30-مايو-2024
الخرطوم بحري

وسعت القوات المسلحة من دائرة المناطق التي سيطرت عليها بالخرطوم بحري مؤخرًا، وتمكنت القوات الخاصة التي تتشكل من الأجهزة النظامية من الوصول إلى بعض الأحياء الواقعة شمال بحري. وتسيطر الدعم السريع على غالبية الأحياء السكنية والأسواق.

وكانت القوات المسلحة أكدت الثلاثاء أن الجيش أحرز تقدماً في بعض أحياء الخرطوم بحري وتمكن من طرد قوات الدعم السريع. هذه المعارك تعتبر الأولى من نوعها في مناطق قريبة من وسط الخرطوم بحري.

نفذت القوات المسلحة عمليات نوعية في طريق بري يربط بين مصفاة الجيلي ومنطقة الكدرو بالخرطوم بحري خلال الشهرين الماضيين. ويقول مراقبون عسكريون إن هذه العمليات أضعفت حلقات الربط داخل قوات الدعم السريع بمنطقة الخرطوم بحري.

تعاني الخرطوم بحري، المدينة التي تشكل العاصمة المثلثة مع الخرطوم وأم درمان، من انقطاع الكهرباء والاتصالات والمياه

تعاني الخرطوم بحري، المدينة التي تشكل العاصمة المثلثة مع الخرطوم وأم درمان، من انقطاع الكهرباء والاتصالات والمياه. يعتمد المواطنون على مياه الآبار أو الذهاب إلى النيل لجلب المياه.

ونتيجة انقطاع الاتصالات، يلجأ المواطنون والعاملون في "المطابخ الجماعية" إلى خدمة ستارلينك للتزود بالإنترنت واستقبال التحويلات المالية لتمويل "التكايا الإنسانية" التي توفر الطعام للمدنيين الذين امتنعوا عن النزوح، على الرغم من أن هذه المدينة شهدت أشرس المعارك في الأسابيع الأولى للحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023.

لا يزال الصراع في السودان يحول مدن مثل الخرطوم، عاصمة البلاد، والأبيض والفاشر إلى مناطق شبه محاصرة، مما يمنع دخول إمدادات الغذاء والدواء ويؤدي إلى انقطاع الكهرباء والاتصالات. تزداد حالة اليقين بعدم وجود بارقة أمل بالنسبة للمدنيين في هذه المناطق مع تراجع النقاشات بين الجيش والدعم السريع حول إمكانية توفير هذه الخدمات والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بتشغيلها وصيانتها.

يقول مجاهد أحمد، الباحث في مجال السلام، إن المدنيين لم يحصلوا على فرصة كافية لتمثيل أصواتهم داخل أروقة المجتمع الدولي والإقليمي الذي يتابع الشأن السوداني، عدا صوت واحد لفتاة سودانية تحدثت من منصة مجلس الأمن الدولي خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر الماضي.

يعتقد مجاهد أحمد، في حديث مع "الترا سودان"، أن المعارك الصغيرة في دائرة قطرها لا يتعدى كيلومتر واحد لا يمكن الاعتماد عليها لنقول وداعاً للحرب، لأن كل طرف يعمل وفق تكتيكات جديدة يستخدمها بشكل بطيء تطيل من أمد الحرب.

تابع: "الدعم السريع سيطرت على بحري ولا تزال منذ 15 شهراً، لكنها لم تتمكن من تشغيل أي مرفق خدمي أو دفع المواطنين للتطبيع مع الحياة، بل ارتكبت انتهاكات واسعة بحق المدنيين".

يرى أحمد أن مدينة مثل الخرطوم بحري، التي تقع على ضفاف النيل جميلة حتى بطقسها الساخن ومياهها الجارية، وقد تحولت إلى "مدينة كئيبة" بفعل الحرب والمعارك العسكرية التي اندلعت فوق رؤوس المنازل والمدنيين بلا هوادة.

ناشطة: الحرب حولت الخرطوم بحري إلى مدينة كئيبة

أردف أحمد: "الإستراتيجية التي نفذتها الدعم السريع منذ بداية الحرب تمثلت في محاصرة المناطق العسكرية، والمؤسف أنها كانت داخل الأحياء السكنية مثل المدرعات وسلاح المهندسين وسلاح الأسلحة. بالتالي، استولت الدعم السريع على الأحياء المحيطة بالمقار العسكرية وحولتها إلى منصات صاروخية لمهاجمة الوحدات العسكرية. الدعم السريع تتحمل أولاً مسؤولية الهجوم على الأحياء المدنية لأنها استخدمتها كقاعدة انطلاق على مقار الجيش".

تؤكد إسراء داؤود، الناشطة في المجال الإنساني وإحدى المشاركات في الاحتجاجات الشعبية ضد الانقلاب العسكري العامين الماضيين، إن الحرب حولت الخرطوم بحري إلى مدينة كئيبة، حيث يعيش معظم الناس وضعاً إنسانياً سيئاً مع انعدام ضروريات الحياة.

تقول إسراء داؤود لـ"الترا سودان" إن بعض المتطوعين يحاولون إحياء الأمل في أحياء شمبات وسط المدينة، لكن في ذات الوقت هناك أحياء أصبحت شبه خالية من المواطنين مثل الحلفايا.

قالت داؤود إن الحلفايا لم تنجُ من القذائف المدفعية التي طالت حتى المقابر، وتم نهب غالبية المنازل. لم يعد أمام المدنيين خيار سوى المغادرة، وهناك الشوارع تلفها الحزن.