02-مارس-2021

متظاهرون يطالبون بإغلاق مقر "قوات الدعم السريع" - أرشيفية (أسوشيتد بريس)

الترا سودان | فريق التحرير

قالت "هيومن رايتس ووتش'' أمس الإثنين، إن "قوات الدعم السريع" اعتقلت تعسفيًا في العاصمة الخرطوم خلال 2020، عشرات المدنيين، بينهم نشطاء سياسيون، دون سلطة قانونية.

وأوضحت المنظمة العالمية، أن المعتقلين احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي أو في ظروف تشكل إخفاءً قسريا. وطالبت السلطات باتخاذ خطوات عاجلة لضمان توقف قوات الدعم السريع عن العمل خارج القانون، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين المدنيين.

 ليتسيا بادر: قوات الدعم السريع تكتسب مزيدًا من السلطة دون أي أساس قانوني

وقالت مديرة القرن الأفريقي في "هيومن رايتس ووتش"، ليتسيا بادر إن "على الحكومة الانتقالية في السودان ردع قوات الدعم السريع، التي تكتسب مزيدًا من السلطة دون أي أساس قانوني. من غير المقبول مطلقًا أن تحتجز القوات العسكرية المدنيين بدل تسليمهم إلى السلطات المدنية أو إطلاق سراحهم إذا تعذّر ذلك".

اقرأ/ي أيضًا: حوار| منتصر إبراهيم: ابتعدت عن الدعم السريع لهذه الأسباب

وأشارت المنظمة إلى أنها وثّقت عدة اعتقالات غير قانونية للمدنيين في 2020 في الخرطوم من قبل قوات الدعم السريع، المسؤولة عن انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في دارفور ومناطق نزاع أخرى. بين أيلول/سبتمبر 2020 وشباط/فبراير 2021، وقالت إنها قابلت أربعة محتجزين سابقين، وشخصين من أقارب المعتقلين، ومحاميًا في قضايا احتجزت فيها قوات الدعم السريع مدنيين بشكل غير قانوني.

وقال المعتقلون السابقون لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن قوات الأمن احتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي ومنعتهم من الاتصال بمحامين وعائلاتهم طوال فترة احتجازهم، التي تراوحت بين أسبوع وأكثر من شهر. وقال محتجزان إن حراس قوات الدعم السريع  أساؤوا معاملتهما بدنيًا.

وطالبت المنظمة الدولية السلطات السودانية بأن تحقق بمصداقية في الاعتقالات التعسفية، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والإخفاء القسري، وغيرها من الانتهاكات أثناء الاحتجاز، بما فيها وفاة أحد المحتجزين. وقالت إنه إذا لزم الأمر، يمكن للسلطات المدنية متابعة أي دليل ذي مصداقية على ارتكاب معتقلين سابقين مخالفات جنائية وفقا للقانون.

وأشارت إلى أنه وبموجب "الوثيقة الدستورية" الحاكمة في السودان، فقد صُنّفت قوات الدعم السريع بأنها قوةً عسكرية نظامية. وقادت القوات حملة قمع عنيفة ضد المتظاهرين في 3 يونيو/حزيران 2019 في أحياء الخرطوم بالإضافة إلى بحري وأم درمان المجاورتين، حيث خلفت (120) قتيلًا على الأقل ومئات الجرحى. وقالت إن الحكومة الانتقالية واصلت استخدام قوات الدعم السريع في السيطرة على الحشود وفرض الأمن.

وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إن القوات المسلحة السودانية، بما فيها قوات الدعم السريع، ليس لديها سلطة قانونية لاحتجاز المدنيين أو القيام بمهام إنفاذ القانون، ما يجعل احتجاز المدنيين غير قانوني. 

