10-نوفمبر-2020

تعبيرية (Vox)

في رحلةٍ طويلة أمتدت لما يقارب اليوم، وصلت الموظفة بمفوضية العون الإنساني، آمنة موسى، إلى موطنها في مدينة الرهد، وقالت في حديثٍ لـ"الترا سودان"، إنها تشعر بالقهر والحزن لاضطرارها ترك العمل والجلوس بالمنزل، عقب إصرار إخوتها على مكوثها في البيت. 

في لحظات وجدت نفسها حبيسة السجون

في لحظاتٍ وجدت نفسها حبيسة السجون، تعرضت لتنمر واتهامات نفتها بشكلٍ قاطع، قالوا عنها إنها راغبة في وظيفة المدير، وردت بالقول "أنا موظفة بالدرجة الثامنة، كيف أصل بين ليلة وضحاها لهذا المنصب؟"، وغيرها كثير من الإشاعات والأقاويل.

تحرش وفصل من العمل

قالت آمنة إنها تعرضت لتحرش من مديرها بالمفوضية، ورفعت القضية للجهات المسؤولة بدايةً من وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، إلى وزيرة العمل والرعاية الاجتماعية لينا الشيخ، لكن، جاء الرد بفصلها عن العمل، دون تكوين لجنة للتحقيق في الحادثة.

اقرأ/ي أيضًا: سيخضن أول مباراة ودية قريبًا.. "الترا سودان" يلتقي لاعبات نادي المريخ

مثل كثير من النساء، جاء رد العائلة على آمنة عنيفًا، تهجم إخوتها على مقر المفوضية، وعوقبت هي بالحبس، ثم تقرر أخيرًا ترحيلها إلى موطنها الأصلي، مما ضاعف من شعورها بالألم.

وأشارت السكرتير العام لمبادرة "لا لقهر النساء" في حديث لـ"الترا سودان"، أميرة عثمان، إلى تعقيد قضايا التحرش واختلاف كل حالة عن الأخرى. وطالبت بضرورة رفع الوعي إعلاميًا بالقضية، قائلة إن موظفة العون الإنساني قررت أسرتها ترحيلها إلى موطنها الأصلي، عقب اجتماع عائلي، وقالت أن على الأسر معرفة من هو الجاني؟ أهو مرتكب جريمة التحرش أم من وقع عليه الفعل؟ وتابعت أن ضحايا التحرش يقع عليهن فعل التجريم من المجتمع، حيث تتحمل الضحية تبعات الفعل اجتماعيًا فوق الجريمة الملقاة على كاهلها. وتابعت أن قضايا التحرش لا يتم تجريمها مجتمعيًا كما يفترض، وكذلك بالنسبة للمغتصب، حيث تحفظ كثير من البلاغات الجنائية خوفًا من الوصمة والعار الذي يلحق بالضحية، وألمحت إلى وجود أطر مجتمعية وقانونية للتستر على قضايا الانتهاكات بحق النساء، سواء كانت قضايا تحرش أو اغتصاب، وعدم كشف الانتهاكات الواقعهة عليهن وبالتالي مناصرتهن.

 

*حبس وفصل موظفة بالعون الإنساني* على خلفية شكواها لمديرها المباشر بعد تحرشه بها. اتصلت بنا السيدة آمنة موسى الموظفة ...

Posted by ‎لا لقهر النساء‎ on Sunday, November 8, 2020

 

وفيما يتعلق بقضية موظفة العون الإنساني، طالبت أميرة بفتح مكاتب العمل وإعادة تشكيل البنية التحتية للمباني، بحيث تبنى من زجاج شفاف يعكس ما يدور خلف الجدران، كما طالبت بإجراء نقاشات موسعة وورش عمل للحديث عن القضايا التي تمس النساء، ومن ضمنها قضية التحرش، مع سن عقوبات إدارية رادعة لكل من يرتكب هذه الجريمة.

ودعت النساء للتصدي لقضايا التحرش بوضوح وثقة دون تخوف من الجاني أو تبعات الحديث عما وقع عليهن من انتهاكات، وذكرت بأن الضحايا يقع عليهن وعلى أسرهن ضغط مجتمعي هائل، وأعادت للأذهان قضية الطفلة "ساريا" التي تعرضت لتحرش من معلمها، وقالت إن عائلتها حينذاك تعرضت لضغطٍ هائل من معلمي المدرسة مما دفعها لترك مدرستها والتحويل لأخرى. واستطردت بالقول إن العقلية التبريرية للمتحرش دائمًا ما تكون حاضرة في المجتمع، الشئ الذي يزيد من أعباء النساء ويقيد حركتهن داخل المجتمعات.

