15-أكتوبر-2023
وزير الخارجية الأمريكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي

وزير الخارجية الأمريكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (Getty)

من ينظر إلى تصريحات الإدارة الأمريكية ولا سيما وزيرا خارجيتها ودفاعها منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" في غلاف غزة بفلسطين، يلاحظ بوضوح كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية خرجت عن "اتزانها المعهود" من خلال ردة الفعل الصارمة التي جاءت على لسان دبلوماسيين كبار.

ستختلف أوراق اللعبة لدى الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت نفسها دائمًا على أنها من "رعاة السلام" في العالم بدبلوماسيتها التي فقدت "نعومتها" عقب "طوفان الأقصى"

وصل وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين تباعًا إلى تل أبيب فور بدء الحرب بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية عقب "طوفان الأقصى". وصرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن تهديد أمن إسرائيل مرفوض تمامًا، في حين لم يكتفِ وزير الدفاع الأمريكي بالتصريحات الروتينية، وقال إنه جاء إلى تل أبيب للتأكد مما إذا كانت إسرائيل تمتلك أسلحة للدفاع عن نفسها.

اللافت أن وزير الدفاع الإسرائيلي تحدث عن "إبادة المقاومة الفلسطينية" على مسمع ومرأى وزير الدفاع الأمريكي الذي اكتفى بنظرات الإعجاب خلال المؤتمر الصحفي الجمعة.

أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فقد نفذ جولة في الشرق الأوسط، شملت خمس دول، أبرزها: السعودية وقطر والبحرين، ومع أن الجولات في ظاهرها مباحثات سلام في الشرق الأوسط، لكن في باطنها ربما دعا الوزير الأمريكي هذه الدول إلى الاضطلاع بدور "حاسم" في إطفاء الحرب بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.

https://t.me/ultrasudan

وإن استمر "طوفان الأقصى" ربما تجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها تقاتل على جبهتين، الأولى في أوكرانيا ضد روسيا، والثانية في الشرق الأوسط التي كانت إرهاصاتها ظاهرة للعيان من خلال انكفاء المجتمع الدولي على نفسه تاركًا الجيش الإسرائيلي ينفذ "استفزازات" في الأقصى ويعمل على تهجير قسري للفلسطينيين.

ستختلف أوراق اللعبة لدى الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت نفسها دائمًا على أنها واحدة من "رعاة السلام" في العالم من خلال دبلوماسيتها التي فقدت "نعومتها" عقب عملية "طوفان الأقصى".

https://t.me/ultrapalestine

هذا "العالم المتوحش" في اقتصاده وعتاده العسكري وحروبه الناعمة والعنيفة ربما لن يكون ذلك المكان المفضل لدى صانعي القرار داخل أروقة المجتمع الدولي في الفترة المقبلة، فهناك تغييرات ستطرأ على موازين القوى، وقد يُسحب البساط من تحت "أرجل القوى العظمى"، كما يحدث في الشرق الأوسط في الأعوام الأخيرة من صعود قوي لبعض الدول العربية طارحةً مبدأ "الندية" لا تمرير المصالح.

يمكن قراءة جولة بلينكن في الشرق الأوسط –والتي شملت السعودية وقطر والأردن والبحرين– على أنها محاولة لتفسير الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ردًا على "طوفان الأقصى" وتسويق فكرة أن إسرائيل تدافع عن نفسها، وذلك لتهدئة مخاوف أمريكية إزاء توسع نطاق الحرب في المنطقة، خاصةً مع "الامتعاض" البائن لدى الشعوب العربية والإسلامية من قمع السلطات الإسرائيلية لحراك الفلسطينيين في الشهور الماضية.

https://t.co/TsHIHXYWv4

وتأتي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي إلى جانب نظيره الأمريكي المتعلقة بالاجتياح البري لقطاع غزة لإبادة "حركة حماس"، وهي مهمة وجدت "الموافقة الأمريكية" من البيت الأبيض، وهذه العملية تستهدف "تحطيم المقاومة" في قطاع غزة بالكامل. وفي هذا الصدد، فإن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت المشورة العسكرية والاستخباراتية إلى جانب الأسلحة المتدفقة إلى إسرائيل من الولايات المتحدة، لكن في الوقت نفسه، فإن الهجوم على قطاع غزة والذي تأجل من نهاية الأسبوع الحالي إلى وقت لاحق بسبب الظروف الجوية حسبما نقلت "رويترز" عن ضباط في الجيش الإسرائيلي، فإن حياة ملايين المدنيين في قطاع غزة في خطر بالغ.

الانتقادات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة بحق إسرائيل قوبلت بالاستهجان، وهي انتقادات عنيفة صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وتعد هذه الانتقادات لافتة في مسيرة الأمم المتحدة التي ربما "سئمت" من تصرفات إسرائيل بحق المدنيين في قطاع غزة. كل هذه العوامل تجعل جيش الاحتلال الإسرائيلي "يتحسس" موطأ أقدامه قبل الإقدام على العملية البرية المخطط لها في قطاع غزة.

ومن خلال تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع أزمة الشرق الأوسط الجديدة والمستمرة منذ وقت طويل، وعقب "طوفان الأقصى" وردة الفعل الإسرائيلية، فإن أقصى ما بلغته واشنطن هي تصريحات متواترة عن وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين عن أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة.

ومع ذلك، فإن تقديم الولايات المتحدة الأمريكية حاملة الطائرات "أيزنهاور" نحو الشرق الأوسط لضمان حماية أمن إسرائيل مقدمة لحرب طويلة حتى وإن هدأت الآن، فلن تهدأ طويلًا.