12-يوليو-2020

جورج فلويد (كاري روندلف)

جورج فلويد (46) عامًا، الأمريكي من أصول أفريقية يلقى حتفه على يد أحد أفراد شرطة مينيابوليس، الشرطة الفاسدة والعنيفة في جميع أنحاء العالم الحديث، يتم  الفصل الفوري للضباط الأربعة والإعلان عن تحقيقٍ على مستوى السلطات الفدرالية. لكن على المستوى الشعبي كان جورج فلويد الشرارة التي اندلعت بسببها الاحتجاجات رغم جائحة كورونا، اتجهت الجماهير الغاضبة نحو قسم شرطة مينيابوليس حتى تم حرقه بالكامل.

قبل انقضاء الأسبوع الأول من الاحتجاجات ظهرت فيديوهات لتحطيم وتشويه تماثيل لرموز وطنية، ورؤساء بل وملوك عنصريين أو بنوا ثرواتهم من النخاسة

انتقلت الاحتجاجات من مينابوليس إلى ولايات مختلفة في أمريكا، ومنها إلى عدد من الدول الأوروبية. وقبل انقضاء الأسبوع الأول من الاحتجاجات ظهرت فيديوهات لتحطيم وتشويه تماثيل لرموز وطنية، ورؤساء بل وملوك عنصريين أو بنوا ثرواتهم على النخاسة؛ مثل جورج واشنطون وإبراهام لنكولن، وقائد جيش القوات الكونفدرالية في الحرب الأهلية الأمريكية روبرت إدوارد لي، ملك بلجيكا ليوبولد الثاني، المسؤول عن قتل عشرة مليون شخص في الكونغو، وإمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي

اقرأ/ي أيضًا: لطلاب العلوم الاجتماعية والإنسانية.. كيف تختار موضوعًا لبحث تخرجك؟

 في بريطانيا، تمت إزالة تمثال تاجر الرقيق روبرت ميليغان، أيضًا تم إسقاط تمثال إدوارد كولستون أحد أشهر أثرياء تجارة الرقيق، أسقط تمثاله وخنق بنفس الطريقة التي مات بها جورج فلويد. ونستون تشرشل، بطل الحرب ورئيس الوزراء، منقذ العالم من هتلر، تمت محاولة تشويه تمثاله في لندن وكتب عليه "كان عنصريًا"، والإشارة إليه بالنخاس، وفي اليوم التالي خرجت مظاهرة منددة بمحاولة تشويه رموز الدولة، ووصف المشاركون فيها تشرشل بوالد بريطانيا ما بعد الحرب، و يجب احترام تاريخه، قامت بعدها السلطات بتغطية التمثال بصندوقٍ معدني. 

اقرأ/ي أيضًا: كوفيد-19 والنار وخيالات أخرى

حتى المهاتما غاندي لمن ينجو، وهذا يعيد إلى الذاكرة الضغط الشعبي الذي حدث في مالاوي في 2018 من قبل مجموعة سمت نفسها (غاندي يجب أن يسقط) التي قامت بجمع أكثر من ثلاثة آلاف توقيع لمنع تشييد تمثال لغاندي بسبب اتهامه بالعنصرية وأنه وصف الأفارقة بالهمج و كونه لم يفعل شيئًا لمصلحة مالاوي، وفي آخر الأمر حكمت المحكمة بوقف تشييد التمثال. 

كل هذا في فترة قصيرة جدًا، كأن العالم كله استيقظ فجأة يردد عبارة جورج أورويل ( الذي يملك التاريخ، يملك المستقبل) فقرر أن يملك المستقبل بإعادة سرد التاريخ ووضع معايير جديدة للرموز الوطنية وتنظيف الشوارع من كل ما دون هذه المعايير، بطل حرب -تشرشل- ماذا إذًا؟ لكن لن ننسى أنك كنت وزير مستعمرات.

 أمريكا البيضاء

أفاد الفيلسوف والمفكر الأمريكي من أصول أفريقية كورنيل ويست على قناة "سي إن إن" قائلًا: جربنا من قبل الوجوه السوداء في أعلى المناصب؛ إن النظام لا يستطيع إصلاح نفسه. البديل هو الثورة، وما أعنيه بالثورة هو المشاركة الديمقراطية في السلطة والموارد في الثروة والاحترام". 

