29-ديسمبر-2022
احتجاجات طلابية على زيادة الرسوم

جانب من الاحتجاجات الطلابية على زيادة الرسوم أمام وزارة التعليم العالي (فيسبوك)

تظاهر اليوم المئات من طلاب جامعتي "الخرطوم" و"السودان للعلوم والتكنولوجيا" قرب مبنى وزارة التعليم العالي احتجاجًا على زيادة الرسوم الدراسية في الجامعات الحكومية.

قالت الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم إن الدولة تخلت عن تمويل التعليم بينما يستمر الصرف على الجيوش 

ووضعت الجامعات الحكومية وأبرزها "الخرطوم" و"السودان" رسومًا جديدةً على الدراسة والتسجيل وصلت الزيادة فيها إلى نسبة (400%) بحسب ما يقول الطلاب.

والثلاثاء الماضي أعلنت جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عن تعليق الدراسة في "المجمع الجنوبي" عقب إضراب الطلاب عن المحاضرات رفضًا لزيادة الرسوم.

وفي المقابل، قالت إدارة الجامعة إنها كانت أمام "خيارات صفرية" إما بزيادة الرسوم أو تعليق الدراسة عقب توقف التمويل الحكومي للجامعات الحكومية.

https://t.me/ultrasudan

وتجمع مئات الطلاب من جامعتي "الخرطوم" و"السودان" اليوم الخميس في وسط الخرطوم، وتوجه الموكب إلى مبنى وزارة التعليم العالي على وقع هتافات تندد بزيادة الرسوم الدراسية.

تسليع التعليم

وقال حسين وهو طالب في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا لـ"الترا سودان" إن الرسوم التي أقرتها الجامعة "تفوق وضعه المالي" لأنه يسكن في داخلية ويعتمد على مصروفات محدودة من عائلته.

وذكر حسين أن ما يحدث مقدمة لـ"خصخصة التعليم" وفقًا للتوقعات التي سادت في الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن الدولة في طريقها إلى التخلي عن التعليم العام مقابل دخول شركات لتأسيس الجامعات وفرض الرسوم الباهظة.

ومن جهتها، قالت الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم في بيان اطلع عليه "الترا سودان" اليوم الخميس إن الدولة اتبعت سياسة واضحة ضد التعليم العالي والبحث العلمي عندما رفعت يدها عن تمويل التعليم العالي وصار يسمى ما تقدمه الدولة ضمن موازنتها للجامعات "دعمًا" فقط يغطي بالكاد الفصل الأول (المرتبات)، بينما ألقت الدولة عبء الفصل الثاني (التسيير) والفصل الثالث (التنمية والتطوير) على الجامعات.

انخفاض التمويل الحكومي

وقال البيان إن ما تجيزه الدولة من موازنة التعليم العالي والبحث العلمي لم يتجاوز (18%) من الموازنة المقترحة كما خفضت الموازنة من (225) مليون دولار في عام 2007 إلى نحو (50) مليون دولار في موازنة 2022. وأردف البيان: "كل هذه السياسات وما انتهجته الدولة هي سياسات مفقرة لقطاع التعليم العالي وتقودها إلى نهاية حتمية: تسليع التعليم بدلًا عن تقديمه كخدمة".

وقال البيان إن العمل في الجامعات أصبح "طاردًا جدًا" فيما نشطت هجرة الأساتذة وامتنع الخريجون عن العمل فيها خاصة بعد إيقاف التدريب والابتعاث إلى الخارج فضلًا عن الأجر الذي يقل عن أجور أقرانهم.

وأشار البيان إلى أن ما يحدث هو نتيجة للسياسات المالية من جانب الدولة تجاه قطاع التعليم والتعليم العالي بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي الذي ضرب البلاد، لافتًا إلى استحداث "القبول الخاص" وقتها لسد العجز كـ"أكبر كارثة في تاريخ التعليم العالي" في البلاد.

انتشار القبول الخاص

وأشار البيان إلى أن التنافس المباشر بين الطلاب والنسبة المتحصل عليها في الشهادة السودانية "لم يعد معيارًا للقبول"، لافتًا إلى تخصيص نسبة كبيرة من مقاعد الجامعات تصل في بعض الكليات إلى (50%) للقبول الخاص. وتابع البيان: "كما خصصت مقاعد لأبناء الشهداء والمجاهدين والموقعين على اتفاقيات السلام فضاع التميز الأكاديمي كشرط لدخول الجامعات بين أصحاب المال والسلطة والسلاح".

وشدد البيان الصادر عن الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم على أن الظل لن يستقيم والعود أعوج، وقالت إن التعليم العالي لن يستقيم في البلاد ما لم يُوحّد "معيار القبول" لجميع الطلاب دون أدنى تمييز أكاديمي.

وفي ظل هذا الوضع لجأت الجامعات إلى زيادة رسوم الطالب الجدد خصوصًا أن رسوم الطالب في المستويات المتقدمة قد لا تتجاوز ثلاثة آلاف جنيه في أفضل حالاتها حتى تتمكن من تسيير العملية الأكاديمية ومقابلة ارتفاع التكاليف والكهرباء وغيرها؛ فتأخر شراء مواد المعامل وتقليص أيام الرحلات الدراسية وشهدت البيئة الجامعية "ترديًا واضحًا للعيان" - وفقًا للبيان.

الصرف على الجيوش

وأضاف البيان: "الصرف على البنى التحتية سيسهم بشكل كبير في تطور الدولة وتعزيز السلام وبالمقابل فإن زيادة الصرف على الجيوش سيولد جيوش أخرى". وطالب البيان الدولة بتوفير التمويل اللازم وتحقيق المساواة في معيار القبول. وزاد: "كما يجب إلزام وزارة المالية بسداد قيمة الدعم الذي تقدمه الجامعات لطلاب القبول العام".

شددت الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم على أهمية إلغاء القبول الخاص بمختلف أنواعه نهائيًا لتحقيق المساواة

وشدد البيان على أهمية إلغاء القبول الخاص بمختلف أنواعه نهائيًا لتحقيق المساواة في معيار القبول وإفساح المجال للتميز الأكاديمي. ورأى البيان أن مشكلة الرسوم الحالية ما هي إلا رأس جبل الجليد وأن حلها لن يأتي إلا بمواجهة السبب الرئيسي وهو عدم اضطلاع الدولة بمهامها تجاه التعليم العالي والبحث العلمي.