07-ديسمبر-2020

تعبيرية (الشرق)

يُجيب على هذا السؤال، وما تتفرّع عنه من أسئلة عن الزيادات المضطردة للأسعار، وعجز الحكومة الانتقالية بعد عامٍ ونصف من الثورة عن معالجة الاختلالات الاقتصادية، وغلاء المعيشة الذي يُعاني منه السودانيون بشكلٍ يومي، المستشار الاقتصادي د. عبدالله الرمادي.

إذا طبّقت هذه النظريات والقواعد على أصولها، فستجد الحلول لكل المشاكل الاقتصادية


  • بشكلٍ مضطرد، ترتفع أسعار السلع في الفترة الأخيرة.. ما هي الأسباب؟

- الاقتصاد علمٌ مؤسس، وله قواعد ونظريات، وليس كلامًا يُطلق على الهواء، وإذا طبّقت هذه النظريات والقواعد على أصولها، فستجد الحلول لكل المشاكل الاقتصادية. وعليه، فإنّ التسارع في ارتفاع الأسعار بسبب التضخم، وهو ناتج عن مجموعة أسباب بجانب غياب العلاج الناجع طوال أشهر وسنوات، ما أدى إلى تفاقم المشكلة ووصل فيها التضخم حد الجموح.

اقرأ/ي أيضًا: خبير: تدني إنتاجية الفول السوداني ناتج عن غياب الميكنة

  • وما الذي يعنيه جموح التضخم؟

- التضخم الجامح في الأسعار، هو عندما يصل إلى (50)%، أو يتجاوز ذلك، فما بالك والزيادة الآن تجاوزت خلال هذه السنة (250)%، بالرغم من أنّ الحكومة الانتقالية تقول بأنّ التضخم وصل (225)%. وهذه النسبة خمسة أضعاف الجُموح، وبالتالي يُشكّل هذا الوضع خطورة، ودخل مرحلة التضخم المُخِل والخطير، ما يعيق التنمية في السودان. وبدلًا من أن يكون هناك زيادة في الناتج الإجمالي المحلي، فإنّه قلّ في هذه السنة عن سابقاتها.

هذا بجانب العجز في ميزان المدفوعات، تضخمت لأنه ليس هناك صادر، وهذا نتاج سوء الإدارة من قبل المسؤولين عن الاقتصاد. صحيح أنّ هناك أسباب خارجة عن إرادتهم مثل جائحة كورونا، بجانب عدم الاستقرار السياسي الذي نتج عن تغيير النظام السياسي.

  • لماذا عجزت الحكومة الانتقالية، عن إيجاد حلول لهذه المشكلات الاقتصادية؟

- لسبب بسيط، لأنه لا توجد لديها كفاءات في المجال الاقتصادي، ما يعني أن القائمين على الوضع الاقتصادي، بدءًا من رئيس الوزراء، لا علاقة لهم بالاقتصاد. نحن في حاجة لأشخاص لديهم معرفة بالاقتصاد الكلي والمالية العامة، أولئك هم من يعرفون إدارة الاقتصاد.

اقرأ/ي أيضًا: أهم ما ورد في الجانب الاقتصادي من حوار رئيس الوزراء

الأمر الثاني هو أنه نحن في حاجة إلى مجلس أعلى للاقتصاد يكون تابع لرئاسة الجمهورية، أو من ينوب عنها. مهمة هذه المجلس دراسة كل الظواهر الاقتصادية، ويخرج بسياسات. وعليه الاقتصاد تضره المحاصصات السياسية، وهي التي أغرقتنا بما نحن فيه الآن.

من المعيب أن يُعاني الشعب السوداني وهو يمتلك من الثروات والموارد الطبيعية ما يكفي قارة

ومن المعيب أن يُعاني الشعب السوداني وهو يمتلك من الثروات والموارد الطبيعية ما يكفي قارة، وليس (40) مليون نسمة. يعني خلال أربع سنوات يمكن أن يعتمد السودان على نفسه وليس على العون الخارجي والمنح، لكن فقط إذا أحسن إدارة اقتصادنا وحافظوا عليه من الفساد والتهريب.

  • بشكل عملي، ما هي الخطوات العاجلة التي ينبغي على حكومة الثورة القيام بها؟

- أولًا، فاقد الشيء لا يُعطيه، يجب أنْ يُوضع رجال أكفاء في الوزارات ذات الطبيعة الاقتصادية، أيّا كان لونهم السياسي. ثانيًا، علينا أنْ نبدأ الآن بالآتي: وقف نزيف الاقتصاد السوداني عبر التهريب والفساد داخل المؤسسات، وتعديل القوانين بحيث تكون رادعة لكل فاسد ومرتشٍ ومختلس.