وأوضحت المنظمة أن النائب العام أصدر في 21 يناير/كانون الثاني 2021 تعليمات تحصر صراحة سلطات اعتقال واحتجاز المدنيين بالشرطة والنيابة العامة، وذلك بعد وفاة بهاء الدين نوري (45 عامًا) في الخرطوم في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أثناء احتجازه لدى قوات الدعم السريع، قائلًا بشكل صريح إن أي احتجاز من قبل قوى أخرى غير الشرطة والنيابة العامة هو أمر غير قانوني. وأشارت إلى أنها لم تتمكن من تأكيد الخطوات التي اتخذها النائب العام، إن وجدت، لضمان إنفاذ شروط التعليمات، مثل تفتيش مواقع الاحتجاز غير القانونية.

وقال محمد نوري، شقيق بهاء الدين نوري، لـ"هيومن رايتس ووتش" إن الشهود رأوه يتعرض للاختطاف على أيدي مسلحين بملابس مدنية في جنوب الخرطوم في 16 كانون الأول/ديسمبر. وبعد خمسة أيام، تلقت الأسرة مكالمة تخبرهم أن بهاء الدين توفي، وأن جثته كانت في مشرحة مستشفى في أم درمان. وزاد شقيقه بالقول: "ذهب قريب آخر إلى المشرحة ورأى كدمات ظاهرة على جسد بهاء الدين. ضغط علينا مدير المشرحة لاستلام الجثة وقبول تقرير التشريح الذي يشير إلى وفاة نوري بسبب المرض، لكننا رفضنا".

اقرأ/ي أيضًا: السودان، إريتريا وإثيوبيا.. الإقليم الساخن وتشتت الرصاص

وفي 27 ديسمبر/كانون الأول، أجرى أخصائيو الطب الشرعي تشريحًا ثانيًا للجثة بناء على تعليمات من النائب العام. ووثّق تقرير التشريح الثاني إصابات، منها نزيف في الدماغ ناتج عن صدمة بأداة غير حادة، والتي تتفق مع الضرب، والتي أدت إلى وفاة بهاء الدين نوري. وفي اليوم نفسه، اعترفت قوات الدعم السريع في بيان بوفاة بهاء الدين أثناء احتجازه من قبل مخابراتها، وأنها أسقطت الحصانة عن المسؤولين المعنيين وسلمتهم إلى النائب العام. كما أمر النائب العام باعتقال مدير المشرحة، بتهم منها عرقلة سير العدالة المتعلقة بهذه القضية. ولم يُعلَن عن أسماء ورتب المعتقلين.

محمد نوري: يجب محاسبة جميع المتورطين بمن فيهم من أصدر الأوامر وساعدوا وساهموا في وفاة أخي

وقال محمد نوري: "بالنسبة لنا، ينبغي ألا تكون القضية ضد من عذب أخي فحسب. يجب محاسبة جميع المتورطين بمن فيهم من أصدر الأوامر وساعدوا وساهموا في وفاة أخي".

وأشارت المنظمة إلى أن "تجمع المهنيين السودانيين"، كان قد أطلق حملة مع مجموعات احتجاجية أخرى تدعو إلى إنهاء الاعتقالات غير القانونية من قبل قوات الدعم السريع. حيث تحث الحملة النائب العام على التحقيق في الاعتقالات التي تمارسها القوات بشكل أوسع.

وقالت "هيومن رايتس ووتش"، إنه كي يكون أي حرمان من الحرية مشروعًا، يجب أن يتم على أسس ووفقًا لإجراء منصوص عليه في القانون المحلي يتوافق مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان. يجب أن تكون سلطات التوقيف دقيقة، وواضحة، ومعروفة للجمهور. يجب أن يضمن القانون حظر الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والحرمان السري من الحرية في جميع الظروف، وأنه لا يمكن احتجاز الأشخاص بشكل قانوني إلا في أماكن احتجاز معترف بها رسميًا.

