12-سبتمبر-2020

رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس يحيى

رحب رئيس الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق السلام، الهادي إدريس يحيى، بإعلان المبادئ الذي تم توقيعه الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال- عبد العزيز آدم الحلو، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واصفًا إياه بالخطوة المهمة التي تصب في صالح دعم العملية السلمية بالبلاد، معتبرًا أن القضايا التي تطرقت اليها وثيقة أديس أبابا متضمنة ضمن اتفاق الحكومة والجبهة الثورية الذي تم التوقيع عليه بالعاصمة جوبا قبل أسبوعين.

رحب الرئيس باتفاق "حمدوك-الحلو"، وأعلن عن وفد مقدمة للخرطوم، كما تحدث عن المسارات، الأزمة الاقتصادية، والفيضانات

وقال يحيى في المقابلة التي أجراها معه مراسل "الترا سودان" بالعاصمة جوبا: "نحن نرحب باتفاق "حمدوك-الحلو" الذي تم التوقيع عليه في أديس أبابا، ونعتبر أنه يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، نحن ناقشنا كل القضايا لكن هناك أطراف لم تحضر، فإعلان أديس تحدث عن فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية، وهذا منصوص عليه في اتفاق جوبا الذي تحدث عن فصل المؤسسات الدينية عن السياسة حتى لا يتم استغلال الدين في السياسة".

اقرأ/ي أيضًا: حوار| أسئلة السلام مع الناطق باسم وفد الحركة الشعبية جناح "الحلو" في جوبا

وأعلن رئيس الجبهة الثورية عن اعتزامهم إرسال وفد مقدمة في الأيام المقبلة إلى العاصمة السودانية الخرطوم لتهيئة الأرضية للوفد الرئاسي الذي سيتوجه للبلاد بمجرد التوقيع النهائي على اتفاق السلام مطلع تشرين الأول/أكتوبر المقبل، مشيرًا إلى أن تلك الزيارة تهدف إلى توحيد مواقف قوى الثورة والأطراف السياسية السودانية من أجل دعم عملية الانتقال السلمي والديمقراطي بالبلاد، فإلى مضابط الحوار:


  • في البداية نريد تقييمك للاتفاق الأخير الذي توصلتم إليه مع الحكومة السودانية قبل أسابيع بجوبا، هل كان هذا هو ما كنتم تطمحون إليه في الجبهة الثورية؟

دعني في البداية اتقدم بالشكر لشعب وحكومة جنوب السودان وتحية خاصة للرئيس سلفا كير ميارديت صاحب مبادرة التوسط في ملف النزاع السوداني. إن هذا الاتفاق بالنسبة لنا قد عالج وخاطب كل مشاكل السودان، فهي المرة الأولى في تاريخ السودان التي  يتم التوصل فيها لاتفاق يخاطب أمهات القضايا. ففي السابق كانت الاتفاقيات محصورة بين متمردي الجنوب والمركز، بدايةً باتفاق أديس أبابا بين جوزيف لاقو وحكومة نميري، والذي جاءت بعده عدة اتفاقيات جزئية في دارفور، جبال النوبة وجنوب السودان، لكن الاتفاق الأخير بين الجبهة الثورية والحكومة السودانية يعتبر اتفاقًا شاملًا، فهو يضم ستة أجزاء رئيسية، منها ورقة ناقشت القضايا القومية مثل الهوية، علاقة الدين بالدولة، المؤتمر الدستوري، وتقاسم السلطة بين المركز والأقاليم. 

 رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس يحيى
 رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس يحيى

تحدثنا في وثيقة الاتفاق أيضًا عن العودة لنظام الأقاليم، هذه هي المرة الأولى التي نوقشت فيها القضايا القومية، كذلك توجد خمسة مسارات ناقشت إفرازات الأزمة في مناطق السودان المختلفة. عليه فهذا أول اتفاق يناقش قضايا كافة الأقاليم المهمشة في شمال ووسط وشرق السودان، هذا هو ما يميز الاتفاق الذي تم في ظل ظروف مختلفة، فهو أول اتفاق يتم في ظل حكومة الثورة، عكس الاتفاقيات السابقة التي كانت تتم في ظل أنظمة شمولية لا تحترم أي تسوية سلمية، حدث هذا مع الرئيس جعفر نميري، الذي قام بانتهاك اتفاق أديس أبابا. كذلك أهم ما ميز هذا الاتفاق هو أنه تم في جنوب السودان، فالحكومة في جوبا بقيادة سلفا كير لديها معرفة دقيقة وتامة بالملف السوداني.

  • بالنسبة لفلسفة التفاوض القائمة على تعدد المسارات، هل كانت تلك فكرتكم في الجبهة الثورية أم أنها جاءت من قبل وساطة جنوب السودان؟ 

نحن من تقدم بطرح المسارات، والفلسفة في طرح المسارات هي أن السودان فيه مشاكل أساسية أسميناها بالمشاكل القومية التي استغرقت زهاء الستين عامًا دون أن تجد حلولًا ناجعة، لذلك أصبحت لها إفرازات تمثلت في الحروب الناتجة عن مشاكل التهميش. مثلما أن آثار الأزمة الوطنية في دارفور تختلف عن المنطقتين، وآثار الأزمة في المنطقتين تختلف عن دارفور وعن شمال السودان، لذلك قررنا النظر في معالجة إفرازات الأزمة في كل إقليم على حدة قبل النظر إليها من منظور قومي. هذه هي فكرتنا في حل المشكلة السودانية، حيث قمنا بتعريف المشكلة السودانية وقدمنا رؤيتنا للقضايا القومية والمسارات المختلفة.

  • المجموعات غير الموقعة ترى بأن الاتفاق الذي تم بينكم والحكومة السودانية في جوبا هو اتفاق محاصصات بين النخب السياسية والعسكرية، وأنه لن ينعكس على أوضاع الناس العاديين، ما ردكم؟

("لاتفاق دة دة اتفاق بتاع الشعب"، فلأول مرة في السودان نتحدث عن أبناء وبنات السودان. نريد إصلاح جهاز الخدمة المدنية حتى يشارك أبناء وبنات السودان على قدم المساواة، نريد أن نتحدث عن مشاركة أبناء وبنات دارفور في الخدمة المدنية، كذلك أبناء وبنات السودان في المنطقتين. هذه لغة جديدة تحدثنا فيها عن مشاكل الشعب، هذا لا يخص النخب. الاتفاق تحدث عن الرحل والنازحين ومساءلة المتورطين في جرائم الحرب. أي شخص يتحدث عن المحاصصة جاهل بتفاصيل الاتفاق أو لديه رأي يريد أن يقول أن أي اتفاق تم التوصل إليه في دولة جنوب السودان لا يمكن أن يكون ناجحًا. نريد أن يقرأ الناس بنود الاتفاق الذي حققناه لمصلحة الشعب السوداني.

  • مؤخرًا وقعت الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو في العاصمة الإثيوبية على إعلان سياسي مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، تطرق لقضايا جديدة خاصة بالعلمانية وتقرير المصير، فكيف ستتعاملون معها سيما وأنكم تحدثتم في اتفاق جوبا عن وضعية الدولة والحكم الذاتي في المنطقتين؟

