بعد ساعات قليلة من إحباط المحاولة الانقلابية الثلاثاء الماضي، أعلنت الولايات المتحدة إدانتها للعملية الفاشلة قبل أن تلحق واشنطن الإدانة بتحذيرات للداخل ولدول خارجية بعدم تقويض الانتقال المدني في السودان.
ومنذ الثلاثاء الماضي يبدو المشهد الدستوري والسياسي مضطربًا في السودان عقب تصاعد الخلافات بين المكونين العسكري والمدني لدرجة تعليق الاجتماعات المشتركة في مجلس السيادة الانتقالي "أعلى هيئة انتقالية"، وذلك على خلفية مساجلات إعلامية بين الطرفين بدأت منذ وقوع المحاولات الانقلابية الأسبوع الماضي.
الدقير: لا بد من وضع جميع الملفات على طاولة أمام العسكريين ونقاشها
ويطالب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وفق خطابين خلال خمسة أيام فقط، بالعودة الى منصة التأسيس في تحالف قوى الحرية والتغيير متهما بعض أحزاب "قحت" بإختطاف الثورة.
اقرأ/ي أيضًا: عمليات تعدين يحرسها مسلحون بالشمالية تثير غضب المواطنين
جاء الرد من عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي سليمان الذي طلب من العسكريين الالتزام بالوثيقة الدستورية وعدم تغيير المعادلة السياسية في السلطة الانتقالية، ومضى سليمان إلى أبعد من ذلك وطالب العسكريين بتسريع وتيرة العمل في المهام الانتقالية المتعطلة على طاولة مجلس السيادة الانتقالي بحسب ما صرح للتلفزيون الحكومي مساء الجمعة.
وفي هذا الصدد يقول عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي في المجلس القيادي لقوى الحرية والتغيير "إعلان قاعة الصداقة"، أن الوضع الراهن يحتاج إلى طاولة نقاشات مفتوحة بين العسكريين والمدنيين.
ويشدد الدقير في تصريحات لـ"الترا سودان"، على أهمية وضع جميع الملفات المعطلة على الطاولة بين المدنيين والعسكريين ومناقشتها والتسريع في حلها مثل شركات القطاع الأمني وتكوين المجلس التشريعي وتعيين رئيس القضاء وهيكلة المؤسسة العسكرية.
وتابع: "دون مناقشات جدية لا يمكن أن تمضي الشراكة إلى الأمام لأن تغطية الأزمات بمثابة هروب إلى الأمام"، ويدعو الدقير الحكومة الانتقالية إلى الاسراع في معالجة الأوضاع المعيشية.
ويرى الدقير أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى تحرك سريع من الحكومة الانتقالية ووضع معالجات اجتماعية حقيقية وملموسة حتى تتفادي الشبكات الاجتماعية والآثار الناتجة عن الإصلاحات الاقتصادية، قائلًا إن الملف الإقتصادي يعيد ترميم العلاقة بين الشارع والحكومة الانتقالية.
ويقول رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أن مجموعة حزبية صغيرة تختطف قوى الحرية والتغيير، داعيًا إلى العودة إلى منصة التأسيس، وهذه التصريحات تضع الشراكة في مرحلة التجميد وبالتالي تخلق أزمة دستورية إذا ما استمرت الاجتماعات المشتركة بين المدنيين والعسكريين في مجلس السيادة الانتقالي معلقة، خاصة مع انتظار بعض القوانين عملية المصادقة عبر الاجتماع المشترك الذي يعرف باسم "الجسم التشريعي المؤقت".
ويعتقد عمر الدقير أن المكون العسكري لا شأن له بالانقسام السياسي أو التباين في وجهات النظر، موضحًا أن الإعلان السياسي الذي وقع عليه أحزاب وتنظيمات في قاعة الصداقة الشهر الماضي مفتوح للانضمام إليه.
وأردف: "نحن على استعداد للجلوس مع المجموعات الأخرى والوصول إلى اتفاق حول كيفية إدارة المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وحول أهداف المرحلة الانتقالية ،ومن يرى غير ذلك فهو يريد الانتماء الى الانقلابيين".
وسأل "الترا سودان" المحلل السياسي والمسؤول السابق في مكتب رئيس الوزراء عبد الله ديدان عن المخرج من الأزمة الراهنة، حيث يرى أن المخرج في مائدة مستديرة تجمع أطراف الفترة الانتقالية من عسكريين ومدنيين وحركات مسلحة لوضع ملفات الانتقال على الطاولة والاتفاق على كيفية حلها.
اقرأ/ي أيضًا: تصعيد جديد من "البرهان" في مساجلات مجلس السيادة
ويرى ديدان أن قوى الحرية والتغيير تركت فراغًا سياسيًا عريضا تسللت خلاله مجموعات الفلول والقوى المضادة للثورة والعسكريين والقبائل، وتقدموا خطوات إلى الأمام لدرجة محاولة الاطاحة بـ"قحت".
محلل: العسكريون لا يكترثون بتكوين جيش موحد خلال الفترة الانتقالية
ويوضح ديدان أن أطراف الفترة الانتقالية لم تتفهم بعد أهمية تشكيل جيش موحد و أيلولة شركات القطاع الأمني والعسكري إلى ولاية المال العام، ولفت إلى أهمية إبلاغ العسكريين دون أية مواربة بالانتقال الى مرحلة دمج الجيوش والترتيبات الأمنية.
ويحذر ديدان من وجود تقاطعات دولية في الشأن السوداني، وقال إن التأثير الإقليمي على الفترة الانتقالية بات ظاهرًا للعيان ولا بد من وضع حد للتدخلات الإقليمية لأنها خطيرة، وإذا استمرت الأوضاع بهذه الطريقة قد تذهب إلى ناحية الحرب الأهلية وتفكك السودان إلى دويلات.
وقوى الحرية والتغيير تشكلت في كانون الثاني/يناير 2019 أثناء بداية الحراك السلمي الذي أطاح بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير وتطورت طوال عمر الثورة، ويضم التحالف أحزاب ومنظمات مجتمع مدني أبرمت الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية مع المكون العسكري في آب/أغسطس 2019 بعد الإطاحة بالنظام البائد في 11نيسان/أبريل 2019، وانقطعت العلاقة بين الطرفين عقب مجزرة القيادة العامة في الثالث من حزيران/2019 ثم عادا إلى طاولة التفاوض ووقعا على الوثيقة الدستورية السارية حتى الآن.
اقرأ/ي أيضًا
انقسامات خطيرة بقوى الحرية والتغيير وتبادل للاتهامات
قيادي بـ"قحت": بدأت المشاورات بين مدنيي السيادي لاختيار خليفة البرهان