21-مارس-2020

مطار الخرطوم (Getty)

أعلن مجلس الأمن والدفاع الأسبوع الماضي حالة الطوارئ الصحية وإغلاق كل المعابر والمداخل إلى السودان. لكن، تصاعدت أصوات سودانيين عالقين في مطارات العالم، بعد أن تقطعت بهم سبل العودة للبلاد، مع عدم وجود معالجات للقرارات الفورية احترازًا من وباء كورونا.

بعد فتح المطار لـ48 ساعة: وصول الطائرة الكينية وعلى متنها 90 راكب. ولا إجراءات احترازية للحفاظ على السلامة بين المسافرين

لمعالجة أوضاع العالقين، قررت سلطة الطيران المدني فتح مطار الخرطوم جزئيًا لمدة 48 ساعة يومي الأربعاء والخميس الماضيين. "الترا سودان" رصد اللحظات الأولى في المطار ونقل الصورة الآتية:

نذهب إلى مناطق الوباء لأجل الأبناء

جميع الرحلات الخاصة بعملية إخلاء السودانيين العالقين وعمليات المغادرة خصصت لشركة بدر للطيران، واستمرت الرحلات ذهابًا وإيابًا، وتواصلت حتى السبت، موعد إغلاق المطار والمجال الجوي، مرة أخرى.

أمام صالة المغادرة، كانت الجنسيات الأجنبية هي الأكثر طلبًا للمغادرة. وغادرت رحلتان، الأولى متجهة إلى مدينة أديس أبابا والثانية صوب مدينة دبي.

اقرأ/ي أيضًا: هل سيتسبب فيروس كورونا في أزمة غذاء بجوبا؟

على الرغم من انتشار وباء كورونا في أمريكا إلا أن السيدة رحاب عبدالله، وهي سودانية، أمريكية الجنسية، كانت تصر على العودة. قالت إنها تود الالتقاء بزوجها وأبنائها، وإذا حدث لهم مكروه فالعناية في أمريكا متقدمة على السودان، ومستعدة للخضوع لأية إجراءات تتخذها الحكومة الأمريكية لضمان سلامتها. اشتكت رحاب من قرار غلق المجال الجوي وقالت: "خسرت تذكرتي الأولي مع ولدي، بقيمة 1400 دولار".

واشتكى عددًا من المسافرين من قرار غلق المجال الجوي المفاجئ. قال خضر محمد، أثيوبي الجنسية، إن الشائعات عطلت كثيرًا من الأعمال، وليحصل على معلومة أكيدة عن موعد إقلاع الطائرة كان عليه مقابلة مدير الطيران المدني ومدير الجوازات.

طالبت منظمة الصحة العالمية دول أفريقيا ومواطنيها بالاستعداد لمجابهة فايروس كورونا، لكن ما حدث بين المواطنين في وداع أحبتهم في صالة المغادرة، يتعارض مع كل موجهات وتعليمات المنظمة ووزارة الصحة السودانية. ينتشر الناس أمام الصالة دون أدوات وقاية، يلامسون الحقائب والأسطح دون حماية اليدين وغيرها من المظاهر التي رصدها "الترا سودان".

لم نترك أحدًا خلفنا

وصلت الطائرة الأولى التابعة للخطوط الكينية الساعة الثانية فجرًا وعلى متنها 90 راكبًا. في الخارج تجمعت عائلات القادمين من عدة دول إفريقية وأوروبية مختلفة. الجميع كان يتحدث عن فيروس كورونا وانقسمت العائلات إلى فرق وهم يتجادلون ويتبادلون المعلومات. لا دموع. لا قلق. فيروس كورونا هو سيد الموقف واللحظة.

اقرأ/ي أيضًا: كورونا تغلق السوق الإفرنجي لأسبوع كامل

بعد خروج المسافرين، كان المشهد يدعوا للقلق أكثر، حيث تبادل كثير من العائدين مع عائلاتهم السلام بالأيادي والتقبيل على الخدود. هناك مسافرون لم يضعوا كمامات طبية أو ما يحمي أيديهم، وعند سؤالهم عن التزام الحجر المنزلي قال أحدهم: ماذا يعني ذلك؟ وردد جزء آخر أنهم لن يخضعوا للحجر المنزلي وسيواصلون حياتهم العادية، مشككين في وجود الفايروس.

في حديثً مع عائد من مدينة مومباي أكد أنه ظل عالقًا في مطار كينيا لمدة ثلاثة أيام، ووجد آخرين عالقين لأكثر من خمسة أيام دون معالجة وضعهم. قال: "الآن تمت عملية الإجلاء بنجاح، ولم نترك أحدًا خلفنا".

