في خضم انشغالات المدنيين بالأزمات اليومية، تبدو حادثة إطلاق سراح زعيم مجلس الصحوة الثوري، موسى هلال، مربكًا لحساباتها، وذلك لأنها معزولة نسبيًا عن ملف الترتيبات الأمنية والقوى المسلحة والموضوعات العسكرية.
خبير يتوقع عودة موسى هلال إلى ممارسة السياسة قريبًا
والشهر الماضي أفرجت السلطات العسكرية عن زعيم مجلس الصحوة الثوري موسى هلال، ولم يعلن عن الدور الذي قد يلعبه في مرحلة ما بعد الإفراج وعما إذا كان الرجل سينضم إلى موقعي اتفاق السلام طرفًا مسلحًا ومفاوضًا حول قسمة السلطة؛ أم أنه سيستمر في دوره السياسي الذي طرحه لتوحيد القوى السياسية والاجتماعية في إقليم دارفور قبل اعتقاله في العام 2017 ونقله بطائرة عسكرية إلى الخرطوم.
اقرأ/ي أيضًا: حرب جنوب طوكر.. ذاكرة الدم الحرام
وأُفرج عن هلال عقب مساعٍ قادتها مكونات اجتماعية وسياسية منذ العام الماضي، وفور إطلاق سراحه تدافع السياسيون وقادة المكونات الاجتماعية إلى زيارته بالعاصمة الخرطوم للتهنئة.
وسأل "الترا سودان"، مهدي عبدالله حامد، أمين التنظيم والإدارة بمجلس الصحوة الثوري الذي يقوده هلال، عن ما بعد الأفراج عن زعيم التنظيم،حيث أفاد بأن: "مجلس الصحوة يسعى إلى تحقيق أهداف ثورة ديسمبر وإنجاز التغيير العميق في بنية الدولة، وهذا لا يتحقق إلا بمعالجة جذور الأزمة".
ويضيف مهدي عبدالله حامد في حديثه لـ"الترا سودان" قائلًا: "نتطلع إلى تهيئة المناخ وإنهاء أسباب الحرب وتحقيق السلام الشامل والعادل والتعايش السلمي المشترك، هذه من أولويات مجلس الصحوة الذي يحظى بقبول كبير في البلاد وعلى المستوى الدولي والإقليمي" على حد قوله.
وفي مقابلة أجراها هلال مع وسائل إعلام محلية، تحدث عن الأزمة الاقتصادية وضرورة معالجتها، وبدا متحفظًا حول الوضع الاقتصادي والسياسي، وذكر لـ"صحيفة الجريدة" السودانية: "أنا كل ما يهمني أن تكون هناك موازنات بالنسبة للنظام، وأن تعطي الحكومة كل ذي حق حقه في التمثيل. وهذا لا يعني أنني سأقود تمردًا عن طريق معارضة مسلحة؛ يمكنني أن أوصل صوتي عبر المنطق الحر وحرية الرأي والشورى".
وتعكس هذه التصريحات اعتزام هلال التحول للعمل السياسي المدني سواء في معارضة الحكومة الانتقالية أو بالشراكة معها وفقًا للاتفاق الذي قد يطرأ بينهما لاحقًا، وهو ما يرجح حدوثه بمحاولة هلال إحياء مبادرته السياسية التي طرحها قبل عملية اعتقاله حيث كان يتطلع إلى توحيد المكونات الاجتماعية في إقليم دارفور وضد المركز، وأدخل القلق في نفس الرئيس المخلوع عمر البشير آنذاك، وحاول إجراء محادثات معه بإرسال نائبه في حزب النظام المحلول، إبراهيم غندور في العام 2015، ثم لاحقًا قرار توقيفه عن طريق قوات عسكرية.
اقرأ/ي أيضًا: هل تُفلح جهود نهضة "دينمو" الانتقال الديمقراطي في السودان؟
ويرى المحلل في شأن أزمة إقليم دارفور، سليمان بلدو، أن زعيم مجلس الصحوة الثوري موسى هلال، لا يملك قوات عسكرية لأنه كان يقود قوات حرس الحدود، وبالتالي لا يمكنه اللجوء إلى العمل المسلح مجددًا.
