20-أكتوبر-2021

(Getty)

الترا سودان | فريق التحرير

قالت وكالة رويترز للأنباء إن شركة فيسبوك في الأشهر الأخيرة قد قامت بإغلاق شبكتين كبيرتين تستهدفان المستخدمين في السودان حيث يتصارع القادة المدنيون والعسكريون مع بعضهم البعض حول مستقبل ترتيب مؤقت لتقاسم السلطة.

وتتصاعد معركة الرأي العام التي يحدث معظمها على الإنترنت في السودان مع تعافي البلاد من الأزمة الاقتصادية والانتقال الهش إلى الديمقراطية بعد (30) عامًا في عهد الرئيس عمر البشير، الذي أطيح به في انتفاضة شعبية في العام 2019.

قالت شركة فيسبوك إن إحدى الشبكات التي تمت إزالتها كانت مرتبطة بقوات الدعم السريع

وقالت شركة فيسبوك، إن إحدى شبكات الصفحات غير الأصلية "Inauthentic Accounts" التي تمت إزالتها كانت مرتبطة بقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بينما تم تصنيف الأخرى -بحسب باحثين كلفتهم الحكومة الانتقالية-  على أنها تتبع لمؤيدي البشير وتعمل على التحريض على الانقلاب العسكري.

اقرأ/ي أيضًا: ورقة جديدة للمركز العربي تناقش تحديات المرحلة الانتقالية في السودان

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت شركة فيسبوك إنها أغلقت شبكة تضم ما يقرب من الألف حساب وصفحة بهم (1.1) مليون متابع يديرها أشخاص كشفت الشركة أنهم مرتبطون بقوات الدعم السريع.

وعززت الشبكة التي أزالتها شركة فيسبوك، البث الإعلامي الرسمي لقوات الدعم السريع وغيرها من المحتويات المتعلقة بالقوات التي تعمل تحت قيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة، ويرى بعض السودانيين أن له طموحات سياسية.

ولم يرد ممثلو قوات الدعم السريع ودقلو على طلبات من "رويترز" للتعليق. فيما لم يكن لدى الحكومة أي تعليق على إزالة الحسابات المتعلقة بقوات الدعم السريع. بينما ينفي دقلو الشهير بـ"حميدتي"، أنه يعمل من أجل التمكين الشخصي، وقال في وقت سابق إنه ملتزم بالانتقال الديمقراطي إلى الحكم المدني في السودان.

وقال مدير إدارة تعطيل التهديدات في فيسبوك، ديفيد أغرانوفيتش، لرويترز، إن الشبكة قد حُدّدت من خلال أنظمة تحقيقات فيسبوك الداخلية.

وقالت الشركة إنها أزالت شبكة ثانية أيضًا في حزيران/يونيو الماضي، وذلك بعد تلقيها بلاغًا من شركة فالنت بروجيكتس (Valent Projects)، وهي شركة أبحاث مستقلة استأجرتها وزارة الإعلام السودانية للنظر في نشاط مشبوه مرتبط بالموالين للبشير.

وقال فيسبوك إن الشبكة تضم أكثر من (100) حساب وصفحة ولديها أكثر من (1.8) مليون متابع.

ولم يسبق أن تم الإعلان عن نتائج جهود الحكومة السودانية لمحاربة من تصفهم بالموالين للنظام السابق الذين يعملون على تقويض المرحلة الانتقالية.

وقالت وزارة الإعلام في تصريح لرويترز، إن الموالين "يعملون بشكل منهجي لتشويه صورة الحكومة"، في إشارة إلى منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة أبلغت عنها شركة فالينت.

وفي كلتا الشبكتين، قلّدت المنشورات وسائل الإعلام الإخبارية لكنها قدمت تغطية محرَّفة للأحداث السياسية، وفقًا لفيسبوك وبعض الباحثين المستقلين.

ويعتمد السودانيون الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت -حوالي (30)% من السكان البالغ عددهم (45) مليون نسمة - بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار.

ووصلت "الشراكة العسكرية - المدنية" التي حلت محل البشير المسجون منذ العام 2019، إلى نقطة الانهيار في الأسابيع الأخيرة في أعقاب ما وصفته السلطات بمحاولة انقلاب فاشلة.

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة "حاضرين" تسلط الضوء على مجزرة القيادة العامة بتوثيق مفصل

واتهم مسؤولون مدنيون كلًا من الموالين للبشير والجيش بإثارة الاضطرابات، بما في ذلك في شرق البلاد، حيث يمنع متظاهرون يتبعون لزعامات قبلية، الشحن من بورتسودان، مما أدى إلى تفاقم الشح في المواد الغذائية الناجم عن أزمة اقتصادية طويلة الأمد.

وينفي قادة عسكريون هذه الاتهامات ويقولون إنهم ملتزمون بالانتقال إلى الديمقراطية.

