09-سبتمبر-2022
غوتيريش

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش

قال تقريرٌ للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الأزمة السياسية في السودان ظلت "دون حل"، على الرغم من استمرار الجهود المحلية والإقليمية والدولية الرامية إلى تيسير التوصل إلى حل سياسي لاستعادة انتقال ديمقراطي "ذي مصداقية" بقيادة مدنية في أعقاب الانقلاب العسكري الذي حدث في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

قدّم غوتيرش التقرير عملًا بقرار مجلس الأمن بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة "اليونيتامس" في السودان

وقدّم غوتيريش التقرير عملًا بقرار مجلس الأمن 2636 (2022) الذي قرر المجلس بموجبه تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية في السودان حتى 3 حزيران/يونيو 2023. ويغطي الفترة من 6 أيار/مايو إلى 20 آب/أغسطس 2022.

وذكر التقرير أن لجان المقاومة في الخرطوم وفي جميع أنحاء السودان كثفت الاحتجاجات للتنديد بالانقلاب والمطالبة بالعودة إلى الحكم المدني. وأشار إلى مشاركة النساء بأعداد "كبيرة" وقيادتهن للمظاهرات في مختلف المناطق.

وأوضح التقرير أن السلطات السودانية كثيرًا ما أغلقت الطرق والجسور الرئيسية قبل المظاهرات، لا سيما في الخرطوم. وأضاف: "ورغم أن معظم الاحتجاجات كانت سلمية وغير مسلحة، فإن قوات الأمن استخدمت باستمرار الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين في ولاية الخرطوم".

وبيّن الأمين العام للأمم المتحدة أن الاحتجاجات أسفرت عن مقتل (21) مدنيًا -خلال فترة التقرير- وإصابة (2,037) آخرين، لافتًا إلى إصابة (63) شخصًا بجروح بعد أن صدمتهم مركبات تابعة لقوات الأمن.

https://t.me/ultrasudan

الوضع الأمني
وبخصوص الوضع الأمني في السودان، قال التقرير إن انعدام الأمن (بما في ذلك الاشتباكات القبلية والنزاع المسلح والإجرام) "لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا". وأشار إلى وقوع (569) حادثٍ أمني في الفترة من 6 أيار/مايو إلى 17 آب/أغسطس، مقابل (419) حادثًا خلال الفترة المشمولة بالتقرير السابق. ولفت التقرير إلى اتساع مدى العنف "الواسع النطاق" ليشمل مناطق ظلت "مستقرة نسبيًا" في السنوات الأخيرة، بما في ذلك محلية "كلبس" بولاية غرب دارفور، بالإضافة إلى محليتي "الدمازين" و"الروصيرص" في إقليم النيل الأزرق.

وبحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، لقي ما لا يقل عن (165) مدنيًا مصرعهم إثر منازعة على حيازة أرض زراعية في الفترة من 6 حتى 11 حزيران/يونيو، بين أفراد من قبيلة "القمر" وعشيرة "أولاد زيد" التابعة لقبيلة "الرزيقات" العربية. وأوضح التقرير أن العنف أسفر عن نزوح نحو (50) ألف شخص.

وفي يومي 3 و4 آب/أغسطس، اندلع عنف قبلي على طول الحدود بين غرب دارفور وتشاد، وأسفر عن مقتل (27) شخصًا وجرح (36) آخرين وكان (18) من القتلى و(14) من الجرحى سودانيين - وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.

ولفت التقرير إلى أعمال العنف "الكبيرة" التي وقعت في النيل الأزرق في الفترة من 10 إلى 17 تموز/يوليو بين أفراد من قبيلة "الهوسا" وآخرين من قبائل "الفونج" و"الهمج" و"البرتا". وأوضح التقرير أنه وعلى الرغم من أن النزاع اندلع بسبب حادثة سرقة ماشية في محلية "قيسان"، سرعان ما انتشـر إلى أجزاء أخرى من الإقليم. وأسفرت الاشتباكات القبلية عن مقتل ما لا يقل عن (117) شخصًا وإصابة مئات آخرين بجروح.

كما أشار التقرير إلى الاشتباكات التي وقعت في ولاية كسلا في 24 أيار/مايو الماضي بين "البني عامر" و"السبدرات" بسبب "التوترات بشأن الأراضي"، في حين أدت محاولة سرقة ممتلكات -وفقًا للتقرير- إلى اشتباكات بين قبيلتي "البني عامر" و"النوبة" في الفترة بين 14 و17 حزيران/يونيو، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وجرح عشرات آخرين.

