04-أغسطس-2023
الأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي كرتي

وزير الخارجية الأسبق والأمين العام للحركة الإسلامية في السودان علي كرتي (Getty)

ليست هناك شواهد على إشراك المدنيين حتى الآن في مفاوضات جدة بين الجيش والدعم السريع والتي تبحث وقف إطلاق نار طويل الأمد بين الطرفين المتحاربين في السودان.

وفي الاجتماعات التي عقدتها الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (الإيقاد) الشهر الماضي، برزت أصوات تنادي بضرورة تصميم عملية سياسية مباشرة عقب التوقيع النهائي على وقف إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع.

عضو بالمكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير لـ"الترا سودان: "نحن لا نمانع وحدة القوى المدنية، لكن المؤتمر الوطني سقط بالثورة الشعبية، ولا يمكن إعادته إلى الواجهة من جديد"

ومع اقتراب اجتماعات ييسرها الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا نهاية آب/أغسطس الجاري، يرى الاتحاد الأفريقي ضرورة إشراك "الإسلاميين المعتدلين" ضمن القوى المدنية المعنية بالمشاورات السياسية لتشكيل حكومة مدنية عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جدة بين الجيش والدعم السريع خلال هذا الشهر أيضًا.

وفي المقابل، ترفض قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إشراك الإسلاميين في مشاورات أديس أبابا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.

استفسر مراسل "الترا سودان" عضو في المكتب التنفيذي لتحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عما تمخض عنه اجتماعهم إلى السفير الأمريكي لدى الخرطوم جون غود فري في القاهرة حيث يتحرك الدبلوماسي الأمريكي لتوحيد القوى المدنية لدفع الجنرالات إلى إبرام سلام ووقف الحرب في السودان. وقال عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير: "نحن لا نمانع وحدة القوى المدنية، لكن المؤتمر الوطني سقط بالثورة الشعبية ولا يمكن إعادته إلى الواجهة من جديد". إلى هنا انتهى حديث المصدر عضو المكتب التنفيذي لقوى "المجلس المركزي"، لكن لم تنتهِ تحركات المجتمع الدولي (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد) مع تحرك ضعيف لمصر من خلال مؤتمر دول جوار السودان الذي نظمته القاهرة الشهر الماضي – وتهدف التحركات الدولية هذه إلى توحيد القوى المدنية السودانية والعمل على تجسير الهوة بين الإسلاميين والأحزاب الرئيسية داخل قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) إلى جانب الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، لتدخل وهي موحدة في مشاورات سياسية تتيح تشكيل حكومة مدنية خلال شهور من وقف إطلاق النار.

https://t.me/ultrasudan

وقال الباحث في الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد في حديث إلى "الترا سودان" إن المجتمع الدولي لا يجد حرجًا في إشراك الإسلاميين، خاصةً "المجموعات المعتدلة"، في أي فترة انتقالية قادمة يقودها المدنيون. وأوضح مجاهد علي أن الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وهو "تحالف موثوق لدى المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة والسعودية والاتحاد الأوروبي" –على حد وصفه– عملت على ضم المؤتمر الشعبي إلى الاتفاق الإطاري ضمن خطط إضعاف المجموعات الإسلامية، لكن بعد "حرب 15 أبريل" يعتقد المجتمع الدولي، خاصةً تلك الأطراف المنخرطة في الشأن السوداني، أنه حان الوقت لتحييد الجماعات الإسلامية وجعلها جزءًا من اتخاذ القرار السياسي في سودان ما بعد الحرب حتى يتجنبوا تعثر جهود إيقاف الصراع المسلح في البلاد – وفقًا لتحليله.

بينما قال مصدر شارك في اجتماعات الاتفاق الإطاري لـ"الترا سودان" إن دبلوماسيًا أجنبيًا مؤثرًا في العملية السياسية في السودان حذر الفاعلين السودانيين قبيل اندلاع الحرب من فشل العملية السياسية لأسباب متعددة، أبرزها: ضعف التحالف المدني المساند للعملية السياسية، والمعارضة الشرسة من الإسلاميين والمجموعات الجذرية. يجب خلق فرصة أكبر للإجماع الوطني السوداني – يضيف المصدر.

وسأل مراسل "الترا سودان" عضوًا في المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) عن طبيعة القرار الذي سيتخذ داخل التحالف إذا شارك إسلاميون في اجتماعات أديس أبابا. فأجاب: "هذا أمر غير مقبول، لأن الإسلاميين المراد إشراكهم في مشاورات الاتحاد الأفريقي حسب التسريبات، أطاحت بهم الثورة الشعبية. نحن نعتقد أن هذا الأمر سيكون صائبًا في إطار مصالحة شاملة تضع العدالة في الاعتبار، وهناك قضايا انتهاكات وقعت ضد السودانيين، لم يقدّم الإسلاميون فيها، بما في ذلك من يطلقون عليهم المعتدلين، مجرد اعتذار".

اجتماع قوى الحرية والتغيير في القاهرة
اجتماع قوى الحرية والتغيير في القاهرة

رغم معارضة "مجموعة المجلس المركزي" لإشراك الإسلاميين في اجتماعات أديس أبابا نهاية الشهر الجاري، يرى المجتمع الدولي أن أي تخطٍ لهذه المجموعات يعني استمرار دوامة العنف المسلح في السودان – يقول مصدر دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية السودانية.

ويعتقد الدبلوماسي حسب إفادات مقتضبة لـ"الترا سودان" أن المجتمع الدولي لا ينظر "بحساسية" إلى المجموعات الإسلامية بقدر نظرته إلى المصالح التي يبحث عنها في السودان، ومتى ما تعارضت معه فإنه على استعداد لضم صوته إلى الأصوات الرافضة، لكن في الوقت الحالي بالنسبة للأطراف الدولية، فإن إشراك الإسلاميين "المعتدلين" في الشأن السياسي وصناعة القرار أفضل من عزلهم، لافتًا إلى أن قضايا العزل السياسي للأحزاب والجماعات السياسية تبقى شأنًا داخليًا تعتمد على كفاءة القوى المدنية المعارضة للإسلاميين وقوتها وتنظيمها.