13-سبتمبر-2020

(لجنة تفكيك التمكين)

يبدو أن الأضرار التي تقع على الخدمة المدنية بفعل بعض قرارات لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، ستفرز المزيد من الضحايا. وهذا الأسبوع كان حافلًا بالعديد من الإجراءات التي اعتبرها موظفون خاطئة ومدمرة للثورة، وذلك بفصل مئات الموظفين من الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء بالولايات، ويعتقد غالبيتهم أنهم كانوا ضحايا للجنة التفكيك التي لا تعلم عنهم شيئًا، بالإضافة لتصفية الحسابات داخل أروقة المؤسسات الحكومية التي تعج بالمسؤوليين الذين عينهم النظام البائد.

عامل مفصول: من الصعب أن تجرب شعور الفصل من عملك الذي شكل مصدر دخلك  

وأدى قرار لجنة التفكيك العليا الذي نص على فصل (432) موظفًا من شركات الكهرباء، لإغلاق مكتب خدمة الكهرباء بمحلية البحيرة شمال مدينة أبوحمد بولاية نهر النيل، بعد أن وجد أربعة عمال اسماءهم في الكشف الذي صدر مؤخرًا.

اقرأ/ي أيضًا: مشهود لهم بالنزاهة ولا ينتمون للنظام البائد.. ضحايا في قوائم لجنة التفكيك

تم توظيف السيد أحمد سيد وعبد الباسط حسن أحمد وأحمد عمر أحمد وميرغني وداعة الله في مكتب كهرباء محلية البحيرة "الخيار المحلي" في 1 أيار/مايو  2018 بعد أن طرحت الوظائف لأبناء المنطقة، خاصةً وأن العمال من خارجها يرفضون الانتقال إليها. وفضلت الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء توظيف أبناء المنطقة لدرجة أن ثلاثة وظائف في مكتب الكهرباء لا تزال شاغرة حتى اليوم.

لكن يبدو أن لجنة التفكيك غابت عنها التفاصيل الخاصة بالمنطقة، وأدرجت الأربعة ضمن قائمة المفصولين بحجة تفكيك التمكين، وإثر ذلك أغلق المكتب بالكامل دون مراعاة -بحسب سيد أحمد سيد- لوضع منطقة دفعت ثمنًا فادحًا في عهد المخلوع بخسارة أراضيها وتهجير سكانها قسريًا وإجبارهم على إخلاء المنطقة حول سد مروي، بالتالي تصبح نظرية وجود تمكين سياسي للنظام البائد في منطقة مناوئة للنظام غير منطقية.

ويعرب سيد أحمد سيد وهو أحد المفصولين من شركة توزيع الكهرباء مكتب محلية البحيرة في حديث لـ"الترا سودان"، عن أسفه نتيجة للقرار الصادر عن لجنة التفكيك بفصلهم من مكتب كهرباء محلية البحيرة "الخيار المحلي"، بحجة إزالة التمكين. ويتساءل هل إغلاق مكتب كامل بحجة إزالة التمكين قرار صحيح؟.

في الوقت الراهن أصبحت محلية البحيرة "الخيار المحلي" بلا مكتب كهرباء، في حين تسببت الرياح والأعاصير الخميس الماضي في سقوط أعمدة كهرباء. ومع تعطل وحدة الصيانة جراء قرار لجنة التفكيك؛ تعيش المحلية وضعًا سيئًا لدرجة أنها تبحث عن تعاقدات مؤقتة لتشغيل المكتب، والذي هو عبارة عن مستودع صغير يحتوي على معدات الصيانة.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة: الفيضانات دمرت 1700 هكتارًا زراعيًا و179 مرفقًا بالسودان

ويقول ميرغني وداعة أحد المفصولين من مكتب كهرباء محلية البحيرة لـ"الترا سودان"، إن الفصل من العمل ظلم فادح. فإذا ظلم النظام البائد آلاف السودانيين بالإيقاف من الخدمة بحجة الصالح العام في تسعينيات القرن الماضي، لماذا تكرر نفس الأخطاء وتبلغ موظفًا في منطقة نائية بالتوقف عن العمل لأنه "كوز" أو هكذا تم إبلاغنا.

أحد المفصولين: الإصلاحات في الخدمة المدنية هي التي تحميها من التأثيرات السياسية

وتنطلق دعوات من خبراء في الحكم الاتحادي بإيقاف فصل صغار الموظفين من الخدمة المدنية بحجة تفكيك التمكين، لأن المطلوب بحسب مصدر من وزارة الحكم الاتحادي تحدث لـ"الترا سودان"، تحقيق إصلاحات في الخدمة المدنية بحيث تجعلها قادرة على استيعاب جميع التباينات السياسية والقوى غير المنظمة سياسيًا.