وثقت بعثة "اليونيتامس" وقوع ما مجموعه (183) حادثًا زُعم فيها ارتكاب انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان طالت (1,454) ضحية

حالة حقوق الإنسان
وبخصوص حالة حقوق الإنسان، أفاد التقرير أنها استمرت في التدهور، مشيرًا إلى مواصلة قوات الأمن في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، مما أسفر عن مقتل (21) شخصًا وإصابة (1,850) آخرين خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

ووثقت بعثة "اليونيتامس" وقوع ما مجموعه (183) حادثًا زُعم فيها ارتكاب انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان، طالت (1,454) ضحية، من بينهم (65) طفلًا.

وقال التقرير: "لا يزال النهوض بالمساءلة الجنائية للتصدي للإفلات الواسع النطاق من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان يشكل تحديًا". وزاد: "ولا يزال تنفيذ الإصلاحات في مجال سيادة القانون، بما في ذلك إنشاء آليات للرقابة القضـائية، متوقفًا".

وأوضح التقرير أنه حتى بعد رفع حالة الطوارئ في 29 أيار/مايو، ظلت التدابير التي اعتمدت بموجبها "سارية المفعول"، ما سهل المزيد من "حملات القمع ضد المتظاهرين واستمرار الإفلات من العقاب".

الحالة الاقتصادية - الاجتماعية
وعن الحالتين الاجتماعية والاقتصادية، قال التقرير الوضع الاقتصادي لا يزال "مثيرًا للقلق"، مشيرًا إلى تأثير نقص الكهرباء والوقود والغذاء والسلع الأساسية الأخرى "بشدة" على سبل العيش. وأضاف أنه من المرجح أن تستمر الأزمة السياسية التي طال أمدها وانعدام الأمن "الواسع النطاق" في إعاقة النشاط الاقتصادي وثني المستثمرين عن الاستثمار. وتوقع أن يؤدي ارتفاع معدلات التضخم والبطالة إلى إضعاف الاستهلاك. وأشار التقرير إلى نقص وصفه بـ"المزمن" في احتياطيات النقد الأجنبي إلى جانب عجز كبير في الحساب الجاري، محذرًا من خطر حدوث مزيد من التقلبات في أسعار العملات في الأمد القريب.

الحالة الإنسانية
وحول الحالة الإنسانية، يقول غوتيريش إن السودان يواجه زيادة مطردة في مستويات انعدام الأمن الغذائي. وأوضح أن التقديرات تشير إلى أن ما يقرب من ربع السكان يواجهون "الجوع الحاد" خلال الموسم "الأعجف" الذي يمتد من حزيران/يونيو إلى أيلول/سبتمبر. وزاد التقرير: "من المتوقع أن يكون ما يصل إلى (11,7) مليون شخص عرضة للخطر، بما في ذلك (3,1) ملايين شخص في حالة طوارئ.

ولفت التقرير إلى استمرار النزوح "الواسع النطاق" في ظل غياب آفاق لحلول "فورية". وكشف عن وجود أكثر من (3,7) ملايين نازح داخليًا في أنحاء البلد، معظمهم في دارفور والمنطقتين.

وذكر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنه وفي غياب حل سياسي، فإن فرصة انتقال ديمقراطي حقيقي في السودان "تواجه خطر التلاشي". وقال غوتيرش إن التوصل إلى حل للخروج من "المأزق" أصبح "أكثر إلحاحًا" من أي وقت مضى. وأوضح أنه ولا يمكن التوصل إليه إلا من خلال الحوار السياسي الذي يملك زمامه السودانيون ويقودنه وينهي الانقلاب ويوفر مسارًا "ذا مصداقية" لانتقال ديمقراطي "شرعي" بقيادة مدنية.

وأدان غوتيريش الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين. وحث السلطات على التحقيق بـ"فعالية ونزاهة" في الادعاءات أو حالات الاشتباه "المعقول" المتعلقة بالاستخدام "غير القانوني" للقوة أو الانتهاكات الأخرى من جانب أفراد قوات الأمن، بما في ذلك العنف الجنسي، وبمحاسبة المسؤولين عن ذلك.

أدان الأمين العام للأمم المتحدة الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة السلطات السودانية باتخاذ جميع التدابير لمنع العنف القبلي وإنهاء الأعمال العدائية بين المجتمعات المحلية ومعالجة الأسباب السياسية والأمنية والعمل مع جميع شرائح المجتمع لتعزيز المصالحة وضمان محاسبة المسؤولين عن العنف.