إن القبيلة في أمريكا كثيفة ومستمرة ولها أربعة أنواع، الطبقة والعقيدة والإقليم والأصل العرقي

توضح الكاتبة النيجيرية تشيماماندا نجوزي (Chimamanda Ngozi) على لسان بطلة روايتها "أمريكانا"؛ "إفيلمو" القادمة من نيجيريا للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تنشئ مدونة تعبر فيها عن ملاحظاتها عن حياة السود في أميركا: "فهم السود غير الأمريكيين القبلية الأمريكية: إن القبيلة في أمريكا كثيفة ومستمرة ولها أربعة أنواع، الطبقة والعقيدة والإقليم والأصل العرقي. أولًا الطبقة: إنها سهلة جدًا؛ إذ تعني القوم الأغنياء والقوم الفقراء. ثانيًا العقيدة: أي المتحررون والمحافظون، وهم لا يتفقون في القضايا السياسية، وكل طرف يرى الأخر فاسدًا، ولا يحبذ الزواج المختلط بينهم، ويعد ذلك صادمًا في الحالات النادرة التي يحدث فيها . ثالثًا الإقليم: أي الشمال والجنوب، وهما الطرفان اللذان اشتركا في الحرب الأهلية، وبقيت بقع يصعب إزالتها من تلك الحرب. وأخيرًا الأصل العرقي: إذ ثمة سلم لتراتبية الأعراق في أميركا، يأتي الأبيض في القمة دومًا وتحديدًا الأبيض الأنغلوساكسوني البروتستانتي، الذي يعرف بالـ"واسب"، والأمريكيون السود في الأسفل دومًا، وما هو في المنتصف يعتمد على الزمان المكان (أو كما يقول النشيد المدهش: إن كنت أبيضًا فأنت محق دومًا، إن كنت أسمرًا فانتظر، أما أن كنت أسودًا فعد للوراء). هذه هي أمريكا البيضاء، التي بنت رأس مالها من تجارة العبيد والمعنية بالمواطن الأبيض فقط. فهل تسقط الثورة التي يدعو لها كورنيل النظام التي قامت عليه أمريكا؟

حياة السود في هوليوود

من جهة أخرى أثارت مجموعة من الفنانين والمخرجين السود إنتظموا في ما سمي "هوليوود من أجل السود" في رسالة مفتوحة إلى الحلفاء في هوليوود، طالبوا فيها صناعة السينما الأمريكية بالتوقف عن تمويل الأفلام عن الشرطة والاستثمار في أفلام عن مناهضة العنصرية، طالبوا أيضًا بإلغاء تشغيل الشرطة في مواقع التصوير، والضغط على السلطات المدنية لتقليص ميزانيات الشرطة، كما دعت إلى إنهاء تمجيد عنف الشرطة في كتابة الأفلام، ودعت لزيادة فرص تشغيل السود في هوليود

ردًا على مقتل جورج فلويد، أعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، بأنها ستقوم بإضافة التنوع العرقي كشرط من شروط الترشح للجائزة

استجابةً لهذه الحملات وغيرها من الانتقادات، اتجهت العديد من الاستديوهات في هوليوود في محاولة لفعل الصواب، من بينها شركة "اتش بي أو" التي قامت بسحب الفيلم الكلاسيكي ذهب مع الريح مع شبكتها، على أن يتم إعادة طرحه قريبًا مع شرح يبين أن الفيلم يعكس فترة زمنية كان فيها انحيازٌ ضد السود . هذا بالإضافة إلى إعلان أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة ردًا على مقتل جورج فلويد، بأنها ستقوم بإضافة التنوع العرقي كشرط من شروط الترشح لجائزة الأوسكار، وأن الأفلام الخالية من الأقليات من المحتمل أن تستبعد من المنافسة. وستقوم الاكاديمية بتوضيح تفاصيل القرار لاحقًا.

اقرأ/ي أيضًا

الحمر أبطالًا للدوري.. الآن فقط يمكن للعالم أن ينتهي

مع استمرار الإغلاق.. نصائح للتسوق الإلكتروني وتفادي الاحتيال