لا توجد قضايا جديدة. نحن نرحب باتفاق "حمدوك -الحلو" الذي تم التوقيع عليه في أديس أبابا، ونعتبر أنه يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، فأنا قدمت دعوة في الخطاب الذي ألقيته أثناء التوقيع بالأحرف الأولى لجميع المجموعات التي لم تكن جزء من الاتفاق، وقلنا أن هذا الاتفاق من حيث القضايا اتفاق شامل ويمثل أرضية لأي اتفاق قادم. صحيح من حيث الأطراف هناك أطراف لم تشارك، لذلك فإننا نرحب بأي جهود تصب في اتجاه إلحاق المجموعات التي لم تشارك. الرفيق عبدالعزيز مرحب به وكذلك الرفيق عبدالواحد، نحن ناقشنا كل القضايا لكن هناك أطراف لم تحضر. إعلان أديس تحدث عن فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية وهذا كلام موجود في اتفاق جوبا الذي تحدث عن فصل المؤسسات الدينية عن السياسة حتى لا يتم استغلال الدين في السياسة. كذلك تحدثنا عن الهوية في ورقة القضايا القومية وقلنا أنه إذا لم تتوصل الأطراف لاتفاق حولها فيجب أن يتم تحويلها للمؤتمر الدستوري. الاتفاق الذي تم في أديس هو خطوة جيدة نتمنى أن يتم تحويلها إلى منبر التفاوض بجوبا حتى يتم مناقشتها بشكل جاد وأن يتم إدارته بواسطة دولة جنوب السودان.

  • وقعتم في الأسبوع الفائت على مصفوفة تنفيذ بنود الاتفاق، فما هي الخطوات المقبلة التي ستسبق بداية الفترة الانتقالية بالنسبة لكم كأطراف موقعة وكجبهة ثورية؟

نحن أكملنا مصفوفة التنفيذ، ونعكف حاليًا على ترجمة الاتفاق لأن ذلك واحد من شروط الجهات الضامنة، أن يكون الاتفاق باللغة الإنجليزية، كما أننا نريد أن نرسل وفد مقدمة عالي المستوى للسودان للتبشير بالسلام وتمليكه للشعب السوداني وتجهيز الأرضية للوفد الرئاسي للجبهة، والذي سيذهب إلى السودان بمعية الرئيس كير حتى يعطي إشارة قوية كراعٍ لاتفاق السلام وذلك بعد التوقيع النهائي، والهدف من تلك الزيارة هو أن نعمل مع كافة قوى التغيير لجمع كل قوة الثورة، لذلك وقعنا مع الحرية و التغيير على اتفاق تاريخي بموجبه سنذهب إلى الداخل وسنقيم مؤتمرًا للحرية والتغيير، فالبلد محتاجة لتوافق سياسي تساهم فيه الجبهة الثورية مع القوى الأخرى من أجل أن يكون هناك تحول ديمقراطي.

  • كيف تنظرون للدعم السياسي والدبلوماسي لاتفاق السلام الموقع بينكم والحكومة قبل أسبوعين بمدينة جوبا عاصمة جنوب السودان؟

حتى الآن حظى الاتفاق بدعم دولي وإقليمي كبير، ورأيتم كيف حضر عدد كبير من دول الجوار احتفال التوقيع بالأحرف الأولى، كذلك قامت العديد من الدول بإصدار بيانات رحبت فيها بهذا الاتفاق، خاصةً الولايات المتحدة والإيغاد، لقد حظي هذا الاتفاق بدعم غير مسبوق.

  • بالنسبة للوضع الاقتصادي في السودان توجد صعوبة كبيرة في توفير التمويل اللازم لتنفيذه بواسطة الحكومة الانتقالية، فما هو الدور الذي ستلعبونه كأطراف موقعة في مسألة استقطاب الدعم والتمويل؟

نحن نعتمد في المقام الأول على دعم شعبنا، الدعم الذاتي. والأهم من كل ذلك هو توفر الإرادة السياسية، فالموارد يمكن أن تكون موجودة لكن بدون إرادة لا يمكن إحراز تقدم في ملف السلام، ثقتنا كبيرة في أنفسنا وشعبنا ومواردنا، فبلادنا غنية بالثروات التي يمكن استغلالها، نحن في حوجة لملايين الدولارات لتنفيذ الاتفاق، خاصةً البنود الخاصة بإقليم دارفور، وهذا لا يلغي أهمية الدعم الخارجي، لذلك شاركنا في مؤتمر أصدقاء السودان الذي أقيم بالسعودية، حيث ناشدنا العالم بتوفير الدعم اللازم للسودان، وكذلك طالبت بالتزام دولي تجاه اتفاق السلام في الكلمة التي ألقيتها في مناسبة التوقيع على اتفاق السلام بالأحرف الأولى، وذلك من خلال تنظيم مؤتمر دولي للمانحين بموجبه يمكننا أن نسد الفجوة المالية، عليه؛ نناشد كل العالم أن يدعم هذا الاتفاق.