اقرأ/ي أيضًا: قادة السودان يهنئون الرئيس الأمريكي المنتخب ونائبته

في جانب آخر، تواجه قضايا التحرش في السودان كثير من العقبات مثل المطالبة بشهود أمام القضاء، وتعقب أميرة بقولها أن جرائم الأذى الجنسي وإن تمت في العلن، سواء في مكاتب العمل وداخل الحافلات العامة والأماكن المزدحمة، يصعب إيجاد شهود عليها، فلا يوجد مجرم يمارس جريمته أمام الناس.

السكرتير العام لمبادرة "لا لقهر النساء": جاءت هذه التهم من مدافعين عن حقوق الإنسان، وهنا تكمن الكارثة

من جانبها، تعرضت موظفة المفوضية لعدة اتهامات مثل كونها منافسة للمدير في العمل، وقال البعض بإصابتها بمرضٍ نفسي، وتنتمي للنظام السابق. تعلق أميرة على الاتهامات التي تواجه السيدة المتحرش بها قائلة "جاءت هذه التهم من مدافعين عن حقوق الإنسان، وهنا تكمن الكارثة"، وتابعت "ربما توجد تقاطعات مصالح تربط بينهم وبين المتحرش، ووحدة مكافحة العنف ضد المرأة ووزارة العمل والرعاية الاجتماعية جاء موقفهم سلبي"، وتساءلت السكرتير العام لمبادرة "لا لقهر النساء" هل تدخل الضحية السجن لأن ذويها تهجموا على المفوضية؟ وهل تأخذ الضحية بذنب أقاربها؟ وقالت إن بلاغ التعدي تم التنازل عنه وأن مفوضية العون الإنساني لم تكون مجلسًا للتحقيق في الواقعة ليخرج بحقائق ما حدث، وما تم بعد ذلك هو فصلها من العمل مباشرة. 

أصوات عالية

في ذات السياق، كشفت القيادية النسوية إحسان فقيري عن أنها تواصلت هاتفيًا مع وزيرة العمل والرعاية الاجتماعية ولم تخرج بنتيجة مفيدة في القضية. 

اقرأ/ي أيضًا: "الجنقو مسامير الأرض" تفوز بجائزة الأدب العربي في فرنسا

وقالت فقيري في إفادتها لـ"الترا سودان"، إن التصدي لظاهرة العنف ضد المرأة والتحرش الجنسي يكون عن طريق حديث الضحية عن الواقعة وعدم السكوت عن الجريمة، وبالتوعية الشاملة في أوساط النساء، ومطالبة وزير العدل بوضع قوانين رادعة ضد التحرش الجنسي. ودعت إلى حث النساء للحديث بصوتٍ عالٍ عن قضايا التحرش. وأكدت أن حملة المناصرة مع موظفة العون الإنساني ستمتد، عن طريق مقابلة وزير العدل، لأن النساء لم تعدن آمنات في ظل غياب قانون يجرم التحرش الجنسي. 

وحدة مكافحة العنف ضد المرأة

وأفادت رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمة إسحق، إن الوحدة في طريقها لإصدار بيانٍ رسمي بالواقعة، وقالت لـ"الترا سودان"، إن القضية لا تتبع لهم إداريًا، ورفضت الرد في الوقت الحالي على تساؤلات "الترا سودان"، وقالت لن تصرح إلا بعد صدور بيان رسمي. 

رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة: ما جاء في بيان مبادرة "لا لقهر النساء" عن غياب دور الوحدة محض افتراءات

ووصفت سليمة ما جاء في بيان مبادرة "لا لقهر النساء" عن غياب دور الوحدة، بأنها محض افتراءات، وأكدت شروعهم في التقاضي القانوني ضد ما ورد في البيان. وقالت إن الاتهامات التي طالت موظفة العون الإنساني، مصدرها تداول القضية دون توفير حماية للضحية، مما جعلها عرضة للتنمر، وقطعت برفض التحرش الجنسي ضد أي سيدة سواء كانت الاتهامات صحيحة أم لا. 

اقرأ/ي أيضًا

حوار| كمال بولاد: انسحاب الحزب الشيوعي كان مفاجئًا لم نتوقعه

وزارة الإعلام تتهم ناشري الصحف بتهميش الصحفيين