمامه في هجوم 2004 "لا نشعر بالأمان، حتى حاليًا ....لا يمكننا بناء منازل ثابتة، ونعيش في بيوت مصنوعة من البلاستيك والحشائش الجافة".
اقرأ/ي أيضًا: مباحثات السلام السودانية.. دعم لجوبا وتخوف من الثورة المضادة
ويعيش الحاج عبد الرحمن (63 عامًا) في غرفة تتبع لمبنى خدمي. وعندما عاد إلى شطايه وجد الرعاة يحتلون مزرعة أسرته. وقال لفرانس برس "دمروا المزرعة وقطعوا الأشجار" وأضاف "أخاف أن أتحدث إليهم لأنهم مسلحون". وأضاف الحاج "لقد توقفوا عن سرقة ماشيتنا لكن إذا لم يُجردوا من السلاح لن نحس بالأمان. كما أننا نريد أن تعود لنا أرضنا".
ويزرع أغلب سكان القرية الخضروات حول منازلهم آملين أن تعود لهم مزارعهم يومًا ما. وقال صديق يوسف "لدي مزرعة خارج القرية ولكنني لا أستطيع الذهاب إليها لعدم إحساسي بالأمن". وأضاف "إذا لم يجرد رجال المليشيات من سلاحهم لن يكون هناك سلام، نشعر بالخوف عندما نراهم".
اقرأ/ي أيضًا:
كير: تحقيق السلام في السودان سيعود على جنوب السودان بالاستقرار
محادثات السلام في يومها الثاني.. نقاش للقضايا الخلافية من جذورها