ويشير سيد أحمد سيد، وهو أحد الضحايا، إلى أن "الإصلاحات في الخدمة المدنية هي التي تحميها من التأثيرات السياسية، وبالتالي إذا كانت هناك فئة سياسية تريد تحقيق أجندة حزبية ستفشل لأن الخدمة المدنية ونظامها الصارم لن تسمح لهم بذلك، فالغرض من الخدمة المدنية تقديم الخدمات للمواطنين لا استخدامها مطية للصعود إلى السلطة أو البقاء فيها أطول فترة ممكنة".

المشكلة التي تعاني منها محلية البحيرة "الخيار المحلي" أنها في منطقة أقصى شمال ولاية نهر النيل، وواجهت عسف سلطة النظام البائد التي حكمت المنطقة بالحديد والنار، وجهاز الأمن الذي بطش بالمواطنين وأجبرهم على التهجير القسري لبناء سد مروي. وتم استيعاب هؤلاء العمال الذين تم فصلهم لأنهم من أبناء المنطقة، ولديهم القدرة على معايشة ظروفها، خاصةً مع رفض العمال من خارجها العمل في هذه المناطق.

اقرأ/ي أيضًا: حاكمة نهر النيل تقرع جرس امتحان الشهادة من مهد الثورة بعطبرة

وعقب صدور قرار الفصل اضطر العمال الأربعة المفصولين من الخدمة للسفر إلى الخرطوم وقطع مسافة (500) كيلومتر لتسليم شكوى إلى مكتب عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا عبر مكتبها في القصر الرئاسي، وتم إبلاغهم بترك أرقام هواتفهم للرد عليهم لاحقًا. ثم توجهوا إلى لجنة الاستئنافات بمقر لجنة إزالة التمكين، وتقدموا بطعن ضد قرار فصلهم.

مصدر بوزارة الحكم الاتحادي: فصل صغار الموظفين يزيد من معسكر الناقمين على حكومة الثورة

ويضيف سيد أحمد سيد: "قررنا السفر على نفقتنا الخاصة إلى الخرطوم لتسليم الشكوى إلى مكتب رجاء نيكولا عضو مجلس السيادة، وشكوى أخرى للجنة الاستئنافات بلجنة التفكيك بمقرها في مبنى برلمان الولاية سابقًا. إنها تجربة صعبة أن تفقد عملك ومصدر دخلك".

ويوضح سيد: "أنا خريج هندسة كهرباء من جامعة النيلين، ومؤهلاتي هي التي قدمتني  للعمل في مكتب الكهرباء محلية البحيرة. رفقائي أيضًا حصلوا على شهادات التخصص في هندسة الكهرباء من الجامعات. نحن مؤهلون ويجب أن نعود إلى عملنا فورًا. فالثورة لم تندلع لإرسال الشباب إلى منازلهم بعد فصلهم من العمل".

ولإتاحة الفرصة للجنة التفكيك وإزالة التمكين للدفاع عن موقفها من قرارات فصل صغار الموظفين، استفسر "الترا سودان" الرئيس المناوب للجنة التفكيك محمد الفكي سليمان، والذي شدد على عدم إلحاق أي ظلم بالمواطنين، مشيرًا إلى أن اللجنة تسلمت قضية الشباب المفصولين من مكتب كهرباء محلية البحيرة، وستقوم بدراسة القضية والبت فيها قريبًا.

اقرأ/ي أيضًا: "فيصل وين؟".. سؤال للأحراش

ويقول المصدر الذي تحدث من وزارة الحكم الاتحادي والذي اشترط حجب اسمه بسبب انتقاداته للجنة التفكيك، إن "فصل صغار الموظفين بحجة التفكيك أمر خطير ويؤدي إلى اتساع القوى المناوئة للحكومة، لأن الخدمة المدنية حاليًا غير مؤهلة لمعرفة عناصر النظام البائد. وحتى إن استمروا في عملهم لن يشكلوا خطرًا إذا نفذت إصلاحات في الخدمة المدنية، لأن الغرض من إزالة التمكين إصلاح المؤسسات الحكومية وليس طرد صغار الموظفين".

خبير من الحكم الاتحادي: لماذا تزيد معسكر المناوئين لحكومة الثورة بالموظفين الناقمين على الحكومة الانتقالية؟

وأضاف: "لماذا تزيد معسكر المناوئين لحكومة الثورة بالموظفين الناقمين على الحكومة الانتقالية؟ عليك أن تجعلهم في صفك بالإصلاحات المباشرة في الخدمة المدنية، كما إن توظيف موالين للأحزاب السياسية في مكاتب الوزراء هو الآخر نوع من الفساد، لماذا تتغاضى عنه؟".

اقرأ/ي أيضًا

حوار| قضايا السلام والانتقال الديمقراطي مع رئيس الجبهة الثورية

مبادرة "نداء الخرطوم".. حتى تسمع الخرطوم ويسمع السودان