أمس الأول التقينا كجبهة ثورية بالرئيس سلفا كير ميارديت وطالبناه بتوظيف علاقاته لتوفير الدعم لاتفاق السلام، كذلك سنقوم كأطراف موقعة على الاتفاق بجولة في عدد من البلدان لتوفير الدعم اللازم، كذلك طالبنا برفع العقوبات الاقتصادية عن السودانية وأن يتم رفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب حتى تتوفر الموارد المطلوبة لتنفيذ الاتفاق.

  •  بالنسبة لكم في الجبهة الثورية ماهي أبرز التحديات التي تواجه اتفاق جوبا للسلام وما هو الدور المطلوب من الاطراف الموقعة لتجاوزها؟

التحدي الرئيسي هو التنفيذ الذي يحتاج لإرادة سياسية من كل مكونات الحكومة، عليه نحن سنقوم بمخاطبة جميع الأطراف خلال زيارتنا المقبلة للخرطوم، التحدي الآخر هو موضوع الموارد، فأنت كما تتابع البلد تواجه كوارث طبيعية تتمثل في الفيضانات لكنا واثقون من أن شعبنا سيعبر هذه المحنة. وكما أسلفنا، فإن هذا الاتفاق شامل من حيث المواضيع، لكن هناك أطراف لم تشارك، لذلك نطالب الوساطة بإلحاق كافة الأطراف التي لم توقع. 

اقرأ/ي أيضًا: حوار| الوسيط ضيو مطوك يفتح ملف التفاوض وتفاصيل وتحديات اتفاق السلام السوداني

ونحن في الجبهة الثورية، بأننا بما نملك من كادر في جميع أرجاء السودان، يمكننا أن نساهم في خلق حالة توافق سياسي كبيرة وسنشكل كتلة تدعم السلام والتحول الديمقراطي، لذلك يمكننا أن نتجاوز جميع تلك التحديات.

  •  رسالة أخيرة خاصةً وأن السودان يواجه أزمة كبيرة تتمثل في الفيضانات التي يواجهها المواطنون بالجهد الشعبي، فما هي مساهمتكم ورسالتكم في الجبهة الثورية للشعب السودان في محنته هذه؟

أولًا نحن متعاطفون مع شعبنا ونتابع الأوضاع عن كثب بقلق شديد، نترحم على الشهداء الذي لقوا حتفهم بسبب الفيضانات، كما نتضامن مع الذين فقدوا بيوتهم وممتلكاتهم. 

رئيس الجبهة الثورية: وجهنا جماهيرنا بالمشاركة في درء آثار الفيضانات، كما نناشد العالم أن يقف مع الشعب السوداني في محنته

ولقد وجهنا جماهيرنا بالمشاركة في درء آثار الفيضانات، كما نناشد العالم أن يقف مع الشعب السوداني في محنته وتقديم المساعدات الضرورية، وهي محنة يمكن تجاوزها في وقت قريب، نحن مع شعبنا. وأريد أن أقول أن هذا السلام الذي وقعنا عليه هو سلام الشعب السودان، هو سلام شامل يجب أن نتمسك به جميعًا كأساس للبناء.

اقرأ/ي أيضًا

في ذكرى 11 سبتمبر 2001.. كيف غير الحدث وجه العالم؟

مشهود لهم بالنزاهة ولا ينتمون للنظام البائد.. ضحايا في قوائم لجنة التفكيك