07-سبتمبر-2023
القائد الثاني للدعم السريع ووزير الدفاع الأمريكي - العقوبات الأمريكية

استهداف عبدالرحيم دقلو بالعقوبات هو الاستخدام الأبرز للعقوبات الأمريكية منذ اندلاع النزاع في السودان (Getty)

شهد مساء أمس الأربعاء تطورًا في الملف السوداني بفرض عقوبات على الكيانات الاقتصادية والأعمال التي يديرها القائد الثاني لقوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو (شقيق قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي"). ويعد الرجل من القادة الميدانيين في القتال بين الجيش والدعم السريع والذي يقترب من شهره الخامس.

باحث لـ"الترا سودان": العقوبات الأمريكية أو الدولية مؤثرة لكنها ليست حاسمة في تجفيف مصادر تمويل الدعم السريع في ظل توفر "بدائل دولية"

وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أمس الأربعاء عن فرض عقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع في السودان عبدالرحيم حمدان دقلو بسبب ارتكاب قواته أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المدنيين والقتل العرقي واستخدام العنف الجنسي.

وأضافت الوزارة في بيانها أن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية فشلا في تنفيذ وقف إطلاق النار منذ بداية الصراع في 15 نيسان/ أبريل الماضي. وأشارت إلى أن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها اتُهمت بارتكاب "انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في دارفور وأماكن أخرى".

ولفت وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بريان إي. نيلسون إلى أن "إجراءات العقوبة بحق عبدالرحيم دقلو يظهر التزام وزارة الخزانة بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان".

https://t.me/ultrasudan

ويقول الباحث في العلاقات الدولية محمد عبدالنبي لـ"الترا سودان" إن العقوبات التي فرضت على شقيق "حميدتي" –عبدالرحيم دقلو– حزمة أمريكية وأدوات ضغط على طرفي النزاع في السودان، بمعنى أنه لا طرف هناك بمنأى عن العقوبات الأمريكية في حال لم يلتزم بوقف إطلاق النار في البلاد للسماح بمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة والتي خرجت عن السيطرة خاصةً في الخرطوم ودارفور وكردفان – وفق قوله.

وهذه العقوبات هي الثانية من نوعها دوليًا على قوات الدعم السريع، إذ فرضت بريطانيا في تموز/يوليو الماضي عقوبات على أربع شركات تابعة لهذه القوات، معلنةً أنها تؤجج الصراع المسلح في السودان. وشملت تلك العقوبات أيضًا شركات تابعة للقوات المسلحة السودانية.

تأثير العقوبات الأمريكية

وقلل متحدث باسم قوات الدعم السريع من أهمية هذه العقوبات، وقال إنها لن تؤثر ميدانيًا على قواتهم لأنهم يعملون على حماية السودانيين من عودة النظام البائد – حسب ما نقلت وسائل إعلام الأربعاء عقب سريان العقوبات.

بينما يعتقد عضو التيار الوطني نور الدين صلاح الدين في حديث إلى "الترا سودان" أن العقوبات الأمريكية على بعض قادة الدعم السريع جاءت نتيجة وصول "معلومات مؤكدة" إلى الولايات المتحدة تفيد بارتكاب هذه القوات انتهاكات ضد المدنيين خاصةً في ولاية غرب دارفور منذ 15 نيسان/أبريل الماضي.

ويرى صلاح الدين أن العقوبات الأمريكية سيكون لها "أثر إيجابي" في التقليل من الانتهاكات التي تقع على المدنيين في السودان.

آثار حريق في سوق للمواشي بشمال دارفور جراء الحرب
تلاحق الدعم السريع تهم بالضلوع في حرق أكثر من 27 قرية في دارفور خلال النزاع (Getty)

ويبقى السؤال إلى أي مدى يمكن أن تكون العقوبات الدولية على قادة الدعم السريع ناجعة في لجم الانتهاكات بالسودان. إذ يُطرح تساؤل بشأن مدى ديناميكية تنفيذها على الأرض لحماية المدنيين أو إنعاش الجهود السلمية؟

يقول محمد عبدالنبي إن العقوبات الأمريكية مؤثرة على الدعم السريع وقائدها الثاني تأثيرًا مباشرًا، وهي أدوات ضغط تحقق نقاط إيجابية لمصلحة حماية المدنيين، أبرزها –بحسب عبدالنبي– الكف عن التمادي في عمليات التجنيد المفتوحة، وانخفاض الانتهاكات تبعًا لذلك، علاوةً على تغيير المعادلة على الأرض ورفع خيار المفاوضات داخل الدعم السريع، أي تقديم تنازلات كبيرة تجعل الجيش يُفضل التفاوض – وفقًا لتحليله.

لكن الباحث في مجال الديمقراطية مجاهد أحمد يعتقد أن العقوبات الخاصة بحظر الكيانات الاقتصادية في العالم بواسطة الدول الكبيرة لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي قد تكون مفيدة في بعض الأحيان، لكن لا توجد "نتائج هائلة" تفرزها هذه العقوبات في كثير من الأحيان – بحسب تقديره.

ويرى مجاهد أن العقوبات الأمريكية على القائد الثاني للدعم السريع قد تؤتي أكلها إذا استشعر شقيقه "حميدتي" الخطر، خاصةً وأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لوح بإمكانية إصدار مذكرة اتهام ضد قادة الدعم السريع في نهاية تموز/يوليو الماضي، ضمن أدوات المجتمع الدولي لحمل قائد الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات وإنهاء النزاع المسلح في السودان.

الاصطفاف الدولي

لكن يعتقد الباحث مجاهد أحمد، في الوقت نفسه، بأن العقوبات ربما تكون مدخلًا لما أسماه "الاصطفاف الدولي" في حرب السودان، لافتًا إلى أن الطرف المتضرر قد يلجأ إلى دول معادية للولايات المتحدة الأمريكية لتحريك نشاطها الاقتصادي المحظور مثل روسيا. ويضيف مجاهد: "إذا كان الهدف من العقوبات تجفيف المصادر المالية للآلة الحربية لقوات الدعم السريع فإنها قد تكون مؤثرة، لكن ليس لدرجة تجفيفها بالكامل".

ويوضح مجاهد أحمد أن صدور مرسوم من قائد الجيش بحل قوات الدعم السريع وإلغاء قانونها المجاز من برلمان 2017 في عهد المخلوع عمر البشير، بالتزامن مع العقوبات الأمريكية على عبدالرحيم دقلو "ضربة موجعة" لقوات الدعم السريع "مهما قللوا منها"، لافتًا إلى أنها "مقدمة لتطورات قادمة لمصلحة وقف الحرب في السودان".