في تمام الواحدة والنصف منتصف النهار، وبمحاذاة حديقة القرشي من الجهة الشمالية الشرقية؛ يجلس طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة على كرسي متحرك، يُدعى "أيوب" يضع علم السودان على كتفيه، في انتظار الثوار القادمين من محطة "باشدار" التي تتجمع فيها مواكب الخرطوم بحسب ما أعلنت لجان المقاومة بالعاصمة، حيث يتوافد المحتجون منذ الحادية عشر والنصف صباحًا، ومن ثم تتحرك المواكب باتجاه قلب العاصمة الخرطوم، مرورًا بعدة محطات ومواقع تتلاقى فيها المواكب وتستكمل طريقها معًا.
أصبح "أيوب" واحدًا من المحطات الرئيسية لكل الثوار وهم في مسارهم نحو القصر الجمهوري بالخرطوم
بمرور الزمن أصبح "أيوب" واحدًا من تلك المحطات الرئيسية لكل الثوار وهم في مسارهم نحو القصر الجمهوري بالخرطوم، حيث يهتفون بشعاراتهم الثورية ويحملونه على الأكتاف، وهم يرددون الشعارات الثورية (يا عازة عاوز أكتب، ثوار أحرار) ويختمونها بالنشيد الوطني، وقد وصلوا إلى أماكن تجمعهم المحددة مسبقًا، لإيصال رسالتهم السلمية التي تقابلها الأجهزة الأمنية بقوة مفرطة اتجاه شباب أعزل.
كان "أيوب" ينتظر قدوم الثوار اليه يوم الخميس الموافق 17 شباط/فبراير كالمعتاد عند كل موكب، إلا أن "غنجة" كما يسميها الثوار أفسدت عليه الانتظار، لأنها كانت في محطة سبعة بشرق الخرطوم حيث كان "أيوب" يأمل بلقاء اصدقائه الثوار كعادته في كل المليونيات.
يحكي والد "أيوب" محمد أحمد المصباح ويقول، إن "أيوب" يعاني من نقص في الأوكسجين "ضمور في المخ" منذ صغره، حيث يبلغ العشرين عامًا. موضحًا أنهم قدموا إلى الخرطوم من ولاية سنار وسط السودان بحثًا عن علاج لابنهم الذي ولد بنقص في الأوكسجين، حيث تتكون عائلة "أيوب" من أربعة أفراد بالإضافة إلى عمته التي تسكن معهم حيث يعمل والد "أيوب" بقطاع السكة حديد بجانب أنه سائق "ركشة"، تساعده في تغطية تكاليف المعيشة. مبينًا أن "أيوب" كان يتداوى بالعلاج الطبيعي إلا أنهم أوقفوه بسبب زيادة التكلفة بالإضافة إلى الأدوية والفيتامينات التي يحتاجها.
ويضيف مصباح أن أيوب كان منذ بداية المظاهرات بالخرطوم يتابع الأخبار عبر التلفزيون، خاصة (سودان بكرة ، الجزيرة مباشرة) اللتان كانتا تنقلان جميع المواكب بالخرطوم قبل الإطاحة بالإنقاذ وبعدها، حيث كنا نتحدث عن بسالة الثوار وأنهم على حق وأن الحق ينتصر ولو بعد حين، من ثم بدأنا نلاحظ عليه حالة الفرح التي تحدث له عندما يسمع الهتافات التي كان يهتف بها الثوار بالخارج وعبر الفيديوهات وذلك عبر صرخات يصدرها تعبيرًا بالفرح .يستعد "أيوب" للموكب ككل الثوار وهو يعلق علم السودان القديم والجديد بين جانبي كرسيه ولافتة مكتوب فيها (الشعب أقوى والردة مستحيلة) بجانب أخرى مكتوب عليها (مدنيااااااو)، وفي حالة تأخر والده في تجهيزه، يصرخ "أيوب" حتى لا يفوت زمن الموكب واللقاء بأصدقائه الثوار وسط الخرطوم قبل ذهابهم إلى القصر في الاحتجاجات المتوجهة إلى هناك، فبيت "أيوب" بات محطة رئيسية لهم.
اقرأ/ي أيضًا
اعتصام اليوم الواحد بأمدرمان... فعاليات ثورية والشرطة تهجم على المتظاهرين