إذا ما نفذت إسرائيل وعيدها الذي حمله بيان صدر في الساعات الماضية، مطالبًا سكان غزة –أكثر من مليون شخص– بالإخلاء الفوري لمنازلهم والتوجه إلى جنوب القطاع، فما هي ضمانات نجاح عملياتها العسكرية البرية؟
تلقى جيش الاحتلال الإسرائيلي وحكومة نتنياهو ضربة موجعة من "طوفان الأقصى" وتحت هذا تأثير الصدمة يمكن أن يتلقيا العديد من الضربات، بحسب محللين
يعزي محللون ما ذهبت إليه إسرائيل إلى بقائها حتى الآن تحت تأثير "الضربة الخاطفة" التي تلقتها من المقاومة الفلسطينية منذ خمسة أيام، والخسائر الفادحة في صفوفها مع احتجاز (150) إسرائيليًا لدى المقاومة حتى اليوم من دون ظهور بوادر مفاوضات للإفراج عنهم.
وجاءت التحذيرات الإسرائيلية بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الجمعة، غداة زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب، والتي تحدث فيها عن "مساندة أمريكية غير مسبوقة لإسرائيل للدفاع عن نفسها".
وفي الوقت نفسه، وبالنظر إلى حرب المدن بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، فإنها عمليات في غاية السهولة لكتائب المقاومة التي تتمتع بالسرعة والقدرة على توجيه الضربات "الموجعة والقاصمة للظهر" – يقول الباحث الإستراتيجي محمد عباس لـ"الترا سودان".
ويرى عباس أن المقاومة تستند إلى "معنويات عالية" إثر عملية "طوفان الأقصى" التي قال متقاعدون من الجيش الإسرائيلي إن الرد عليها لا يعني شيئًا بعد أن وقعت "الطامة" – أي أن رد الفعل لن يكون أقوى من الفعل نفسه.
وفي حين لن تتمكن إسرائيل من التوغل في أوساط المدنيين في غزة، لأنها لن تورط نفسها في انتهاكات بحق المدنيين، عقب تلقيها ضربة "طوفان الأقصى". هذا من الناحية السياسية طبعًا، لكن العمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في بعض الأحيان لا تعبر عن توجهات سياسية، مع تشديد الرئيس الأمريكي جو بايدن على حماية القانون الدولي الإنساني خلال العمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
إلى جانب ذلك، فإن التظاهرات التي انطلقت في عدد من المدن والعواصم العربية والغربية في الساعات الماضية تمثل كروت ضغط على إسرائيل للتراجع عن دورها "الأحادي" حسبما يقول محللون، خاصةً بعد سلسلة عمليات تطبيع مع بعض الدول العربية منذ عامين، فإن هذه الإجراءات مهددة بالزوال ناهيك بعمليات تطبيع جديدة.
كانت إسرائيل تأمل في أن تتمكن بحلول العام المقبل من التطبيع مع المملكة العربية السعودية، لكن بعد "طوفان الأقصى" فإن ثمة حسابات جديدة للرياض لن تتجاوزها، ويمكن تفسير ذلك من خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى قطر، وربما تأتي الزيارة لتهدئة الوضع. وقد تضع واشنطن في الاعتبار أن إسرائيل ربما تتورط في "إبادة جماعية" ردًا على "طوفان الأقصى"، وهذا ما قد يقود إلى "شرق أوسط ملتهب".
إزاء هذه التطورات على الأرض، فإن كروت المناورة العسكرية لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي ليست متعددة بل محصورة في نطاق ضيق. وفي كل الأحوال فإن "طوفان الأقصى" أدت إلى تآكل شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته إلى درجة كبيرة جدًا.
ومع ذلك، فإن إسرائيل دمرت، بهجماتها العسكرية العنيفة في قطاع غزة، البنية التحتية والمنازل، بالإضافة إلى مقتل مئات المدنيين في عملية عسكرية غير مسبوقة، وربما مع شعورها بالتأثير الكبير لـ"طوفان الأقصى" فإنها ترى أن ما فعلته خلال الساعات الماضية "غير كافٍ" لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي، وحتى وإن تضاعفت العمليات والانتهاكات بحق الفلسطينيين فإن حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال ربما لن يستفيقوا من "صدمة مطلع تشرين الأول/أكتوبر" إلا بعد جني خسائر متتالية، فيما تبقى "طوفان الأقصى" جُرحًا غائرًا على جسد الكيان الصهيوني.