25-أكتوبر-2022
محتجون يحملون علم السودان

يعبر العديد من السودانيين عن رفضهم للحكم العسكري في البلاد في احتجاجات أكملت عامها الأول (Getty)

في أنحاء عدة في البلاد، سيتظاهر الآلاف بالتزامن مع الذكرى الأولى للانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية في السودان، الأمر الذي عطل الحياة العامة في هذا البلد الذي يواجه أيضًا اضطرابات أمنية في بعض الأقاليم. ويقول معارضون إن الجيش يحاول الاحتفاظ بالسلطة لمدى طويل.

بالنسبة للمجتمع الدولي، فإن الاستقرار قد يكون أولوية على الديمقراطية التي قد يتطلب تثبيتها وقتًا طويلًا

وكان السفير الأمريكي الذي وصل الخرطوم نهاية آب/أغسطس 2022، لأول مرة منذ (25) عامًا تعين فيها الولايات المتحدة دبلوماسيًا بدرجة سفير، حيث يبدو أنه في مهمة القصد منها الضغط لـ"إنشاء استقرار". وكان السفير قد حذر من أن الأوضاع قد تتجه إلى العنف، وذلك حال لم يتمكن المدنيون والعسكريون من الانخراط في محادثات للوصول إلى اتفاق قبل الذكرى الأولى للانقلاب.

وقد يُلقي بعض معارضي العسكريين اللوم على الولايات المتحدة الأميركية، كونها لم توقع عقوبات قاسية على الجنرالات الذين أطاحوا بالحكومة الانتقالية العام الماضي، وفضلت سياسة "الجزرة والعصا"، وهي ذات النهج الذي استخدمته ضد نظام المخلوع. 

لكن بالنسبة للمجتمع الدولي، فإن الاستقرار قد يكون أولوية على الديمقراطية التي قد يتطلب تثبيتها وقتًا طويلًا، أو مخاطرة بالاستقرار، ما قد يؤدي لتفكك هذا البلد الذي يعد من البلدان المهمة استراتيجيًا ضمن دول الإقليم.

ويقول المحلل الدبلوماسي عمر عبد الرحمن لـ"الترا سودان"، إن بيان الآلية الثلاثية والمجتمع الدولي ممثلًا في مجموعة الترويكا، كان واضحًا حيال الوضع في السودان. البيانان صدرا قبل ساعات من ذكرى الانقلاب، حيث طالبا بابتدار الحوار بين المدنيين والعسكريين للتوصل لاتفاق.

وأشار عبد الرحمن إلى أن المجتمع الدولي لا يفكر بطريقة "رغبة الجماهير"، والفاعلون الدوليون يفضلون التعامل مع الأمر الواقع.

وقال إن الإدارة الأميركية لا تضع السودان أولوية، وفضلت إيكال الملف إلى السفير ليعمل ضمن الرباعية الدولية، لكن في ذات الوقت تتحكم واشنطن على الملف، وقد تتدخل إذا لم تسر الأمور جيدًا.

https://t.me/ultrasudan

ومع اقتراب الذكرى الأولى للانقلاب العسكري، صعد المحتجون الغاضبون على السلطة العسكرية، من الحركة الاحتجاجية، وأعلنوا إشعال الإطارات في العاصمة الخرطوم مساء الاثنين، ضمن الحراك السلمي الذي يبدأ الثلاثاء بمواكب إلى القصر الرئاسي.

وقال عمر سعيد وهو متظاهر شمال الخرطوم، لـ"الترا سودان"، إن الرهان على الاحتجاجات فقط، لأن السودانيين عندما خرجوا ضد نظام البشير لم يكن المجتمع الدولي غاضبًا عليه، بل كان يسعى لإعادته إلى المجتمع الدولي - حد قوله.

ويقول هذا المتظاهر إن الديمقراطية تجلبها الشعوب لا الدول التي تدير الوضع مع البلد المعني حسب المصالح المشتركة، وإذا أرادت مصالحها فنحن لدينا مصالحنا أيضًا.

وعلى الرغم من الإطاحة بنظام البشير وتكوين سلطة انتقالية مناصفة بين العسكريين والمدنيين في آب/أغسطس 2019، إلا أن الدعم الدولي للمدنيين الذين وقع عليهم عبء الاقتصاد المتدهور، لم يكن بالمستوى المطلوب.

وطلب رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك، في أيلول/سبتمبر 2019 من المجتمع الدولي مساعدته بوضع ثمانية مليارات دولار في البنك المركزي لإنقاذ الاقتصاد، لكن حتى وقت الإطاحة بحكومته في تشرين الأول/أكتوبر 2021، لم تتلقى أكثر من (200) مليون دولار، وكانت أربعة مليارات دولار عبارة عن تعهدات أغلبها قروض من البنك الدولي، مقابل إصلاحات فاقمت من صعوبة الوضع المعيشي للسودانيين.

محلل في مركز للحوكمة والسلام: عزوف المجتمع الدولي عن مساعدة السودان أو دعمه للحوار مع العسكريين، يعود إلى مخاوفه من تفكك هذا البلد

ويقول محمد حسين المحلل في مركز للحوكمة والسلام في تصريح لـ"الترا سودان"، إن عزوف المجتمع الدولي عن مساعدة السودان أو دعمه للحوار مع العسكريين، يعود إلى مخاوفه من تفكك هذا البلد.

وأضاف: "يتطلب عمل الكثير ليتحقق التحول الديمقراطي، وربما هناك ثورة شعبية واسعة اجتماعيًا لكن على المستوى السياسي هناك ضعف وانقسام بين القوى المدنية، يشعر حياله الفاعلون الدوليون بالقلق".