هنا في ساحة دنقلا النموذجية، انفتحت نوافذ جديدة للأمل عبر مبادرة شبابية مميزة جاءت بعد شهور عصيبة عاشها السودانيون جراء الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل المنصرم، بحيث فقدت ملايين الأسر مصادر دخلها بينما شهدت ولايات السودان حركة نزوح كبيرة بما فيها دنقلا حاضرة الولاية الشمالية. وفي ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد كان لا بد من عمل مبادرات من شأنها أن توطن معرفة الأهالي بالمشاريع الصغيرة الناشئة، وذلك من أجل تسهيل العملية التسويقية لهذه المشاريع، تمامًا كفعالية "لامّانا بلدنا" والتي تميزت باهتمامها بالجانب الترفيهي، ويأتي ذلك بجانب التسويق، إضافة إلى تنظيم تبرعات خيرية من أجل متضرري الحرب الذين نزحوا إلى الولاية.
عدد المشاريع الناشئة المشاركة في البازار بلغ عدد (41) مشروعًا وكانت معظم المشاريع في مجال صناعة المأكولات
والجدير بالذكر أن الفعالية نظمت يوم الثلاثاء الموافق الأول من آب/أغسطس الجاري بساحة دنقلا النموذجية، وحسب متابعين شهدت الفعالية نجاحًا باهرًا.
أضخم فعالية
وصفت المسؤول بفريق "لامانا بلدنا" ماريا صديق لـ"الترا سودان" الفعالية بالأضخم مقارنة مع الفعاليات التي نظمت في الولاية الشمالية في الفترات السابقة، وتضيف أن الفعالية جاءت تحمل عددًا من الأهداف أهمها دعم الجانب النفسي للنازحين المتأثرين بالحرب خاصة الأطفال والذين نظمت لهم اللجنة القائمة على الفعالية برامج خاصة، وذلك بجانب فتح آفاق جديدة لرواد الأعمال وأصحاب المشاريع الكبيرة والصغيرة من خلال الدور التسويقي الكبير الذي تلعبه مثل هذه الفعاليات.
وتقول ماريا إن عدد المشاريع الناشئة المشاركة في البازار بلغ عدد (41) مشروعًا، وكانت معظم المشاريع في مجال صناعة المأكولات، ويقدر عدد الزائرين بما يتجاوز (700) زائر. فيما أكدت أن هنالك مجموعة من الفعاليات التي ستنفذ في القريب العاجل في مناطق مختلفة بالولاية.
تجربة متميزة
منذ اندلاع الحرب في الخرطوم نزح المواطن محمد عوض إلى الولاية الشمالية موطنه الأصلي بعد أن فقد عمله كمساعد طبي في مستشفى مكة لطب العيون، يقول محمد لـ"الترا سودان" إنه برع في إعداد وجبة الأقاشي حيث يقوم بتجهيزها في كل الرحلات التي يقيمها الأصدقاء، مما دفعه إلى اختيارها كمهنة جديدة له حال وصوله إلى دنقلا.
ويضيف أنه لم يحظى بمكان ثابت لتقديم وجبات الأقاشي حتى الآن بحيث يبيعها تارة بشارع المطار وتارة أخرى بتقاطع نادي الاتحاد، وبعد مشاركته الأخيرة في البازار والتي وصفها بالتجربة المتميزة يسعى محمد جاهدًا لتوفير مكان ثابت لتقديم هذه الوجبات بعد الإقبال الكبير الذي حظي به. وفي ذات السياق تصف راوية عبدالمولى مشاركتها في البازار بالتجربة الناجحة، فيما أثنت على الشباب القائمين على الفعالية واصفة عملهم بأنه "مدروس ومنظم".
وتضيف راوية أنها جاءت من العاصمة الخرطوم لتنخرط في أعمال التزيين بالحناء، بحيث برعت في هذا النوع من الفنون، الأمر الذي شجعها على اتخاذه كأحد مصادر الدخل لها بعد وصولها للولاية الشمالية.
إعلام لافت
أشاد عدد من المتابعين بالفريق الإعلامي الذي نظم حملة إعلانية رقمية وصفوها بالمتكاملة على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الترويج للفعالية، وتقول وضاحة عمر والتي تعمل ككاتب محتوى في الفريق الإعلامي أنهم قاموا بإطلاق هذه الحملة خلال (5) أيام، وذلك من خلال التقسيم الجيد للأدوار والتناغم الكامل النابع عن إصرار أعضاء الفريق في تقديم عمل مميز كونهم يعلمون الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام كعمود أساسي لنجاح أي مشروع.
وتضيف وضاحة أن التنسيق الداخلي للفعالية كان مكون من(4) فرق مختلفة يعمل كل منها لتنظيم جزء معين من الفعالية، فبجانب فريق الإعلام كان هناك فريق المنصة، فريق الأطفال، وفريق البازار، الأمر الذي أخرج عملًا متكاملًا في نهاية المطاف.
وتقول عزة محمد المتخصصة في مجال التسويق الرقمي لـ"الترا سودان" إنها تابعت الحملة الإعلانية التي قدمها فريق عمل "لامانا بلدنا"، ووصفت الحملة بالاحترافية من حيث تصاميم الجرافيك و المحتوى والإستراتيجية التسويقية المتبعة في النشر من مسابقات وسحوبات على تذاكر مجانية إضافة إلى تخفيضات في قيمة تذكرة الدخول، ويأتي ذلك مع الإعلان عن الشركات الراعية للفعالية. ووصفت عزة محمد العمل بأنه "مخطط له بشكل سليم".
يعد انعقاد مثل هذه الفعاليات في ولايات السودان المختلفة أمر مهم كونه يساهم بشكل رئيسي في انتعاش أسواق الولايات
ويعد انعقاد مثل هذه الفعاليات في ولايات السودان المختلفة أمر مهم كونه يساهم بشكل رئيسي في انتعاش أسواق الولايات إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والمادي والمعنوي للنازحين من خلال صناديق التبرعات والبرامج المصاحبة التي تكون مع البازار.