28-أغسطس-2023

فقد العديد من المواطنين أوراقهم الثبوتية وتوقفت مصانعها جراء الحرب

مضت أشهر الحرب ثقال جدًا على لينة وأسرتها، فبعد أن قضوا (82) يومًا تحت وابل الرصاص والقذائف العشوائية في الخرطوم، نزحوا أخيرًا إلى الولاية الشمالية بعد طول انتظار، فالدخول إلى الأراضي المصرية كان يلفه شيء من الضبابية وقتها، حيث كانت الإجراءات تتغير سريعًا، بينما تفرض قيود جديدة في كل يوم. وفي المقابل تتواتر الأخبار عن تسهيلات جديدة ستطرأ عما قريب، مما دفع هذه السيدة وأسرتها للوقوع في فخ الانتظار، تارة في انتظار عودة التعامل بوثائق السفر، وتارة أخرى في انتظار قبول الجوازات الممدة وإضافة الأطفال. ومع اشتداد المعارك نزحوا إلى مدينة دنقلا حاضرة الولاية الشمالية كونها الأقرب من دولة مصر، وذلك في انتظار التعديلات المرتقبة في الإجراءات، والتي لم تطرأ حتى الآن، وانكسرت حلقة الانتظار أخيرًا بالإعلان عن فتح مصنع للجوازات بمدينة بورتسودان بعد أن أصبح العمل مستحيلًا في مصنع الجوازات بالخرطوم جراء الاشتباكات الدائرة في العاصمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من منتصف نيسان/أبريل الماضي.

إيجارات مرتفعة

تقول لينة محمد (19 عامًا) لـ"ألترا سودان"، إنهم يجدون أن مصر هي الخيار الأفضل لهم، خاصة فيما يخص تأمين منصرفات السكن والتي مهما ارتفعت في مصر لا يمكنها أن تضاهي تكلفة استئجار منزل في الولايات التي وصفتها بالمرتفعة، بحيث يتجاوز قيمة استئجار منزل (1000) دولار للشهر الواحد، فيما يؤمن لهم هذا المبلغ استئجار منزل لثلاثة أشهر في دولة مصر -بحسبما أفادت- ولكن أصبحت الجوازات حائلًا يمنعهم من الخروج من السودان والعبور إلى مصر، بحيث لا تملك هي جواز سفر، بينما تمتلك شقيتها جوازًا غير سارٍ.

سيتم عقد مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 30 آب/أغسطس الجاري للإعلان عن المواقع التي سيستخرج فيها الجواز

وتضيف أن مصر كانت تسمح بالدخول إلى أراضيها من خلال وثيقة السفر والجوازات الممددة، الأمر الذي انتفى حسب قرارات أصدرتها السلطات المصرية، ليصبح مصنع الجوازات هو الخيار الوحيد الذي سيحررهم من تحمل أجرة المنازل الباهظة في الولايات.

استخراج الجواز

في تصريح لوكالة السودان للأنباء، قال الناطق الرسمي للشرطة العميد فتح الرحمن محمد التوم إنه سيتم عقد مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 30 آب/أغسطس الجاري للإعلان عن المواقع التي سيستخرج فيها الجواز بعد اكتمال كافة الترتيبات المتعلقة بعمل المصنع، وأضاف أن المواطنين يمكنهم استخراج الجوازات من أي ولاية، ولا يشترط في استخراجه الحضور إلى مدينة بورتسودان.

وفي ذات السياق اكتملت الترتيبات لانطلاق عمل مصلحة الجوازات بولاية نهر النيل بحسب تصريح لمدير إدارة الجوازات العقيد شرطة محمد تاج السر، وذلك يوم السبت الموافق 26 آب/ أغسطس الجاري.

https://t.me/ultrasudan

ويضيف أنه تم فتح أربعة نوافذ للخدمة في كل من محليتي عطبرة وشندي، فيما أكد وجود الطاقم الهندسي للإدارة في مدينة شندي للقيام بمهام البرمجة والتبسيط والحسابات، ويأتي ذلك بعد اكتمال العمل بمدينة عطبرة، فيما تبقت الخطوة الأخيرة والمتمثلة في ربط نظام جوازات الولاية بالمصنع، والذي توقع إنجازها خلال الأسبوع القادم.

ازدياد اللجوء

الخبير المجتمعي محمد علي يقول في حديث لـ"الترا سودان" أن مصنع الجوازات المزمع افتتاحه في بورتسودان سيساهم بشكل كبير في ازدياد رقعة اللجوء نتيجة للأحداث العنيفة الدائرة في الخرطوم وعدد من ولايات غرب السودان، ويضيف أن عدد من المواطنين الذين نزحوا للولايات اضطروا للخروج مجبرين من منازلهم ، الأمر الذي نتج عنه فقدانهم لأوراقهم الثبوتية من ضمنها الجوازات والتي حالت دون سفرهم إلى دول أخرى، خاصة وأن عددًا منهم ليس لهم أقارب في الولايات، ليجدوا أنفسهم في مواجهة الإيجارات المرتفعة.

ويضيف علي أن هذه الخطوة من شأنها أن تقدم تسهيلات كبيرة لفئة المرضى التي عانت كثيرًا في هذه الفترة جراء انهيار القطاع الصحي بسبب الحرب الدائرة في العاصمة الخرطوم، والتي تعتبر قبلة للمرضى في أنحاء البلاد، فيما تفتح آفاق جديدة للشباب الطامحين في العمل خارج السودان، خاصة بعد تسريح عدد كبير من موظفي القطاع الخاص، وعلل ذلك بإحجام المستثمرين عن العمل في السودان ونقل نشاطاتهم خارج البلاد.

وجدت خطوة افتتاح مصنع للجوازات بمدينة بورتسودان استحسان المواطنين

ووجدت خطوة افتتاح مصنع للجوازات بمدينة بورتسودان استحسان المواطنين، كونها ستساعدهم في السفر بشكل قانوني خارج البلاد، خاصة في ظل ضعف الخدمات الطبية في البلاد، وحاجة الشباب للبحث عن عمل بعد أن أغلقت معظم المؤسسات أبوابها وتوقف المستحقات المالية لموظفيها، وفي المقابل يرى خبراء أن المصنع سيساهم في زيادة عدد اللاجئين السودانيين في المنطقة، خاصة في ظل عدم وجود أي حلول للأزمة السودانية تلوح في الأفق.