04-أكتوبر-2021

الكثير من عمليات الفساد الضخمة في فترة النظام السابق كانت مرتبطة بمقربين من البشير وأسرته (Getty)

الترا سودان | فريق التحرير

سلَّط تحقيق استقصائي جديد نشرت تفاصيله وكالة (DW) الألمانية، الضوء على فساد أشخاص مقربين من نظام الإنقاذ والرئيس المخلوع عمر البشير وأسرته، حيث كشف التقرير الذي يأتي ضمن التحقيقات على تسريبات الوثائق التي سميت بـ"وثائق باندورا"، عن مزيد من التفاصيل في قضية الفساد في شركة سوداتل العامة الذي عرف حينها في الصحف السودانية باسم "فساد القرن".

الشخصيات الرئيسية التي تحدث عنها التقرير، والتي شاركت في عمليات فساد كبرى في شركة "سوداتل" للاتصالات عبر استثماراتها في نيجيريا، هم عبدالباسط حمزة القيادي بالنظام البائد والمقرب من عمر البشير، والقيادي بحزب البشير "المؤتمر الوطني" عبدالعزيز عثمان.

يكشف التقرير تفاصيل عمليات فساد كبرى في شركة "سوداتل" للاتصالات قام بها القياديان المقربان من نظام البشير عبدالباسط حمزة وعبدالعزيز عثمان

وبحسب (DW)، تكشف وثائق باندورا عن تحالف ضمّ رئيس مجلس الإدارة الأسبق لشركة سوداتل عبدالعزيز عثمان مع رجل الأعمال عبدالباسط حمزة، المقرب من عمر البشير، لنقل أسهم من شركة سوداتل العامة إلى شركة "لاري كوم" السودانية الخاصة عبر شركة "إكسبرسو القابضة"، وتأسيس شركة أخرى تحمل نفس الاسم، "لاري كوم"، بشراكة الاثنين في جزر العذراء البريطانية، قبل إبرام الصفقات مباشرة، ما يُعد تضاربًا في المصالح.

اقرأ/ي أيضًا: "ذئاب القروض" في السودان.. تقرير دولي يفضح فساد ابن البشير بالتبنّي

وكانت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، والتي تم تشكيلها عقب الثورة السودانية لاسترداد الأموال التي نهبها أتباع النظام البائد عبر الفساد، قد أصدرت أمرًا بتجميد أصول وحسابات شركة زوايا المالكة لشركة لاري كوم الخاصة بعبدالباسط حمزة، وذلك ضمن جهودها للكشف عن فساد النظام البائد واسترداد أموال الشعب السوداني التي نهبها سدنته.

وشغل حمزة منصب رئيس مجلس إدارة شركة سوداتل المملوكة للقطاع العام السوداني، وعمل جنبًا إلى جنب مع عبدالعزيز عثمان، وهو الآخر قيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول، وخلال إدارتهما للشركة، بيعت شركة موبيتيل (شقيقة لسوداتل) العامة بقيمة (1.3) مليار دولار.

ووفقًا للجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال فإن موبتيل بيعت إلى شركة أجنبية (شركة زين الكويتية) بـ(10)% من قيمتها الأصلية. وبحسب اللجنة فإن الشركة الأجنبية كانت تحقق يوميًا خمسة ملايين دولار أرباح جراء هذا الاستحواذ. ووفقًا للجنة فإن أموال الصفقة استخدمت في استثمارات خارجيّة في غرب إفريقيا.

وكشفت الوثائق المسربة، أن شركة إكسبرسو التي تملك سوداتل (75)% من أسهمها والبقية تملكها شركة حمزة، كانت قد تقدمت بطلب في العام 2008 إلى مكتب المحاماة البنمي (ALEMÁN, CORDERO, GALINDO & LEE) لتسجيل شركة في جزر العذراء البريطانية تحمل الاسم ذاته لشركة لاري كوم المحدودة للاستثمار. وتوزعت أسهم هذه الشركة البالغة (50) ألف سهم بين حمزة وعثمان. حيث تأسست في جزر العذراء البريطانية شبكة من الشركات المملوكة إلى سوداتل بشكل مباشر وغير مباشر، ويديرها مديرو سوداتل وإكسبرسو، خالد هاشم، وطارق حمزة زين العابدين، وطارق حمزة رحمة الله. وكانت لاري كوم هي الوحيدة في الشبكة المملوكة لأشخاص، عبدالباسط حمزة وعبدالعزيز عثمان، وليس لشركات. 

وشاركت شركة لاري كوم التابعة لعبدالباسط حمزة في عمليات فساد بملايين الدولارات، وتصرفت شركة إكسبرسو في أسهم شركة سوداتل في نيجيريا، في صفقات مشبوهة تسببت في وقتها في احتجاج المساهمين في السودان ومحاصرتهم لمجلس الإدارة ضمن أحداث قضية "فساد القرن" التي تناولتها الصحف السودانية. حيث كان المستفيد النهائي من صفقات بيع أسهم سوداتل لـ"لاري كوم" هي شركة الزوايا التي أسستها مجموعة مقربة من البشير على رأسهم عبدالباسط حمزة وعبدالعزيز عثمان.

اقرأ/ي أيضًا: مصابو ثورة ديسمبر.. مأساة حية وإهمال حكومي

وبحسب لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد السودانيّة، كان هناك علاقة بين الصفقات التي تمّت بين هذه الشركات (سوداتل وإكسبرسو ولاري كوم) والبشير. وذكرت في بيان لها إن: "إكسبرسو كانت تسيطر على كل هذه الأموال، ولم يعد منها إلى السودان إلا القليل جدًا، وتمّ استثمارها خارج السودان لصالح عبدالباسط حمزة وآخرين وأسرة الرئيس المخلوع عمر البشير". حيث إن شركة سوداتل شركة عامة، وكان على رئيس مجلس الإدارة أن يطرح الصفقات على الجمعية العمومية قبل إبرامها، وهو ما لم يحدث.

جاكسون أولدفيلد: الصفقات التي عقدت بين سوداتل ولاري كوم المملوكة لعبد الباسط حمزة، الذي تجمعه شراكة برئيس شركة سوداتل عبد العزيز عثمان، "تبدو أنها تضارب في المصالح"

وبحسب إفادة للمؤسس المشارك في مؤسسة "مجتمع مدني من أجل استرداد الأموال" (Civil Forum for Assets Recovery) الألمانيّة، جاكسون أولدفيلد، لـ(DW)، فإن هذه الصفقات التي عقدت بين سوداتل ولاري كوم المملوكة لعبد الباسط حمزة، الذي تجمعه شراكة برئيس شركة سوداتل عبد العزيز عثمان، "تبدو أنها تضارب في المصالح".

يذكر أن اعبدالباسط حمزة يقضي الآن مدة عقوبته التي تبلغ (10) سنوات في السودان بعد إدانته بجرائم من ضمنها الكسب غير المشروع ومخالفة قانون غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب، بينما تظل لجنة إزالة التمكين تقوم بمحاولاتها لتتبع استثماراته الخارجية "التي لم يعد منها إلى السودان إلا القليل".

اقرأ/ي أيضًا

كيف يدفع التضخم في السودان المعلمين إلى ترك المهنة؟

هل ستساعد السكك الحديدية السودان في العودة لمساره الصحيح؟