أردول يلتقي عائلته

بعد أيام من قرار غلق المعابر والمجال الجوي، كتب نائب مدير عام الشركة السودانية للموارد المعدنية السيد مبارك أردول على صفحته الشخصية في الفيس بوك: "لا يوجد أفرغ من قلب أب تقطعت السبل بأسرته خارج البلاد، في هذه اللحظات العصيبة التي تجتمع فيها الأسر لتساند بعضها بعضًا.. أسرتي الكريمة كونوا بخير".

قبل أكثر من ساعة من موعد وصول الطائرة، ظهر للجميع قلق أردول وهو ينتظر أسرته في مطار الخرطوم قادمة من أوغندا. يتابع مع مسؤولي المطار لحظات الهبوط والإقلاع. عند سماعه بخبر وصول الأسرة لم يتمالك نفسه ودخل إلى الصالة لاستقبالهم ومتابعة سير الإجراءات. التزمت الأسرة بعمليات السلامة كاملة، حيث وضعت الكمامات الواقية وتجنبوا السلام وتطهير اليدين. وقالت زوجة أردول السيدة بسمة إنهم يعانون من الإرهاق الشديد لتعقيد الإجراءات في مطار كينيا والخرطوم للتأكد من خلوهم من كورونا، وأكدت أنها ستلتزم بعملية الحجر المنزلي إلى حين انقضاء المدة المحددة.

اقرأ/ي أيضًا: باريا في مواجهة الفاتيكان.. هل يتراجع الحبر الأعظم عن اختيار أمايو مطرانًا؟

استثناء تسع دول من عمليات الإجلاء

مديرة الحجر الصحي بمطار الخرطوم: عمليات الإجلاء لا تشمل 9 دول. وسنتابع العائدين من منازلهم لمدة 14 يومًا للتأكد من عدم ظهور أعراض

من جانبه، عبر عضو تجمع المهنيين بالطيران المدني عبدالله البرهاني عن رضاه بمهلة الـ48 ساعة، واعتبرها كافية لإجلاء كافة السودانيين العالقين في المطارات المختلفة. وحول الانتقادات الموجهة لإجراءات السلامة في المطار لاستقبال العائدين، طالب البرهاني بالمزيد من الحضور لوزارة الصحة في جميع المرافق الحيوية، لأن القضية لا تحتمل أي تهاون رسمي.

وفي ذات السياق، أكد السفير ومدير الإعلام في وزارة الخارجية حيدر بدوي متابعة الدولة لكل المشاكل التي تتعرض لها الجاليات السودانية بالخارج، ويعملون في جمع التفاصيل الخاصة بالعالقين وعددهم. أما فيما يختص بعمليات الإجلاء والاستقدام فهي مهمة واختصاص العمليات الفنية إضافة إلى اللجنة العليا التي كونها رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك.

قالت مديرة الحجر الصحي بمطار الخرطوم هبة عبدالرحيم إن عمليات الإخلاء ستتم للركاب السودانيين العالقين في المطارات ما عدا تسع دول، هي "الصين، إيطاليا، اليابان، إيران، كوريا الجنوبية، إسبانيا، فرنسا، مصر، ألمانيا". والإجراء المتبع هو قياس درجة الحرارة مع ضرورة احتفاظ السلطات بجميع بيانات الركاب لمتابعتهم من المنزل خلال 14 يومًا، لمعرفة ما إذا كان المسافر حاملًا للعدوى أم لا. وشددت هبة في حديثها مع "الترا سودان" على أهمية الحجر المنزلي، وطالبت المواطنين بعدم التخوف من العائدين والتعامل معهم من على البعد وترك مسافة في التعاملات اليومية.

وكان وزير الصحة الدكتور أكرم التوم عقد مؤتمرًا صحفيًا الثلاثاء الماضي، أكد على عدم وجود أي إصابة جديدة بفيروس كورونا، ووجود 44 حالة في الحجر الصحي وعشر حالات اشتباه في العزل. وكشف عن تحضيرات حكومية لتجهيز أماكن مهيأة صحيًا لحالات العزل ورفع المقدرات بشأن تقديم المشورة والتوعية للمواطنين، مطالبًا إياهم بالتبليغ الفوري عند الاشتباه بحالات جديدة، قبل أن يعلن في وقت متأخر من يوم الجمعة عن ثاني إصابة مؤكدة لمريض بالفايروس وهو مدير لمنظمة دولية بالسودان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كورونا على الأبواب.. هل يكون السودان قادرًا على احتواء الفيروس؟

شهداء الجيش الذين أعيدوا للخدمة..من هم ضباط 28 رمضان؟