10-أكتوبر-2021

السلطة الانتقالية في مفترق طرق خطير قد يؤدي لنسف الفترة الانتقالية (Wikimedia)

عامان منذ تولي الحكومة التنفيذية مهامها برئاسة عبدالله حمدوك، لكن رغم ذلك لا تزال سلطاتها مغلولة كما اعترف رئيس الحكومة المدنية أكثر من مرة بسبب الشراكة غير المتوازنة مع المكون العسكري والتي تمر باضطرابات هذه الأيام، امتدت لتعليق الاجتماعات الراتبة بين الجانبين.

وصرح نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" نهاية الأسبوع الماضي، أن المكون العسكري سيسلم جهازي الشرطة والمخابرات إلى حكومة منتخبة موصدًا الباب أمام إمكانية حصول حكومة حمدوك على قوة قد ترجح كفتها. وبعد ساعات من هذه التصريحات جاء الرد من وزير مجلس الوزراء خالد عمر يوسف الذي اتهم حميدتي بخرق الوثيقة الدستورية على خلفية تصريحاته.

ظهرت الأيادي المغلولة للمدنيين في الأزمات الأمنية وحتى محاكمة رموز النظام البائد

تصريحات حميدتي رغم تزامنها مع أزمة شركاء الحكم منذ ثلاثة أسابيع على خلفية المحاولة الانقلابية وهجوم غير مسبوق من العسكريين على المدنيين، إلا أن محللون قانونيون يفسرون هذه التصريحات على أنها رسالة للمدنيين بأن "أياديهم ستظل مغلولة لعدم تبعية الشرطة وجهاز المخابرات للسلطة التنفيذية على الرغم من إقرار الوثيقة الدستورية لهذا الحق".

اقرأ/ي أيضًا: محافظ مشروع الجزيرة يعلن استرداد وتشغيل أصول تابعة للمشروع

وتنص الوثيقة الدستورية الموقعة بين المدنيين والعسكريين في آب/أغسطس 2019، على اختيار المكون العسكري مدير جهاز المخابرات ووزيري الدفاع والداخلية، ويعين بواسطة مجلس الوزراء وتكون هذه المؤسسات تحت إشرافه ومتابعته حتى على مستوى السياسات والخطط.

ويرى الخبير القانوني والأمين العام للجنة التسييرية لنقابة المحامين الطيب العباس في تصريحات لـ"الترا سودان"، أن وضع الشرطة وجهاز المخابرات ووزارة الدفاع تحت ولاية رئيس الوزراء أقرته الوثيقة الدستورية، مضيفًا أن حميدتي يعتقد أن من يختار هو الذي يشرف وهذا اعتقاد خاطئ.

ويرهن العباس الأزمة الدستورية بين المدنيين والعسكريين إلى غياب المحكمة الدستورية التي تفصل في النزاعات القانونية والمواد المتعلقة بالإعلان الدستوري الموقع بين الطرفين.

ويقول العباس إن الصلاحيات تكفل لرئيس الوزراء تعيين وزراء الدفاع والداخلية ومدير جهاز المخابرات ووضع السياسات والخطط، موضحًا أن بعض الخبراء القانونيين شددوا عند توقيع الوثيقة الدستورية على أن تظل هذه المؤسسات بالكامل تحت ولاية رئيس الوزراء وعدم السماح للمكون العسكري بالاختيار ناهيك عن الإشراف والمتابعة والخطط.

وتابع: "إذا استخدمت السلطة التنفيذية صلاحياتها فيما يتعلق بوزارة الدفاع والداخلية والمخابرات فإنها قد تحقق اختراقا كبيرا في الهيكلة والإصلاحات التي تتماشى مع أهداف الثورة".

ويلجأ رئيس الوزراء إلى عقد اجتماع مشترك بين الدفاع والداخلية والمخابرات ودوره ظاهريًا لا يتعدى التنسيق والإبلاغ والمتابعة، أي أن رئيس الوزراء وفقًا لمحللين قانونيين، لا يأمر هذه القوات بالتحرك والتدخل في الأزمات الأمنية.

ويؤدي نزع صلاحية المدنيين من المؤسسات الأمنية والعسكرية والشرطية إلى "تقليم نفوذهم السياسي والأمني"، وهو ما يظهر في الأزمات الأمنية التي تلاحق الحكومة الانتقالية بحدوث اضطرابات في بعض الولايات.

ويرى المرشح الأسبق للسلطة القضائية والخبير الدستوري عبدالقادر محمد أحمد في تصريحات لـ"الترا سودان"، ان السلطة التنفيذية يجب أن تتولى الإشراف المباشر على الشرطة والمخابرات، لافتًا إلى أن دور المدنيين يمتد إلى أبعد من ذلك برئاسة مجلس الأمن والدفاع الذي يترأسه المكون العسكري دون أي حق دستوري.

وينوه عبدالقادر محمد أحمد إلى أن تباطؤ المدنيين في الإشراف على هذه المؤسسات هو الذي منح الضوء الأخضر للعسكريين الذين يرددون أنهم لا يؤمنون بنظرية الفراغ.

وتعمق التوتر بين المدنيين والعسكريين على خلفية سحب القوات العسكرية من مقرات لجنة إزالة التمكين، والتي تحرس مقار ومبانٍ بمليارات الدولارات استردتها اللجنة من رموز النظام البائد ومنظماته.

وكان الباحث السابق في المجلس الأطلنطي كاميرون هدسون قد أشار في مقابلة مع قناة الجزيرة الأسبوع الماضي، إلى أن العسكريين يجب أن لايستغلوا الأزمات الأمنية لتقديم أنفسهم على أنهم الأجدر بقيادة البلاد، موضحًا أن واشنطن تركز على أن يتولى المدنيون السلطة في السودان.

اقرأ/ي أيضًا: نساء الريف.. "الهجرة" بحثًا عن الصحة النفسية

وتأزمت العلاقة بين العسكريين والمدنيين في أعقاب المحاولة الانقلابية قبل اسبوعين، حيث شن العسكريون هجومًا على المدنيين وأشاروا إلى أن الأزمة الاقتصادية ألقت بظلال سيئة على معاش المواطنين.

محلل: الحكومة المدنية منزوعة الأجهزة الأمنية والعسكرية ومشلولة 

ويشدد الخبير الأمني والمسؤول السابق في الشرطة عادل سيماوي في حديث لـ"الترا سودان"، على أن الحكومة الانتقالية بحاجة إلى إعادة عناصر الشرطة والجيش الذين أحيلوا الى التقاعد الإجباري في عهد المخلوع.

ويرى سيماوي أن الشرطة ما تزال تحت تأثير التمكين السياسي لحزب المؤتمر الوطني ويجب أن تخضع إلى إصلاحات قوية وجذرية.

وأضاف: "السلطة التنفيذية يجب أن تتولى المؤسسات الامنية والعسكرية والشرطية مباشرة دون أي تأخير لهذا الملف".

اقرأ/ي أيضًا

الموت يغيب الفنان والمغني عبد الرحمن عبد الله بالقاهرة

وزير شؤون مجلس الوزراء: تصريحات "دقلو" تمثل تهديدًا للوثيقة الدستورية