تحريض

بينما تقول شركة فيسبوك إنها تستخدم أدلة تقنية على المنصة للتوصل للمجموعات التي تعمل على تضليل المستخدمين بشأن هويتهم، ويقول باحثون مثل شركة فالينت بروجكتس، إنهم يعتمدون على تحليل المحتوى للتوصل لهذه المجموعات، مشيرين على سبيل المثال إلى مشاركة منشور واحد في وقت واحد من قبل حسابات مختلفة.

أعلنت شركة تعاقدت معها وزارة الإعلام أن الشبكة أكبر بثلاث مرات من التي أزالها فيسبوك

وقالت فالينت بروجيكتس، إن الشبكة التي حددتها كانت أكبر بثلاث مرات من الشبكة التي رصدها فيسبوك، وجذبت أكثر من ستة ملايين متابع وتستمر في النمو.

وقال ممثلو الشركة التي تعاقدت معها وزارة الإعلام، إن الشبكة كانت نشطة هذا الأسبوع، وكانت تحرض على الانقلاب العسكري  فيما تجمع متظاهرون في وسط الخرطوم، وأيضًا الشهر الماضي على أعقاب المحاولة الانقلابية التي تم إحباطها.

وقال مؤسس الشركة أميل خان: "يبدو أنهم كانوا يحاولون إعطاء الانطباع بأن هناك دعم شعبي لمثل هذه الخطوة".

وعند سؤاله عن تقييم شركة فالينت المختلف عن فيسبوك، قال أغرانوفيتش إن الشركة واثقة من أنها أغلقت الشبكة بالكامل، وأن الحسابات الأخرى التي حددتها فالينت لم تكن لها علاقة بهذه الشبكة. وقال إن فيسبوك سيواصل مراقبة أي إحياء للشبكة.

وتقول بعض منشورات الشبكة إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ليس مسلمًا، وتتهم موظفيه بدفع رواتبهم بالدولار، وهي تهمة نفاها مكتب رئيس الوزراء.

ويروج المساهمون في الشبكة لعودة البشير، المسجون بتهم فساد ضمن تهم أخرى، وهو مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب فظائع في صراع دارفور. فيما ينفى البشير جميع التهم الموجهة إليه.

وقال زهير الشمالي، رئيس الأبحاث في فالنت بروجكتس، إن الشبكة التي أبلغت عنها المجموعة ضاعفت من الدعوات إلى العصيان المدني في الشرق.

كما شجعت الاحتجاجات قبل 30 حزيران/يونيوـ والذي يوافق الذكرى السنوية للانقلاب الذي تولى فيه البشير السلطة في عام 1989، بحسب الشركة البحثية.

وقال خان، مستشهدًا بحركة تدعى "أختونا": "اعتقد الناس في السودان أنه ستكون هناك مظاهرة ضخمة لأنهم شهدوا الكثير من النشاط. في النهاية حضر حوالي (3500) شخص فقط".

واتصلت رويترز بثلاثة مديرين لصفحات لم يحذفها فيسبوك، حيث نفوا لرويترز أن يكونوا جزءًا من شبكة.

وقال أحدهم بعد أن طلب عدم الكشف عن هويته: "إن الهيئات الحاكمة اليوم تصنف أي انتقاد لسياساتها القمعية وإدارتها الاقتصادية والسياسية السيئة على أنها مرتبطة بالنظام السابق".

وقالت وزارة الإعلام إنها لم تتخذ أي إجراءات قانونية بحق الصفحات أو المسؤولين، وقالت: "الحكومة السودانية ملتزمة بحماية حرية التعبير".

وكان فيسبوك قد أعلن في كانون الأول/ديسمبر 2020 وأيار/مايو 2021، عن عمليتي إزالة سابقتين استهدفتا حسابات تعمل على دعم حميدتي وقوات الدعم السريع، وفقًا لباحثين في مرصد ستانفورد للإنترنت ومختبر التقصي الرقمي التابع للمجلس الأطلنطي.

اقرأ/ي أيضًا: مسارات الانتقال في السودان والجزائر تحت مجهر البحث في مؤتمر المركز العربي

وقال فيسبوك إنه وجد روابط مع وكالة أبحاث الإنترنت الروسية (IRA) في كلتا الشبكتين، وهي المجموعة التي أعلن رسميًا حلها، والمتهمة بالتدخل في الانتخابات الأمريكية لعام 2016.

بحسب فيسبوك فإن أحدث شبكة مرتبطة بالدعم السريع تمت إزالتها لم تنم عن أي ارتباط بمؤسسات خارجية

ورفضت آنا بوجاتشيفا، التي اتهمتها الولايات المتحدة بتنفيذ عمليات الوكالة الروسية للتدخل في الانتخابات والعمليات السياسية -رفضت الإجابة على أسئلة رويترز بخصوص الوكالة المحلولة.

فيما قال أغرانوفيتش إن أحدث شبكة مستهدفة مرتبطة بقوات الدعم السريع لم تنم عن ارتباطات خارجية، وبدت كجزء من اتجاه يشهد تزايدًا في الفترة الأخيرة من العمل المحلي.

اقرأ/ي أيضًا

"المدنيون".. الأيادي المغلولة لا تصنع الانتقال

خبراء قانونيون: مسودة قانون صناعة الدستور تتطلب مراجعات