وطالبت السلطات بالتحقيق في جميع التقارير المتعلقة بالاحتجاز التعسفي للمدنيين من قبل قوات مثل قوات الدعم السريع، ومحاسبة المسؤولين، وتسريع عملية إصلاح قطاع الأمن الضرورية على النحو المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية للحكومة الانتقالية.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن على الحكومة الانتقالية المضي قدمًا في الخطط المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية لإنشاء مفوضية وطنية لحقوق الإنسان تتماشى مع المعايير الدولية. ويجب أن يشمل تفويض هذه اللجنة الوصول إلى مرافق قوات الدعم السريع وسلطة الإبلاغ العلني عن النتائج والانتهاكات. بالإضافة إلى ذلك، على الحكومة السماح للمنظمات الدولية ذات الصلة، بما فيها "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان"، بالوصول إلى جميع مرافق قوات الدعم السريع، والتصديق دون تحفظات على "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري" و"اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب".

وقالت مديرة القرن الأفريقي في "هيومن رايتس ووتش"، ليتسيا بادر: "إذا كانت الحكومة الانتقالية ملتزمة بالقطيعة مع ماضي البلاد الحافل بالانتهاكات، فعليها ضمان أن يكون عمل قوات الدعم السريع ضمن القانون. على السلطات أن تقول بوضوح إن عناصر وضباط الأمن سيخضعون للمساءلة بموجب القانون إن خالفوه".

وكشفت المنظمة عن أنها قابلت أربعة معتقلين سابقين احتجزتهم قوات الدعم السريع بطريقة غير قانونية في 2020. حيث قالوا إن القوات احتجزتهم في موقعين في شرق الخرطوم، لا يعتبر أي منهما موقع احتجاز قانوني أو معترف فيه، وهما عبارة عن مكاتب ومساحات معيشة أكثر من كونها زنزانات. ويُعتقد أن أحد الموقعين تابع لما تصفه قوات الدعم السريع بفرع المخابرات، ويقع في منطقة المنشية السكنية والثاني في مجمع الرياض في المركز الرئيسي السابق لوحدة عمليات "جهاز الأمن والمخابرات الوطني". وقال ثلاثة من المعتقلين إن محتجزيهم عرّفوا عن أنفسهم على أنهم ينتمون إلى فرع مخابرات قوات الدعم السريع.

اقرأ/ي أيضًا: هل ما تزال تجربة "السيسي" تُسيل لعاب عسكر السودان؟

وقال رجلان من المعتقلين للمنظمة، إن مسلحين مجهولين يرتدون بزّات عسكرية أوقفوهما في 22 آب/أغسطس 2020 وأخذوهما إلى مبنى مخابرات قوات الدعم السريع في المنشية، ثم نقلوهما لاحقًا إلى الرياض. وأمضى كلاهما حوالي الأسبوع في عهدة قوات الدعم السريع قبل أن يُنقلوا إلى عهدة الشرطة. حيث وُجهت إليهما تهم تتعلق بالإرهاب ولكن أفْرِج عنهما بكفالة.

معتقل سابق: أمر ضابط من قوات الدعم السريع جنوده بتكبيلنا وتوثيقنا بينما كنا نتلقى العلاج

وأفاد أحد المعتقلين، وعمره (25) عامًا، بأن جنود قوات الدعم السريع كبلوا يديه بينما كان يتلقى العلاج في الوحدة الطبية للقوات في الخرطوم بحري. وزاد بالقول: "أمر ضابط من قوات الدعم السريع جنوده بتكبيلنا وتوثيقنا بينما كنا نتلقى العلاج. حتى أنهم كبلوا وأوثقوا معتقلًا لديه مشاكل في القلب وهو موصول إلى جهاز مراقبة القلب. تركونا مكبّلين في زنزانة لمدة (24) ساعة. كانت غرفة باردة. اشتكينا إلى الحرس أن الأصفاد ضيقة جدًا، لكنهم لم يهتموا".

