19-نوفمبر-2021

خرج المتظاهرون منذ الوهلة الأولى لإجراءات البرهان (EPA)

رغم عزل السودانيين عن وسائل الاتصالات بحظر المكالمات الهاتفية علاوة على إيقاف شبكة الإنترنت لأكثر من 20 يومًا، تظاهر السودانيون في شوارع العاصمة والمدن الأربعاء استجابة لمليونية 17 تشرين الثاني/نوفمبر الداعية لإسقاط الانقلاب العسكري في البلاد، فيما استبقت قوات الشرطة الشوارع الرئيسية لمنع المحتجين من الوصول إلى النقاط المعلنة.

وانتشرت قوات الشرطة في وقت مبكر من الصباح في الشوارع الرئيسية بمدن العاصمة فيما جرى إغلاق الجسور الرئيسية  بين مدن العاصمة الثلاثة وتزامنت هذه الإجراءات مع تعطيل شبكة المحادثات الهاتفية منذ العاشرة صباحًا بالتوقيت المحلي.

تقطع أوصال المواكب

وهدفت الإجراءات الأمنية التي وصفها تجمع المهنيين بالانتهاكات المريعة إلى تقطيع أوصال المليونية، لكن رغم الترسانة الأمنية الواسعة النطاق تمكن آلاف المتظاهرين من الوصول إلى النقاط المعلنة بدءًا من شارع الشهيد عبدالعظيم (الأربعين) بمدينة أم درمان حيث تجاوز آلاف المتظاهرين التشكيلات الأمنية التي انتشرت في الشارع.

شاهد عيان لـ"الترا سودان": الكر والفر بين المحتجين وقوات الأمن استمر لساعات قبل أن يُسمع دوي إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي الذي أسفر عن وقوع عدد من الشهداء

وتحرك المحتجون في شارع الشهيد عبدالعظيم لمسافات طويلة قبل أن تعود قوات الأمنية لإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة، لكن تصميم المتظاهرين كان أكثر قوة لأنهم تظاهروا لأكثر من ساعتين في هذا الشارع الحيوي والذي تحول إلى اعتصام مؤقت حسب ما أعلنت تنسيقية لجان مقاومة أم درمان قبل ساعات من مليونية 17 تشرين الثاني/نوفمبر.

اقرأ/ي أيضًا: ارتفاع حصيلة الضحايا في احتجاجات 17 نوفمبر إلى 15 قتيلًا برصاص الأمن

وذكر شاهد عيان من شارع الشهيد عبدالعظيم في حديث لـ"الترا سودان"، أن "الكر والفر بين المحتجين وقوات الأمن استمر لساعات قبل أن يُسمع دوي إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي الذي أسفر عن وقوع عدد من الشهداء وإصابة العشرات، فيما توقع زيادة العدد جراء الحالات الحرجة التي نقلت إلى المستشفى".

ولم تكتف السلطات العسكرية بالإجراءات الأمنية في النقاط الرئيسية للتجمعات السلمية بل عززتها بإحكام السيطرة على الجسور الرئيسية بين مدينتي الخرطوم وأم درمان قبالة كبري النيل الأبيض الرابط بين أم درمان والخرطوم، حيث مقار القصر الرئاسي ورئاسة مجلس الوزراء والمؤسسات الحكومية والأمنية والعسكرية، فيما انتشرت مدرعات على مقربة من الجسر لمنع تقدم المتظاهرين من شارع الشهيد عبدالعظيم.

واعتمدت قوات الأمنية في إجراءاتها منذ مليونية 13 تشرين الثاني/نوفمبر وحتى 17 تشرين الثاني/نوفمبر على تقطيع أوصال الحشود بالسيطرة الاستباقية على نقاط التجمع، ففي الخرطوم سارعت قوات الشرطة للانتشار في نقطة قريبة من محطة "سبعة" بضاحية الصحافة جنوبي العاصمة منذ وقت مبكر من صباح الأربعاء فيما توافد الآلاف من المتظاهرين في تمام الساعة الواحدة ظهرًا بالتوقيت المحلي بعد أن أظهروا تصميمًا على التظاهر.

كسر الطوق الأمني

وتمكن الآلاف من المحتجين السلميين من تحدي الطوق الأمني والتظاهر في نقطة محطة سبعة بالصحافة جنوبي العاصمة، ورددوا هتافات مناوئة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، وبدا المتظاهرون أكثر رفضًا لعودة الشراكة بين المدنيين والعسكريين.

ويوضح "حسن ك" (35 عامًا) وهو أحد منظمي الحراك السلمي جنوب العاصمة لـ"الترا سودان"، أن الوقت انتهى لقبول الشراكة بين المدنيين والعسكريين وقال: "سنرتب لسلسلة تظاهرات وصولًا إلى مليونية واسعة جدًا في شهر كانون الأول/ديسمبر القادم، وقد تكون مقار رئيسية للحكومة هدفًا للحشود السلمية لإجبار السلطة العسكرية على التنحي".

الحشود السلمية في محطة سبعة قاومت عبوات الغاز المسيل للدموع لساعات طويلة وارتكزت قوات الشرطة على بعد ثلاثة كيلومترات شمال موقع الاحتجاجات في طريق رئيسي يؤدي نحو القصر الرئاسي الذي يبعد نحو عشرة كيلومترات عن محطة "سبعة".

