07-مارس-2020

مقر الحزب الشيوعي السوداني (سودان واي)

 قبل أن تخفت أصداء ردود الأفعال الشعبية والرسمية الغاضبة على صحيفة الانتباهة، ومقالها العنصري، الذي تحول إلى قضية جنائية تنظر فيها المحاكم، وموضوع للنقاش في جلسات التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة في جوبا. نشرت صحيفة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني، مقالًا قصيرًا للكاتب الساخر محمد عبد الرحيم، أثار موجة جديدة من الغضب، على الصحيفة التي تصدر تحت شعار "يا عمال العالم، وشعوبه المضطهدة اتحدوا".

نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني مستور أحمد وصف ما قام به الكاتب أنه سلب لحق المواطن دون أدنى حساسية

قال الكاتب في عموده المسمى "دا كلام دا؟" إن الحكومات "المحترمة" في العالم لا يتولى فيها الأجانب أي وظائف دستورية، ثم وصف الوزير بالنظام السابق إبراهيم محمود حامد أنه أريتري، سمح له (الإنقاذيون) بتولي منصب وزير الداخلية، مما قاد لامتلاء البلاد بـ"الحبش" في إشارة للإثيوبيين والأريتريين، وختم الكاتب مقاله بسؤال: "وزير داخلية السودان أريتري عاوزين البلد تتملي ألمان؟".

اقرأ/ي أيضًا: الحركة الشعبية تشكو عنصرية "الانتباهة" في مفاوضات جوبا

نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني مستور أحمد، كتب على صفحته بموقع فيسبوك منشورًا وصف فيه ما قام به الكاتب أنه سلب لحق المواطن دون أدنى حساسية، مضيفًا "ما  كَتبهُ الصحفي، ما هو إلا تعبير عما يدور هَمْسًا وجهرًا في الرواق الاجتماعي والسياسي، كواحدة من مظاهر التّعنْصُر، المسكوت عنها، ومن المُسَبِبات الكامِنة للحروب والنزاعات، لأنها مُرتِبطة بقضيةِ المُواطَنة والهوية"، قائلًا إن بالإمكان الآن تحويل قضية التداخل الاجتماعي الحدودي إلى عُنصر قوة، تُوطَّد من خلاله العلاقات بين السودان وجُوارهِ، وتُحمى المصالح المشتركة.

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من المقال وصحيفة الحزب الشيوعي، من ناشطين سياسيين وحقوقويين.


وكثير من أعضاء الحزب الشيوعي نفسه خاصة من الذين تعود أصولهم لشرق السودان، اعتبروا نشر صحيفة الحزب للمقال ردة خطيرة، تستوجب مراجعة شاملة من الحزب، من أبرزهم الصحفي أمين سنادة مراسل صحيفة الميدان، الذي وصف المقال بالعنصري والقبيح.

وكانت صحيفة الميدان قد تعرضت لانتقادات أواخر شباط/فبراير الماضي بعد رفض هيئة تحريرها نشر مقال للكاتبة وعد سعيد تنتقد فيه نبيل أديب أديب المحامي، رئيس لجنة التحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة. وسبق لأديب نفسه، وهو عضو اللجنة المركزية السابق للحزب، أن  قرر في آب/أغسطس 2017 التوقف عن الكتابة في الصحيفة بعد رفضها نشر مقال له لأن هيئة تحريرها قررت أنه لا يتوافق مع خط الحزب. ومن المعروف أن الحزب الشيوعي يفرض رقابة كاملة على الصحيفة التي تعتبر هيئة حزبية، ومقرها جزء من المركز العام للحزب بحي "الخرطوم 2" بالعاصمة الخرطوم.

الانتقادات التي يتعرض لها الحزب الشيوعي بسبب المقال العنصري، تأتي ضمن سلسلة من الانتقادات ظل الحزب يتعرض لها بسبب مواقفه التي يرى كثير من المراقبين أنها متشددة، وغير عملية، ومتناقضة. أبرزها إعلانه مقاطعة الحكومة ثم تغيير موقفه للمشاركة فيها، معللًا ذلك بالاستجابة لـ "مناشدات الأصدقاء" كما قال في بيان له، وأيضًا مقابلة وفد من الحزب للسفير الفنزويلي، في لقاء وصفه الحزب بأنه " تم في جو مفعم بروح التضامن الأممي والتعاون النضالي"، نهاية بالبيان الغريب، بشأن ندوة المفكر اللبناني جلبير الأشقر.

اقرأ/ي أيضًا: الحزب الشيوعي السوداني وجلبير الأشقر.. أكاذيب وافتراءات استبدادية

وكان قرار الحكومة سحب جنسية 13 ألف "أجنبي" بحجة حصولهم عليها بطرق غير نظامية، قد تعرض لانتقادات من حقوقيين سودانيين وعرب، وقبله قرار الوزير مدني عباس الذي  منع الحاصلين على الجنسية السودانية بالتجنس من الاستيراد والتصدير. ويتخوف بعض المراقبين أن تكون هذه القرارات الحكومية، بالإضافة إلى مثل تساهل الحزب الشيوعي في نشر المقال المعادي للأجانب مقدمة لموجة شعبوية تستهدف الوجود الأجنبي، خاصة مع اشتداد الأزمات الاقتصادية التي تعانيها البلاد، المطوقة بحزام من الحروب الأهلية والفقر المدقع والأنظمة الاستبدادية.

ظل معارضو النظام السابق من أبناء البني عامر يعتبرون وصف بعض المعارضين لإبراهيم حامد بالأريتري تمييزًا ضدهم

وينتمي الوزير في حكومة المخلوع البشير، إبراهيم محمود حامد، لمجموعة البني عامر التي يتوزع أفرادها ما بين السودان وأريتريا، وظل معارضو النظام السابق من أبناء البني عامر السودانيين يعتبرون وصف بعض المعارضين له بالأريتري تمييزًا ضدهم. ونشبت بعد الثورة اشتباكات بين أفراد من قبيلتي البني عامر والنوبة في مدينة بورتسودان، انتهت بعقد مجالس صلح، كان آخرها الذي شهده رئيس الوزراء حمدوك بمدينة كسلا الثلاثاء الماضي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 حظر التجارة على الأجانب.. تركة النظام البائد في قفص الاتهام

البحر الأحمر.. فردوس السودان المهمل