تشهد الخرطوم مساء اليوم الخميس 29 تشرين الأول/أكتوبر، ختام مهرجان "سينما الجيران: أيام السينما الإفريقية"، وهو مهرجان سنوي تقيمه جماعة الفيلم السوداني بالتعاون مع نادي السينما السوداني، احتفاءً بيوم السينما الإفريقية الذي يوافق 12 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، ومن هنا جاء اسم المهرجان، احتفالًا وتعريفًا بالإنتاج السينمائي الإفريقي للمشاهد السوداني.
عرض خلال المهرجان أفلام من السنغال، الجزائر، الكونغو الديمقراطية، تونس، ولأول مرة يعرض المهرجان فيلمين من السودان
امتد المهرجان من 23 وحتى 29 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وعرض خلاله أفلام من السنغال، الجزائر، الكونغو الديمقراطية، وتونس، ولأول مرة يعرض المهرجان فيلمين من السودان. وجميع هذه الأفلام حائزة على جوائز مهرجانات في أزمان ودول مختلفة.
اقرأ/ي أيضًا: "أضعتُ جسدي".. فن الفقدان وعذوبة الخسارة
و"جماعة الفيلم السوداني" هي جمعية ثقافية غير ربحية تأسست بمبادرة عدد من السينمائيين السودانيين من تخصصات مختلفة بهدف إنتاج أفلام سينمائية قصيرة وطويلة بجودة عالية، وأيضًا تطوير قيمة المشاهدة والتذوق السينمائي في السودان.
ومنذ إعلان الاتحاد الإفريقي في العام 1987 يوم (12) أكتوبر من كل عام يومًا للسينما الإفريقية، احتفل به السينمائيون السودانيون سنويًا. لاحقًا توقفت هذه العروض الاحتفالية بسبب حكومة الجبهة الإسلامية وموقفها من الفنون عمومًا، والأفلام ودُور العرض بشكل خاص، إلا أن مهرجان "سينما الجيران" يعقد بشكل راتب منذ العام 2014.
يتفرد المهرجان كل عام بشعار وموضوع وفنان مختلف للاحتفاء به. على سبيل المثال كان شعاره في 2019 سينما المقاومة والتغيير، وعرضت أفلام تعبر عن هذا الشعار مثل الفيلم المصري "الميدان"؛ وثائقي الثورة المصرية الذي رشح للأوسكار عام 2014.
واحتفت سينما الجيران هذا العام بالمخرج وكاتب السيناريو السنغالي الفرنسي آلان غوميس، باعتباره أحد الأصوات السينمائية المتميزة في قارة إفريقيا، وعرضت له فيلمين بعنوان "اليوم" و"فيليسيتي".
غوميس من مواليد 1972، درس تاريخ الفن والسينما في جامعة السوربون، وأخرج عددًا من الأفلام القصيرة قبل أن يصنع فيلمه الروائي الطويل الأول بعنوان "أفرونسا" والتي هي مزج بين كلمتي إفريقيا وفرنسا. وشاركت أعماله في عدد من المهرجانات العالمية مثل مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، و مهرجان "صندانس" السينمائي، ومهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي، كما حصل فيلمه "فيليسيتي" على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته السابعة والستين في العام 2017، كما فاز في نفس العام بالجائزة الذهبية في "المهرجان الإفريقي للسينما والتلفزيون في واغادوغو" في بوركينا فاسو.
تم افتتاح المهرجان بعرض فيلم رحلة صيد للمخرج السوداني إبراهيم شداد، إنتاج 1964، وهو مشروع تخرج إبراهيم شداد من معهد كونراد فولف للسينما في ألمانيا الشرقية "سابقًا"، وهو الفيلم الفائز بجائزة مدارس السينما بطوكيو في العام 1970.
يحكي الفيلم عن شاب هارب في غابة باتجاه ما أطلق عليه اسم "المستوطنة"، يلتقي بزوجين شابين تنشأ بينهم صداقة في مجتمع لا يقبل صداقات بين السود والبيض، بحوار مختصر وصورة بالغة العذوبة نشاهد كيف حدثت هذه العلاقة الإنسانية بسلاسة وجهد لا يذكر. يتناول الفيلم تراجيديا العبودية في صورتها الواسعة. وعلى الرغم أن الفيلم في سياق مكاني حددته اللغة "الألمانية"، إلا أنه عابر للأزمان، حيث نجده في 2020 معاصرًا جدًا لحوار العنصرية والحقوق المدنية الذي يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أوروبية.
عرضت نسخة جديدة للفيلم رممت بتعاون مشترك بين معهد الأرسنال في برلين وجماعة الفيلم السوداني. وأفادت المديرة التنفيذية لجماعة الفيلم السوداني هناء عبدالرحمن، بأن رحلة صيد عدد من الأفلام السودانية التي تم ترميمها مؤخرًا قد ابتدأت، وأن الجماعة ستعلن قريبًا عن جدول عروض لهذه الأفلام.
وعلى شرف أيام السينما الإفريقية، عقدت جماعة الفيلم بمركز أم درمان الثقافي، ندوة عرضت ونوقشت فيها ورقتين؛ الأولى بعنوان "لمحات عن السينما الإفريقية" قدمها الأستاذ سليمان محمد إبراهيم، والثانية بعنوان "السينما في السودان" عرض وتقديم الأستاذ إبراهيم شداد.
في 2015 كان شعار المهرجان "حضرتم ولم تجدونا"، في إشارة لعدم تضمن العروض لأفلام سودانية بسبب أزمات السينما السودانية المستمرة، إلا ان هذا العام افتتاح وختام المهرجان كان من نصيب الأفلام السودانية.
اقرأ/ي أيضًا: صهيب قسم الباري.. أرفض مشاركة فيلمي في مهرجانات تحت رعاية الاحتلال الإسرائيلي
وستختتم الجماعة أسبوعها السينمائي اليوم، بالوثائقي السوداني "الحديث عن الأشجار"، إخراج صهيب عبد البارئ، إنتاج 2019، والحائز على عدد من الجوائز أهمها جائزة مهرجان برلين وجائزة النقاد العرب لعام 2020.
كأن العرض في هذا المكان يمثل امتدادًا لقصة الفيلم، بحيث يصبح هو نفسه بطلًا للفيلم الذي يتم عرضه
ويعد هذا العرض الثاني للفيلم في موطنه، حيث عرض في كانون الثاني/يناير الماضي في سينما الحارة الرابعة بمدينة أم درمان، وهي دار السينما التي عمل أبطال الوثائقي على ترميمها وتجهيزها للعروض، وكأن العرض في هذا المكان يمثل امتدادًا لقصة الفيلم، بحيث يصبح هو نفسه بطلًا للفيلم الذي يتم عرضه.
اقرأ/ي أيضًا