تعتبر قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان، من أكثر القضايا التي تتطلب تعزيز الاهتمام، ويشكو ذوو الإعاقات من الإهمال المتمثل في تدهور البيئة المساعدة على الاندماج ومراعاة احتياجاتهم الخاصة، الأمر الذي ظلوا يعبرون عنه على الدوام عبر تنظيماتهم وأجسامهم المختلفة. وبعد تولي الحكومة الانتقالية الحالية دفة السلطة في السودان، يأمل ذوو الإعاقة في واقع ينقلهم للأفضل وينهي معاناتهم، فما هي أبرز أبرزالتحديات التي يواجهونها، وهل ستنجح الحكومة الانتقالية في تنفيذ مطالب الأشخاص ذوي الإعاقة وإنهاء التمييز ضدهم وتمكينهم من العيش الكريم وإدماجهم في المجتمع؟
أوضاع حرجة
يمثل أصحاب الإعاقة نحو (4.8%) من جملة سكان السودان، ويعيش حوالي (14.4%) منهم في ولاية الخرطوم بحثًا عن الخدمات
ويمثل أصحاب الإعاقة نحو (4.8%) من جملة سكان السودان، ويعيش حوالي (14.4%) منهم في ولاية الخرطوم التي ينزح إليها غالبهم بحثًا عن التعليم والعمل والخدمات، وفي الوقت ذاته يعاني ذوو الإعاقات من إقصاء وتمييز في القطاع الخدمي وسوء تعامل في تلقي الخدمات التعليمية والصحية، حيث يعانون بمختلف فئاتهم من تعليم منفصل بعيدًا عن المؤسسات التعليمية العامة، وكذلك يعانون من غلاء أسعار الأجهزة الطبية لكل فئات الإعاقة وعدم توفرها داخل مظلة التأمين الصحي.
إقرأ/ي أيضًا: قرار وشيك بتحويل "الرباط" إلى جامعة خاصة وإقالة عشميق من إدارتها
وكان النظام المخلوع قد أعلن العام 2018، عامًا للأشخاص ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، ووجه جميع الوزارات والهيئات والوحدات الحكومية بتسهيل دمجهم وتعجيل حل قضاياهم، إلا أن تلك القضايا ظلت باقية ومتراكمة مثلما كانت قبل العام 2018.
وحسب التعداد السكاني الخامس والذي تم في العام 2008، فقد بلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة مليون و(854) ألف و(985) نسمة، بما يعادل نسبة (4.8%) من إجمالي عدد السكان.
كما صادق السودان على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبرتوكول الملحق بها في 25 نيسان/أبريل 2009.
وتعد مشكلة العمل إحدى الأزمات الأساسية التي تواجه ذوي الإعاقة، حيث يعانون في الوصول لوظائف تناسب أوضاعهم، بجانب إقصائهم من فرص التوظيف المتساوية والنظر لإعاقاتهم باعتبارها نقصًا في التأهيل، ورغم وجود لوائح تفرض وجود أصحاب الإعاقة في مؤسسات الدولة، إلا أن وجودهم في المؤسسات العامة والخاصة يعتبر ضئيلًا.
اقرأ/ي أيضًا: وحدة تنفيذ السدود تستغني عن 58 عاملأ.. ما السبب؟
نظرة حكومية
وفي هذا السياق أوضحت مديرة إدارة المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة العمل، سعاد الطيب حسن لـ "ألترا سودان"، إن الإدارة تهتم بتوفير العمل الكريم لكل فئات ذوي الإعاقة، وأشارت إلى وجود قرارات حاسمة في الوزارة لزيادة نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة العاملين في مؤسسات الدولة، وكشفت عن تشكيلهم لجان تفتيش للواحدات والهيئات الحكومية، ولفتت، إلى أن مؤسسات القطاع العام ملزَمة حسب لائحة الخدمة لعام 2007 باستيعاب ما لا يقل عن (2%)، ونبهت في الوقت ذاته إلى خطتهم لزيادة النسبة إلى (5%)، وأبانت أن القطاع الخاص غير ملزم بتلك اللائحة، وكشفت عن اتجاههم لدراسة وضع القطاع الخاص وإمكانية تحفيزه للعمل بها، وقالت: "نناشد القطاع الخاص بزيادة نسبة ذوي الإعاقة في الوظائف، وهي فئة مهمة في المجتمع".
تحديات ماثلة
ويتذمر أصحاب إعاقات من الوضع الحالي باعتباره جزءًا من تركة النظام المخلوع الذي قالوا إنه عقّد واقع الإعاقة إلى حد كبير واخترق العمل العام في اتحادات الإعاقة وجيّرها لصالح الحزب الواحد، وكان يضع العراقيل أمام الاتحادات التي تفوز بها قوائم مناوئة له ويمنعها من الدعم والخدمات والميزانيات الكافية، الأمر الذي يرى البعض إنه ما زال قائمًا حتى بعد استلام حكومة الفترة الانتقالية بسبب عجزها عن توفير بيئة ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة وعدم وضوح الرؤية فيما يخص التعامل معهم.
أحكام بائدة
ومن جانبه قال رئيس التنسيقية القومية للأشخاص ذوي الإعاقة فخر الدين عوض حسن لـ "ألترا سودان"، إن النظام المخلوع خرّب البلاد ولم يكن المعاقين بعيدين عن ذلك الخراب، وأوضح أنه خلال تلك الفترة وصل الإقصاء إلى حد منع أي معاق من الخدمات ما لم يكن منتميًا لحزب المؤتمر الوطني.
اقرأ/ي أيضًا: قانون مقترح للشرطة يعزز سلطات وزير الداخلية.. التفاصيل الكاملة!
ولفت فخر الدين، إلى أن الخدمات المقدمة لذوي الإعاقة كانت تأتي عبر اتحاداتهم التي اعتبر أن أغلبها يمثل مظلات للمؤتمر الوطني، ونوه إلى أن طبيعة السلطة أدت إلى تحويل الخدمات الخاصة بهم إلى سوق احتكاري، واتهم نافذين في النظام السابق باحتكار سوق العصا البيضاء، وأضاف: "وقتها كان لا يحق لذوي الإعاقة المعارضين للسطة الترشح في انتخابات الاتحادات المختلفة".
خطوات في الطريق
رئيس التنسيقية يرى أن المجتمع بأكمله ملزم بالاهتمام بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة ويشدد على إعادة هيكلة المؤسسات الخاصة بهم
وانتقد رئيس التنسيقية القومية، بطء حكومة الفترة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، في القيام بالدور المطلوب باتجاه ذوي الإعاقة، رغم أن رئيس الوزراء كان قد وجه قوى الحرية والتغيير، بإعداد برنامج إسعافي خاص بتلك الفئات.
ورأى فخر الدين، أن المجتمع بأكمله ملزم بالاهتمام بقضايا ذوي الإعاقة، وناشد الدولة لإعادة النظر فيما يخص تلك القضايا، وشدد على ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات التي تخصهم.
اقرأ/ي أيضًا
تظاهر جامعيّات بالخرطوم: نتعرّض لحوادث ضرب وسرقة!
الحكم على قتلة "أحمد الخير".. تجدّد الأمل بالعدالة ومحاسبة النظام البائد