بينما داهمت قوات الأمن آلاف المحتجين في شارع الستين والذي أصبح نقطة رئيسية للتجمعات السلمية منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر الماضي قبل ثلاثة أيام من إعلان الانقلاب العسكري، وتظاهر الآلاف في هذا الشارع الحيوي شرق العاصمة الأربعاء وتمكنوا من الوقوف لساعات متحدين إجراءات أمنية كثفت من إطلاق عبوات الغاز، فيما أكد تجمع المهنيين السودانيين أن قوات المجلس العسكري أطلقت الرصاص الحي بكثافة في شارع الستين.

وفي  في حي بري شرق العاصمة نظم آلاف المتظاهرين بشارع المعرض اعتصامًا استمر حتى وقت متأخر من الليل، وبفعل التحصينات العالية لموقع الاحتجاج نجح المحتجون في إحياء الفعالية لأن الشارع الرئيسي الذي أقيم فيه الاعتصام وجرى تحصينه بالكتل الخرسانية منذ صبيحة الانقلاب.

وكما درجوا منذ عهد نظام عمر البشير لم يستلل اليأس الى آلاف المحتجين السلميين بضاحية جبرة عقب وصول مواكب الكلاكلات إلى نقطة تجمع رئيسي بشارع جبرة وهو شارع حيوي حيث أجبر المتظاهرون قوات الشرطة على التراجع وإخلاء الموقع وتمكنوا من الوصول إلى محطة سبعة.

وقال مهدي أحمد (23 عامًا) لـ"الترا سودان"، إن المتظاهرين لم يشعروا باليأس من انتشار الشرطة في مناطق التجمعات بل هناك تكتيكات متعددة لجأنا إليها لقد أرهقنا قوات الأمن حتى اضطرت إلى المغادرة ومن ثم شق الموكب السلمي طريقه نحو نقطة التجمع الرئيسية في الصحافة وهو حي مجاور لأحياء جبرة.

مجزرة الخرطوم بحري

وفيما يتعلق بالاحتجاجات الشعبية في مدينة الخرطوم بحري شمال العاصمة؛ استخدمت قوات الأمن -بحسب بيان تجمع المهنيين السودانيين- القمع المفرط للمحتجين السلميين، وقتل العدد الأكبر من المحتجين بالرصاص، بينهم خمسة شهداء في منطقة واحدة قريبة من حي الشعبية الذي حوصر تمامًا بالقوات الأمنية، ولم تستجب لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها الأطقم الطبية ونقل عشرات المصابين إلى المستشفى الدولي بالخرطوم بحري.

قالت إسلام توفيق (33 عامًا) والتي شاركت في احتجاجات الخرطوم بحري لـ"الترا سودان"، إن قوات الشرطة انتشرت منذ وقت مبكر ومنعوا المتظاهرين من الوصول إلى النقاط الرئيسية و كثفوا من عبوات الغاز في الشوارع داخل الأحياء وأجبروا مئات المتظاهرين من التواجد داخل الأحياء ومنعهم تقدمهم إلى الشوارع الرئيسية سيما حي المؤسسة الذي يعد نقطة تجمع رئيسية لعشرات الآلاف المتظاهرين السلميين.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات للأطباء رفضًا للانقلاب وتشييع الطفلة "ريماز" شهيدة مليونية 13 نوفمبر

وترى هذه الفتاة أن الحزن خيم على أحياء مدينة الخرطوم جراء مقتل (15) محتجًا وإصابة أكثر من (100) شخص نقلوا إلى المستشفى الدولي، مشيرة إلى أن قوات الأمن كانت تمنع وصول المصابين إلى المستشفى واضطرت الأطقم الطبية إلى استخدام بعض المنازل لعلاج الجرحى.

نفت الشرطة مقتل (15) شخصًا في المليونية

وأشارت إسلام توفيق إلى تشييع المواطنين للشهداء الذين سقطوا برصاص المجلس الانقلابي ومن بينهم الثائرة "ست النفور" التي اعتادت على إحياء المواكب السلمية وهي تتلفح علم بلادها.

ونفت الشرطة مقتل (15) شخصًا في مليونية 17 تشرين الثاني/نوفمبر، وقالت إن قتيلًا سقط في الخرطوم بحري إلى جانب إصابة العشرات وقتل شرطي أيضًا.

وتدخل الاحتجاجات الشعبية في السودان أسبوعها الثالث عقب الانقلاب العسكري في 25 تشرين الأول/أكتوبر الشهر الماضي، ولا يزال العسكريون يواصلون في الإجراءات الأحادية بالترتيب لتشكيل حكومة مدنية بينما تتعثر جهود المجتمع الدولي سيما الولايات المتحدة الأميركية في الوصول لاتفاق في ظل فشل الوساطات المحلية والإقليمية.

اقرأ/ي أيضًا

مآلات الانتقال السياسي في السودان بعد انفراد المكوّن العسكري بالسلطة

الأمم المتحدة قلقة من تحركات البرهان "الأحادية" وتحذّر من التصدي للاحتجاجات