ذكر متطوعون في وحدة غسيل الكلى بمستشفى النو في أمدرمان وهي منطقة خاضعة لسيطرة الجيش، أن النقص في معينات غسيل الكلى من أدوية "الهيبارين" ومحاليل الملح يشكل تحديات في تسيير العمل في المركز الذي يستقبل الآلاف، نتيجة توقف المراكز في غالبية مناطق العاصمة.
توقف مراكز الأورام بالخرطوم يدفع المرضى إلى شمال البلاد
وأبلغ متطوع بمستشفى "النو" بمدينة أمدرمان "الترا سودان"، أن النقص في أدوية تساعد مرضى غسيل الكلى أثناء عملية الاستصفاء الدموي في المركز داخل المستشفى يشكل تحديًا كبيرًا أمام المتطوعين الذين يطلقون في بعض الأحيان مناشدات على وسائل التواصل الإجتماعي، لتوفير المال لغرض شراء هذه الأدوية.
ويرى هذا المتطوع أن الاعتماد على المناشدات ليس حلاً ناجعًا، مشيرًا إلى أن مركز غسيل الكلى بمستشفى النو يحتاج إلى توفير شحنات من هذه الأدوية في الوقت الراهن، لأن هناك حاجة ماسة لتغطية العمليات على مدار اليوم.
وجراء الحرب بين الجيش والدعم السريع، توقفت 80% من المراكز الطبية والمستشفيات خاصة في العاصمة الخرطوم وود مدني ونيالا والفاشر وزالنجي وبابنوسة وأم روابة، وهي المدن النشطة في القتال.
وأضاف المتطوع بمستشفى النو: "كنا نشتري أدوية غسيل الكلى عن طريق تبرعات الأفراد الذين يرسلون المال عبر المحافظ الإلكترونية، لكن مع الضغوط الاقتصادية تراجعت التبرعات". ولا يزال القطاع الصحي في السودان يتلقى الضربات بسبب الحرب، ومع استمرار القتال فإن الوضع قد يتجه نحو الكارثة، وفق تحذيرات العاملين في المنظمات الإنسانية.
وبسبب توقف المستشفيات الكبرى التي كانت تتابع حالات الآلاف من مرضى السرطان، لم يكن أمام العشرات سوى الاستسلام للمرض، مع فقدان الآلاف لعمليات العلاج التلطيفي بالمراكز الطبية بالعاصمة الخرطوم. ويعتبر مستشفى مروي بالولاية الشمالية ضمن المراكز القليلة التي تعمل على استقبال مرضى السرطان، ويعاني من نقص الأجهزة والمعدات والأطباء الاختصاصيين في علاج الأورام.
ويقول محمد عبد الوهاب لـ"الترا سودان"، إنه اتجه إلى مستشفى مروي بالولاية الشمالية مع والده قبل شهرين، والذي فارق الحياة متأثرًا بالمرض الخبيث، ودفن في مروي ثم عادوا إلى بلدتهم شرق البلاد.
وأضاف: "عشرات المرضى جاؤوا بحثًا عن علاج السرطان في مستشفى مروي الوحيد الذي يقدم هذه الخدمة في القطاع الحكومي على مستوى البلاد، مع توقف مستشفى الأورام في ود مدني عقب اجتياح الدعم السريع للمدينة نهاية العام الماضي".
وتابع: "بعض المرضى يتابعون العلاج في مروي، والبعض توفي لأنه وصل في مراحل متأخرة، لقد دفنوا هناك، الناس في مروي يقدمون المساعدات للمرضى والمرافقين، لكن المستشفى يحتاج إلى الاهتمام الحكومي".
وقبل اندلاع الحرب، كان نحو (10) آلاف شخص يترددون على مراكز علاج الأورام بالعاصمة الخرطوم ما بين القطاع العام والخاص، ولم تعد متاحة الآن لتحول غالبية مناطق الولاية إلى ساحة معارك، كما أن العديد من المستشفيات تقع في مناطق خاضعة لسيطرة الدعم السريع.
ومع إغلاق أبواب الأمل بشأن علاج السرطان، اضطر بعض المرضى إلى السفر عبر الطريق البري إلى مصر، كما أن بعض المرضى خاصة أولئك الذين يعانون من مضاعفات السكر والضغط، اضطروا للسفر عبر شاحنات التهريب من شمال السودان إلى مدينة أسوان المصرية.
وتُشير تقديرات صادرة عن وزارة الصحة السودانية، إلى ترك أدوية في مستودعات رئيسية جنوب الخرطوم في منطقة الإمدادات الطبية بقيمة نصف مليار دولار نهبت بالكامل، وتخضع لسيطرة الدعم السريع منذ بداية الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023.
ويعول السودانيون على إنعاش القطاع الصحي في الولايات الخاضعة لسيطرة الجيش والواقعة خارج دائرة القتال، لكن التمويل يشكل عقبة أمام تطوير المستشفيات التي تعاني من تردي الأوضاع ونقص الأطباء والمعدات.
وطلبت وزارة الصحة السودانية من دولة قطر إعمار القطاع الصحي في الولايات، وأبدى مسؤولون قطريون موافقتهم على هذا الطلب، ولا تزال النقاشات جارية بين البلدين.
وارتفعت أسعار الأدوية ورسوم مقابلة الأطباء في القطاع الطبي الخاص بالولايات خلال الحرب متأثرة بارتفاع سعر الصرف والأزمة الاقتصادية، فيما يعاني بعض المرضى من شح الأدوية خاصة المنقذة للحياة.