14-أغسطس-2023
الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ما تزال مستمرة في العاصمة الخرطوم (Getty)

(Getty)

  تتلاشى آمال  المدنيين المؤيدين للديمقراطية مع تعثر مستقبل الحكم المدني في السودان جراء النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع منذ (124) يومًا.

في ذات الوقت هناك  "خلافات عاصفة" تظهرها بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني عندما يطلب منها الانضمام إلى جبهة سياسية تسعى إلى تشكيلها قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، وهو التحالف الذي اقتسم السلطة مع العسكريين بعد الإطاحة بالبشير في 2019.

تسعى مجموعة المركزي إلى عقد تحالف واسع مع القوى المدنية ضد الحرب

كما أن قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" بعد حرب منتصف نيسان/أبريل الماضي بين الجيش والدعم السريع لم تنج من الاتهامات بالانحياز إلى محمد حمدان دقلو "حميدتي"، كونه كان أحد مؤيدي الاتفاق الإطاري الموقع بين القوى المدنية والمكون العسكري في الخامس من كانون الأول/ديسمبر 2022 بالقصر الرئاسي بالخرطوم.

كان الاتفاق الإطاري يهدف إلى انهاء الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، والذي أنهى آمال الحكم المدني في السودان، والذي كان يستمد شرعيته من كونه جاء بعد اتفاق بين المدنيين والعسكريين عقب الإطاحة بالنظام البائد.

وقال مصدر من مجموعة المركزي لـ"الترا سودان" ردًا على اتهامات الانحياز إلى الدعم السريع: "في حقيقة الأمر هذا الاتهام ساذج جدًا، ويقف وراءه عناصر نظام البشير بكل آلياته الأمنية والعسكرية. نحن لم نقم بتأسيس وشرعنة قوات دقلو عبر البرلمان؛ هم من فعلوا ذلك في 2017 ".

وأضاف: "نحن ننحاز إلى وقف الحرب. إذا قررنا الانحياز إلى أي طرف عسكري سيتسع نطاق القتال ويتحول إلى حرب أهلية، نحن نعتقد أن الجهود السلمية تحقق الجيش الواحد، لكن أنصار البشير لا يريدون جيشًا قوميًا يريدون جيشًا يمكنهم في السلطة المطلقة".

وتسعى مجموعة المركزي إلى عقد تحالف واسع مع القوى المدنية ضد الحرب، وبينما تجري الاتصالات خلال هذا الشهر كانت تصريحات القيادي في الحزب الشيوعي صديق التوم لموقع "سودان تربيون" صادمة، حيث قال إن الاتصالات من هذه الشاكلة غير موجودة بين الجانبين، مكذبًا تصريحات متحدث المجلس المركزي شهاب الطيب.

من الشروط التي يضعها الشيوعي عدم اقتسام السلطة الانتقالية بين "المجلس المركزي" والعسكريين وإنهاء هذه الشراكة، وتكوين سلطة مدنية كاملة ذات صلاحية السيطرة على المؤسسة العسكرية.

بالنسبة لقوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" خاصة بعض التيارات التي لديها مرونة تجاه العسكريين، يعتقدون أن شروط فض الشراكة تعجيزية ولا تتحقق بين ليلة وضحاها بل يمكن ذلك بالتدرج.

في ذات الوقت يرفض الحزب الشيوعي العمل بوصفة صندوق النقد الدولي، ويدعو إلى الإعتماد على الموارد المحلية مثل الذهب وتأميم هذا القطاع ووضعه تحت سيطرة شركات حكومية لدعم الخزانة العامة.

https://t.me/ultrasudan

ورغم بعد المسافة بين الجانبين، هناك اعتقاد داخل "المجلس المركزي" أن بعض التيارات داخل الحزب الشيوعي يمكن الحديث معها عن الجبهة المدنية والانضمام إليها لأنه لم يعد أمام الجميع متسعًا في ظل استمرار القتال ومخاوف الحرب الأهلية وارتفاع خطاب الكراهية.

يقول الباحث السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان" إن إنضمام الحزب الشيوعي إلى الجبهة المدنية التي تدعو إليها "مجموعة المركزي" رهين بتقديم تنازلات من "الحرية والتغيير" بهيكلة التحالف والعودة إلى منصة التأسيس، وتقييم ما سبق بالكامل والاعتراف بالأخطاء أثناء الشراكة مع العسكريين.

ويوضح مصعب عبدالله أن الحرب بين الجيش والدعم السريع تستدعي جرد الحسابات من جميع القوى المدنية والأحزاب للعمل من الحد الأدنى.

وقال: "ليس بالضرورة الانخراط في جبهة موحدة، يمكن التنسيق في المواقف السياسية بين الأحزاب لأن التحالفات تضعف الأحزاب ولا تجعلها قادرة على عملية البناء الحزبي".

وقال مصدر من "المجلس المركزي" إن الجبهة المدنية ضرورية لأنها تريد توحيد أصوات السودانيين لمناهضة النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع.

وأضاف: "هذا ليس موقفا تكتيكيًا، نحن نسعى إلى إيقاف الحرب حتى لا نجد حطامًا بدلًا عن الوطن. من المهم جدًا أن يكون هناك موقفًا جماعيًا تجاه الحرب".

فيما يقول الباحث في مجال الحوكمة حذيفة كمال في حديث لـ"الترا سودان": "إذا نجحت الحرية والتغيير في تشكيل جبهة واسعة ستهزم الاتهامات التي تلاحقها بالانحياز إلى الدعم السريع، لأن هذه الدعاية قد تكون أكثر تدميرًا ضد هذا التحالف السياسي".

ويرى حذيفة أن شروط تكوين الجبهة الواسعة تعني تقديم تنازلات من الجميع لصالح بقاء الصوت المدني غالبًا وسط "غابة من البنادق ومؤيدي الحرب" إذا لم تحدث تنازلات لن تحدث الوحدة بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

ويخشى المؤيدون للديمقراطية في السودان من قبضة عسكرية عوضًا عن وقف الحرب، خاصة مع تراجع حماس المجتمع الدولي تجاه الحكم المدني والديمقراطية الناشئة في السودان التي قوضها انقلاب العسكريين قبل عامين.

باحث: الجبهة المدنية التي تسعى إليها بعض الأطراف السياسية والنشطاء السياسيون يجب أن لا تكون معزولة من أصوات لجان المقاومة

ويقول الباحث السياسي مصعب عبدالله إن الجبهة المدنية التي تسعى إليها بعض الأطراف السياسية والنشطاء السياسيون يجب أن لا تكون معزولة من أصوات لجان المقاومة، مع الوضع في الاعتبار الإجابة على "الأسئلة الساخنة " حول مصير العدالة.

وتابع: "من المهم إقناع لجان المقاومة التي تتمسك بالثورة الجذرية أن القرار حول هذا الأمر رهين بالوضع السياسي والأمني، أي يجب أن لا ينفرد به شخصيات من الغرف المظلمة كما فعلوا من قبل".