 د. عبدالله الرمادي
 د. عبدالله الرمادي

الأمر الثاني: وقف التهريب مهما كلّف الدولة، يجب أن يحدث وينفذ. حتى ولو كلف الدولة أن تضع على الحدود طائرات مروحية لوقف التهريب والقبض على المهربين، وبالمناسبة هم معروفون بالاسم. على الدولة أنْ تلقي القبض عليهم، وأن تكون العقوبة رادعة لهم.

  • تُركّز دومًا على التهريب.. ما الذي يفقده اقتصاد السودان من التهريب؟

- مثلًا، ما يتم تهريبه من الذهب الأهلي (90)% من إنتاجه، وواضح أنه يتم تهريبه عبر المطار. يجب أنْ تأخذ الحكومة الانتقالية هذا الأمر بالجدية اللازمة. الذهب بشكل محدد لو تمّ إنفاق العوائد منه، وتم منع التهريب، فسوف لن يكون السودان بلدًا فقيرًا. هذا بجانب أنّ المنتجات السودانية تجد طريقها عبر التهريب إلى دول إفريقية عديدة مثل: نيجيريا، تشاد، النيجر، بوركينا فاسو، وغيرها من دول الجوار السوداني، ودول الجوار للجوار السوداني. لو تمّ ذلك لما كان السودان يستورد ضعف ما يحتاجه من هذه السلع الأساسية مثل الوقود، والصفوف ما تزال ممتدة وموجودة.

  • ما هو رأيك في السياسة الاقتصادية للحكومة الانتقالية إلى الآن؟

- سياسة فاشلة، بل وممعنة في الفشل، وليس هناك شيء واحد قامت به صحيح اقتصاديًا، اللهم إلا زيادة الرواتب التي تمّ تنفيذها في عهد وزير المالية السابق إبراهيم البدوي، وحتى هذه حدث فيها قصور في التنفيذ، وترتب عليها آثار سيئة فيما بعد.

  • كيف؟

- بصورة مبسطة، الطبيب عندما يُشخص المرض، ويوصي بتناول دواء، فإنّه يأمر المريض ألا يتناول كل الدواء جرعة واحدة، وإنما على جرعات. بالضبط هذا ما قام به البدوي، وهو أنّه شخّص المرض، ووصل إلى العلاج الصحيح وهو زيادة الرواتب، لكن المشكلة الاقتصادية أنّه زادها دفعةً واحدة.

اقرأ/ي أيضًا: تحذيرات من تدهور سعر العملة وانعكاساته على سياسات ترشيد دعم الوقود

  • ومع كل هذه التعقيدات التي ذكرتها، أين المخرج؟

- المعالجة أولًا في وقف هذا نزيف الاقتصاد السوداني بسبب التهريب والفساد المالي مهما كلّف الأمر الدولة من جهد. وإذا ما حدث ذلك، فإنّ موارد السودان مثل الذهب، سيُعود على الدولة من صادره عشرة مليارات سنويًا. وتحويلات المغتربين، إذا تمّت عبر المنافذ الرسمية؛ ستعود على الدولة بأربعة مليارات سنويًا. بجانب تصحيح قوانين واجراءات صادرات السودان، وتخليصها من الأخطاء السابقة والتي أعادتْ مثلًا عشرات البواخر من الماشية السودانية، والفول السوداني من إندونيسيا على سبيل المثال، وهو بسبب الفساد والإهمال.

إما أنّ الدولة لا تُريد إجراء هذه الإصلاحات، أو ليس لها قُدرة عليها

هذه الصادرات ستعود على الدولة بأربعة مليارات. جملة هذه العوائد (18) مليارًا، وكل احتياجات الدولة لا تصل إلى تسع مليارات من الدولارات، وعليه تستطيع الدولة عبر بنك السوداني تحويل وتوفير التسعة مليارات الأخرى إلى التنمية.

  • أخيرًا، هذه المعالجات تبدو بسيطة ويُمكن أن تحل المشكلات الاقتصادية.. لماذا لا تُنفذ؟

- لا تُنفّذ لسببين: إما أنّ الدولة لا تُريد إجراء هذه الإصلاحات، أو ليس لها قُدرة عليها.

اقرأ/ي أيضًا

اللجنة الاقتصادية: مراكز بالسلطة تصنع الأزمات لتمرير توجهات سياسية واقتصادية

المالية تعلن عن حصولها على قرض ومنحة من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية