09-أكتوبر-2023
مظاهرات مؤيدة لعملية "طوفان الأقصى" في لبنان

مظاهرات لبنانية مؤيدة لعملية "طوفان الأقصى" (Getty)

من الواضح أن الوضع في إسرائيل لن يكون شبيهًا بمرحلة ما قبل عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) بإطلاق نحو خمسة آلاف صاروخ تجاه "غلاف غزة" قبالة المستوطنات الإسرائيلية التي تسعى تل أبيب إلى تشييدها منذ شهور عديدة.

باحث لـ"الترا سودان": طوفان الأقصى بداية النهاية لإسرائيل نتيجة سلسلة طويلة من الأزمات الداخلية التي انفجرت حاليًا

تشعر إسرائيل بالذهول حيال هذه العملية المباغتة التي أربكت المشهد تمامًا داخل الكيان الصهيوني، وصدرت عبارات الرد والتهديد والوعيد من دبلوماسيين كبار يمثلون الدولة العبرية وهم يتوعدون بالرد العسكري الحاسم.

هذه العملية العسكرية الواسعة التي تقوم بها "حماس" لها ما بعدها على الدولة الفلسطينية، وقد تكون بداية النهاية لإسرائيل. وعلى الرغم من التصريحات التطمينية للرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة الأمريكية "ستكون كالصخر" لحماية المدنيين في إسرائيل، لكنها "تعبر تمامًا عن فشل الدبلوماسية في امتصاص الأزمة ومشاهدة الأسوار الشاهقة التي تشيدها تل أبيب باطشة بالفلسطينيين دون مساءلة أو محاسبة" – يضيف الباحث في العلاقات الدولية محمد عبدالرحمن.

https://t.me/ultrasudan

وارتفعت حصيلة قتلى عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على إسرائيل إلى ما لا يقل عن (700) شخص، وفقًا لأحدث الأرقام التي أوردتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلًا عن مصادر في المستشفيات.

ووفقًا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة، أصيب (2,243) شخصًا في الهجمات المباغتة التي شنت السبت من غزة.

فيما قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة إن (413) فلسطينيًا على الأقل لقوا حتفهم، من بينهم (87) طفلًا و(41) امرأة، وأصيب نحو (2,300) آخرين في غارات جوية إسرائيلية على غزة منذ السبت الماضي.

تبقى أهمية طوفان الأقصى في أنها تدور أساسًا في قطاع غزة، وما يحدث في القطاع ينتقل سريعًا إلى قلب إسرائيل وتهدده بالتوقف، ولذلك أخذت تل أبيب على عاتقها مهمة عسيرة بالرد على هذا الطوفان، ورغم ذلك فإن الضربة القاضية الأولى التي تلقتها إسرائيل لن تجعلها قادرة على الرد ردًا حاسمًا، ولا سيما مع عوامل متعددة تقف إلى جانب القضية الفلسطينية، منها أن شعوب المنطقة العربية سئمت من أكاذيب إسرائيل، وهي بحاجة إلى انتصار يعيد للزعماء في المنطقة "عقلهم المغيب" منذ سنوات، فيما وصلت تل أبيب إلى حدود التطبيع مع دول عربية، وتسعى إلى تطبيع الحياة مع المجتمعات من خلال أدوات مخابراتية – حسب ما يقول الباحث في العلاقات الدولية محمد عز الدين.

آثار غارة جوية إسرائيلية على قطاع غزة
نفذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على قطاع غزة (Getty)

يرى عز الدين في حديث إلى "الترا سودان" أن حالة "الغياب الرسمي العربي" الماثل أمامنا جعلت الشعوب في المنطقة تشعر بـ"الفخر" من هذه الضربة القاضية التي تلقتها إسرائيل وأصابت عمقها.

ويقول عز الدين إن الولايات المتحدة الأمريكية تعبر حاليًا عن أزمة عميقة في كواليسها؛ فهي خرجت من خلال تصريحات بايدن عن "وقارها ودبلوماسيتها" – طبقًا لعز الدين– بالإعلان عن مساعدات عسكرية لإسرائيل تحت زعم حماية المدنيين أو القول إن واشنطن ستقف كـ"الصخر" إلى جانب إسرائيل.

بينما يقول الباحث في الشؤون السياسية أحمد مختار لـ"الترا سودان" إن عملية "طوفان الأقصى" لم تضرب إسرائيل في عمقها فحسب، بل ستؤثر على موجات التطبيع التي انتظمت المنطقة مؤخرًا بروافع أمريكية في هذا الملف بين الترغيب والتهديد، ولن تكون إسرائيل –بحسب مختار– هي نفسها التي كانت قبل هذه العملية أو الحرب واسعة النطاق.

تعزيزات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة
حشدت إسرائيل آليات عسكرية في غلاف غزة (Getty)

ويعتقد مختار أن الفلسطينيين دفعوا ثمنًا غاليًا طيلة الشهور الماضية بتراجع المجتمع الدولي عن محاسبة إسرائيل أو قيادة "عملية دبلوماسية رشيدة"، ومع هذا التراجع انتهزت تل أبيب السانحة ووضعت الخيارات الأمنية والعسكرية ضمن أولوياتها تجاه الفلسطينيين. وأضاف: "من الملاحظ أن دعوات التهدئة التي صدرت من دول المنطقة كانت خجولة لأسباب متعلقة بحاجة إسرائيل إلى تلقي ضربة قاسية حتى تكف عن بناء المستوطنات وممارسة التهجير والقتل بحق الفلسطينيين".

وانتشرت مئات الصور ومقاطع الفيديو على الشبكات الاجتماعية وتناقلتها وسائل الإعلام تصور الجنود الإسرائيليين في قبضة فلسطينيين داخل المستوطنات المحاذية لحدود غزة، وبعضهم أسروا واقتيدوا إلى داخل مدن القطاع خلال معركة شوارع تخوضها المقاومة الفلسطينية في المستوطنات الإسرائيلية.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية محمد عبدالرحمن في حديث إلى "الترا سودان" أن التاريخ يعيد نفسه، فقبل (50) عامًا في أكتوبر تلقت إسرائيل ضربة موجعة آنذاك، واليوم في هذا الشهر الذي يصادف طليعة أكتوبر فإن تل أبيب ربما لن تستفيق قريبًا من هذه الأزمة التي تعبر عن "انتكاسة إسرائيل" – وفقًا لعبدالرحمن. وأضاف: "يجب الأخذ في الاعتبار أن صمت الشعوب لا يعني الاستسلام وأن القوة العظمى والمطلقة لا تدوم". "ربما حان الوقت لقلب طاولة العشاء الأخيرة في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو" – أردف عبدالرحمن.