أمين التنظيم والإدارة بمجلس الصحوة الثوري: مجلس الصحوة يعتبر الاتفاق الموقع بين المجلس العسكري وقحت مهينًا للقوى المدنية
بينما يؤكد أمين التنظيم والإدارة بمجلس الصحوة الثوري، مهدي عبدالله حامد، أن مجلس الصحوة يعتزم العمل لتحقيق الدولة المدنية، ويعتبر الاتفاق الموقع بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير مهينًا للقوى المدنية من حيث تقديم تنازلات كبيرة للمكون العسكري.
وبشأن التفاهمات مع أطراف مدنية أو حكومية، يرى مهدي عبدالله حامد، أنهم لم يتلقوا أي دعوة للحوار أو تفاهمات للعملية السلمية.
وتابع حامد قائلًا: "ما زلنا نحمل السلاح، ومستمرون في المقاومة والنضال لجهة إقامة دولة المواطنة والحقوق المتساوية"، وتبدو هذه التصريحات بمثابة دعوة للحوار أو الاستمرار في العمل المسلح.
لكن بالمقاييس الميدانية، يعتقد الخبير سليمان بلدو، أن تنظيم موسى هلال لم يعد يشكل خطورة على الحكومة الانتقالية، إلا إذا تحالف مع بعض الأطراف المسلحة.
كما أن التعقيدات الدولية التي يواجهها الرجل تفرض عليه قيودًا قد تهدده دوليًا بالمزيد من الخناق والعزلة، إذ أن الأمم المتحدة رفضت طلبًا سودانيًا الشهر الماضي بإلغاء العقوبات المفروضة على موسى هلال، وهي عقوبات تتعلق بحظر السفر وتجميد الحسابات المصرفية.
ويتساءل بلدو عن الجهة الحكومية التي طلبت العفو عن هلال من العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الرجل بمعية اثنين آخرين، قائلًا: "هل هي وزارة الخارجية أم وزارة العدل بعلم مجلس الوزراء؟".
وعندما اتصل "الترا سودان" بمتحدث وزارة الخارجية ومتحدث مجلس الوزراء لم يجد استجابة منهما.
بينما يعتقد أمين التنظيم والإدارة في مجلس الصحوة الثوري مهدي عبدالله حامد، أن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على هلال هي نتيجة لمزاعم لا أساس لها من الصحة، نافيًا طلب هلال من الحكومة السودانية لعب دور لرفع العقوبات التي يفرضها عليه مجلس الأمن الدولي.
وحول عودة موسى هلال لممارسة العمل السياسي، يرجح سليمان بلدو تدرج الرجل في العملية بإطلاق التصريحات ثم الانخراط المباشر في الشأن السياسي، مشيرًا إلى أن هلال لن يكون هو نفسه ما قبل عملية اعتقاله مع أطراف دخلت حديثًا إلى السلطة عقب الثورة السودانية، ولن يتجاوز مراراته وعملية اعتقاله بتلك الطريقة.
اقرأ/ي أيضًا: متوقعةً إعلانًا مرتقبًا للتطبيع.. 14 حزبًا ومنظمة يحذرون من الخطوة
وتابع سليمان بلدو: "هلال يشعر أنه زعيم سياسي واجتماعي ذو ثقل، ومهما حاولت بعض الأطراف التحصن بالسلطة والمال فإنها ستبدو صغيرة في نظر الرجل".
خبير: التحقيقات وثقت مقاطع فيديو لموسى هلال أثناء الحرب الأهلية في دارفور وهو يعترف بمشاركته في العمليات العسكرية
ويشير بلدو إلى التعقيدات الدولية التي تلاحق موسى هلال، بأن التحقيقات وثقت له مقاطع فيديو أثناء الحرب الأهلية في دارفور وهو يعترف بمشاركته في العمليات العسكرية.
ويدعو بلدو إلى أهمية وضع الحكومة الانتقالية - الشق المدني- استراتيجية للتعامل مع الجماعات المسلحة وكيفية الوصول إلى جيش موحد ينهي الصراع حول السلطة، محذرًا من أن الأزمات التي تواجه الفترة الانتقالية كبيرة جدًا وخطيرة.
اقرأ/ي أيضًا
جامعة أفريقيا العالمية.. خلافات اللجنة وعودة التمكين
"هيومن رايتس ووتش": على الحكومة الانتقالية في السودان ردع قوات الدعم السريع