وقال إن عائلته تحدثت إلى الشرطة والنيابة العامة للحصول على معلومات عن مكانه لكنهم لم يتلقوا أي معلومات. وأشارت المنظمة إلى أن الاعتقال على يد عملاء الدولة ورفض تقديم معلومات حول الاعتقال أو إخفاء المعلومات عن مكان تواجد المعتقل، يشكّل إخفاءً قسريًا، وهي جريمة يُعاقب عليها القانون الدولي.

وقال معتقل سابق عمره (33) عامًا لـ"هيومن رايتس ووتش"، إن قوات الدعم السريع رفضت كشف أسباب اعتقاله. وأضاف أن القوات منعته من الوصول إلى محام. أمضى ثمانية أيام في الموقعين في الرياض والمنشية قبل نقله إلى سجن الهدى التابع للحكومة المركزية.  

وفي 2020، اعتقلت قوات الدعم السريع أشخاصًا مرتبطين بموسى هلال، وهو قائد ميليشيا من دارفور  وقائد سابق للجنجويد متورط بجرائم خطيرة في دارفور بين 2002 و2005، ومعتقل منذ 2017. ويواجه تهمًا أمام محكمة عسكرية متعلقة بالنزاع المسلح في دارفور. 

واعتقلت قوات الدعم السريع عبد المالك موسى صالح (27 عامًا)، وهو أحد أقرباء هلال، مرتين في 2020. في آذار/مارس اعتقلته القوات واحتجزته لمدة (33) يومًا في طابق سفلي في المنشية. وقال للمنظمة إنه في يوم إطلاق سراحه نُقِل إلى مجمع الرياض، حيث تعرض للضرب والركل لمدة (30) دقيقة من قبل جنود قوات الدعم السريع، ومضى قائلًا: "في البدء، لم يخبروني [قوات الدعم السريع] بسبب توقيفي. ثم أخبرني ضابطان في ما بعد أنني خائن لأنني انتقدت قوات الدعم السريع وقيادتها على فيسبوك. كما تجاهلوا طلباتي بالحصول على محام أو أخذي إلى الشرطة في حال كانت لديهم قضية ضدي.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| الفريق إسماعيل خميس جلاب يكشف أسباب تجميد عضويته بالحركة الشعبية-شمال

واعتقلته القوات مجددًا في تموز/يوليو واحتجزته في طابق سفلي في الرياض لمدة (14) يومًا. ولم تُوَجه إليه أي تهم.

"هيومن رايتس ووتش": قوات الدعم السريع مسؤولة عن قتل خمسة متظاهرين في مدينة كسلا في شرق السودان في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2020

وقالت المنظمة إن الاعتقال غير القانوني خلال عهد عمر البشير بين 1989 و2019، كان ممارسة منتشرة من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني. وأدت تعديلات قانون الأمن القومي في تموز/يوليو 2020، إلى إزالة صلاحية التوقيف والاعتقال من الجهاز الأمني وإعادة تسميته ليصبح "جهاز المخابرات العامة".

وأوضحت المنظمة أن قانون القوات الدعم السريع لعام 2017 يحدد مهام هذه القوات، بما فيها تنفيذ أوامر السلطات المختصة، ما أدى إلى ضلوعها في اعتراض المهاجرين وقمع الجرائم الاقتصادية. لكن منذ الإطاحة بالبشير من منصبه كحاكم للبلاد في نيسان/أبريل 2019، لعبت القوات دورًا أكبر في السيطرة على الحشود، ما أدى إلى وقوع انتهاكات. ووجدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوات الدعم السريع استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين في أم درمان في 30 حزيران/يونيو 2019، حين قُتل سبعة متظاهرين. كما وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن قوات الدعم السريع مسؤولة عن قتل خمسة متظاهرين في مدينة كسلا في شرق السودان في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

اقرأ/ي أيضًا

شروط السودان قد تتحول إلى حلول ناجعة لاستعادة "الفشقة" كليًا

الاحتجاجات ضد الحكومة الانتقالية.. البحث عن جواب سياسي