الترا سودان | فريق التحرير
في وقت مبكر من نهار أمس الأحد، فاجأت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، جماهير الشعب السوداني بإعلانها سحب القوات المشتركة المكونة من أفراد من القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة، والتي تقوم على تأمين مقر اللجنة والمواقع التي قامت باستردادها وفقًا لقانون تفكيك التمكين.
كان إعلان لجنة إزالة التمكين سحب القوات عن مقارها بداية لدورة جديدة من التطورات الدرامية التي تشهدها البلاد منذ إحباط الانقلاب العسكري
كان إعلان لجنة إزالة التمكين والذي دعت فيه "كل الثوار للتوجه فورًا إلى لجنة التفكيك وذلك للاتفاق على كيفية تأمين هذه المقرات"، بداية لدورة جديدة من التطورات الدرامية التي تشهدها البلاد منذ محاولة الانقلاب العسكري التي تم إحباطها الثلاثاء الماضي 21 أيلول/سبتمبر 2021.
وبعد أقل من ساعة على منشورها الأول، أعلنت اللجنة عن مؤتمر صحفي وصفته بالـ"تاريخي"، للكشف عن آخر المستجدات.
وما إن أعلنت اللجنة عن مؤتمرها، حتى بدأ توافد قيادات قوى الحرية والتغيير ووزراء الحكومة الانتقالية من المجموعة التي صارت تعرف باسم "مجموعة الأربعة"، فيما تحدث في المؤتمر الصحفي أعضاء اللجنة أولًا لتوضيح ملابسات سحب القوات، حيث كشف عضو اللجنة صلاح مناع، أن قائد القوة المشتركة حضر في الساعة الثامنة من صباح الأحد، وقال إن هناك أمر من رئاسة الأركان بأن يتم سحب القوات المشتركة من كل المواقع، وأوضح مناع أنهم تواصلوا مع والي الخرطوم والذي "قال بأن هناك سحب لقوات الشرطة من كل المواقع، بعد أن طلب نشر قوات من الشرطة في المواقع التي انسحبت منها القوات المشتركة" بحسب مناع، ولكن مناع عاد وقال إن قوات الشرطة لم تنسحب فعليًا وأنها تؤمن جميع المواقع.
تحدث بعدها وزير مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، والذي وصف سحب القوات بأنه "ليس حدثًا معزولًا، وهو من ضمن سلسلة من الاعتداءات والأفعال بغرض إضعاف المرحلة الانتقالية وتسهيل الانقلاب عليها" بحسب تعبيره، واصفًا استهداف لجنة إزالة التمكين بأنه جزء من مخطط الانقلاب على ثورة ديسمبر المجيدة.
تلاه عضو مجلس السيادة ولجنة تفكيك التمكين محمد الفكي سليمان، والذين ابتدر حديثه بالجملة التي شن رئيس مجلس السيادة عليها هجومًا لاذعًا قبلها بأيام عقب المحاولة الانقلابية: "هبوا لحماية بلادكم وحماية الانتقال"، وأعلن عن سحب الحراسات العسكرية عنه رغم أنه عضو بمجلس السيادة، واصفًا الشراكة مع المكون العسكري بـ"العقد المر"، معلنًا حرصه على استقرار البلاد والمرحلة الانتقالية.
لينخرط بعدها المجلس القيادي المركزي [الجديد] لقوى الحرية والتغيير في أول اجتماع له عقب كلمات مقتضبة لكل من الوزير السابق بوزارة الصناعة والتجارة مدني عباس مدني، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، والقيادي بحزب الأمة القومي الفاضل الصادق المهدي، والقيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال "جناح مالك عقّار" ياسر عرمان، أدانو فيها من وصفوهم بالانقلابيين وطالبوا بوحدة قوى الحرية والتغيير والعودة إلى "منصة التأسيس"، كما نددوا بسحب القوات عن مقر لجنة إزالة التمكين ومواقع التأمين.
تزامن ذلك مع إصدار مجموعة أخرى من تنظيمات قوى الحرية والتغيير، وأهمها حركة جيش تحرير السودان بقيادة أركو مني مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، أكدوا فيه تمسكهم بالمرحلة الانتقالية وبالشراكة لاستكمال مؤسسات الفترة الانتقالية وصولًا للانتخابات والتحول الديمقراطي في البلاد، وأعلنوا فيه رفضهم لما أسموه بـ"اختطاف الثورة والتحدث باسمها" من قبل من أسموهم بـ"مجموعة الأربعة"، حيث اتهم البيان المجموعة والتي يقصد بها عدد من التنظيمات السياسية من ضمنها حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني، بأنها "أوصلت بسياساتها البلاد لهذا الانسداد السياسي والشقاق مع المكون العسكري"، معلنين عن عملهم على ميثاق للتوافق الوطني "سيُعبر عن التنوع السياسي والاجتماعي بالبلاد"، بحسب ما ورد في البيان.
ولم يمض وقت طويل على البيان أعلاه، والذي نشره "مبارك أردول" مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية، حتى أعلن رئيس الحزب الاتحادي الموحّد عدم توقيعه على البيان، مناديًا في نفس الوقت بضرورة "تصحيح مسار الحرية والتغيير وإعادة هيكلتها بما يمكنها من أداء دورها في إكمال أهداف الثورة وحماية الانتقال دون إقصاء لمُكوِّن عدا حزب المؤتمر الوطني ومن والاه من أحزاب سقطوا معه في أبريل 2019" بحسب منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وجاءت الضربة الثانية لمجموعة "أردول"، من مكتب نائب رئيس حزب الأمة القومي إبراهيم الأمين، والذي أعلن بأن الأمين لم يوقع على البيان المتداول والممهور بتوقيعه ضمن توقيعات المجموعة المناوئة لمن أسموها بـ"مجموعة الأربعة".
في الأثناء، أصدر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك مجموعة من التصريحات، حيث طالب أطراف قوى الحرية والتغيير بالالتزام الصارم بالوثيقة الدستورية، معلنًا أن الصراع الدائر ليس بين عسكريين ومدنيين، بل هو صراع بين المؤمنين بالتحول المدني الديموقراطي من المدنيين والعسكريين، والساعين إلى قطع الطريق أمامه من الطرفين، على حد قوله، فيما وصف لجنة إزالة التمكين بأنها من مكتسبات الثورة، قائلًا إن الدفاع عنها والمحافظة عليها واجب، مؤكدًا عدم التراجع عن تفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو 1989.
التداعيات الخطيرة لأحداث الأيام الماضية ما تزال مستمرة، في ظل قلق وسط الشعب السوداني والمتابعين عن ما ستسفر عنه مقبل الأيام، وصمت مريب من المكون العسكري وقياداته، القيادات التي كانت قد شنت هجمات لاذعة على المدنيين في الأيام الماضية عقب المحاولة الانقلابية، والتي آثرت الصمت منذ أحداث الأمس، وسط تساؤلات جادة عن مصير الشراكة بين المدنيين والعسكريين، ومصير الفترة الانتقالية المتعثرة في السودان.
اقرأ/ي أيضًا