تظل حرب السودان التي اندلعت في أواخر شهر رمضان من العام الماضي، مصدر قلق وألم للمواطنين الذين يتأثرون بتداعياتها، وفي رمضان بولاية النيل الأبيض هذا العام، تمر المناطق المتأثرة بالصراع بأوضاع مزرية، يفتقد فيها الناس التفاصيل المألوفة للشهر الفضيل.
يحاول المواطنون التمسك بعاداتهم لشهر رمضان على الرغم من الحرب المستعرة التي لم تمنح الناس الفرصة للشعور بالشهر الكريم
ويحاول المواطنون التمسك بعاداتهم لشهر رمضان على الرغم من الحرب المستعرة التي لم تمنح الناس الفرصة للشعور بالشهر الكريم والتجهيز له، حيث زادت حدة المعارك مع دخول شهر رمضان، لا سيما في العاصمة الخرطوم.
محلية القطينة
في محلية القطينة التي تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، تفتقر بعض الأسر إلى المشروب الأساسي للسودانيين في رمضان، ألا وهو الحلو مر أو الآبري، وذلك بسبب تكلفة إنتاجه العالية وشح مصادر الدخل.
تؤكد إحدى المواطنات في حديثها لـ"الترا سودان" أنها لم تتمكن من صنع هذا المشروب هذا العام بسبب الأوضاع المالية الصعبة التي تواجهها، مما دفعها للتخلي عن هذا المشروب الذي كان جزءًا لا يتجزأ من رمضان. وتشير إلى عدم وصول أي مساعدات إنسانية أو إغاثات إليهم منذ دخول الدعم السريع إلى المنطقة.
مدينة ربك
وفي مدينة ربك التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، تقول المواطنة حفيظة جمعة إن الناس تحاول الاحتفاظ بعاداتهم وتقاليدهم لشهر رمضان رغم الظروف الصعبة التي يواجهونها جراء الحرب.
وتؤكد جمعة أن عادة إخراج صينية إفطار رمضان تظل قائمة رغم ارتفاع الأسعار وندرة السلع، حيث يتم تبادل الود والمحبة بين الناس، وبمشاركة المجتمع المحلي والنازحين القادمين من مناطق الحرب.
وتشير هذه المواطنة في حديثها مع "الترا سودان"، إلى إفطارات رمضان في الشوارع المعروفة بـ"الضرا"، تستقبل الناس يوميًا بحب ورحابة، مما يعكس روح التضامن والتآزر في هذا الشهر الفضيل، وتخلق أجواء خاصة ومشاركة اجتماعية ملحوظة.
مدينة كوستي
فيما أشار المواطن محمد محمد أحمد، والذي يقيم في مدينة كوستي، إلى أن المدينة في رمضان معروفة ببريقها وحيويتها، حيث يتجمع الناس خارج منازلهم لإفطار الصائمين. وأكد توفير مشروب الحلو مر في صينية الإفطار يوميًا.
وفي إفادته لـ"الترا سودان"، قال محمد إن المواطنين في كوستي ما زالوا يخرجون للإفطار في الشوارع، مشيرًا إلى أن الحرب أثرت بشكل واضح على السكان، خاصة في الجانب الاقتصادي، ولكن ما يزال مشروب الحلو مر حاضرًا بنسبة كبيرة، حتى لأولئك الذين لم يستطيعوا صناعته، حيث يتم إهداءهم قطع الآبري التي يصنع منها مشروب الحلو مر، وترسل أيضًا إلى خارج السودان.
وأوضح هذا المواطن أن هناك أنواعًا مختلفة من مشروب الحلو مر في كوستي، حيث يُطلق عليه "حلو مر أبيض" و"حلو مر أحمر"، مؤكدًا على وجود مشروبات تقليدية أخرى في إفطار رمضان.
وقال إن هناك مجموعة من المبادرات التي قامت من أجل التخفيف على النازحين الوافدين إلى كوستي بولاية النيل الأبيض، واستطاع الأشخاص الخيرون والمنظمات والمبادرات الشبابية، إقامة مطابخ لإفطارهم في شهر رمضان.
الحاضر الغائب
ربما يكون شهر رمضان هو الحدث الاجتماعي الأهم في السودان، ولكن هذا العام بدا مثل الحاضر الغائب، فعلى الرغم من المحاولات لممارسة الحياة المعتادة في رمضان، إلا أن الحرب تطغى على المشهد بالكلية.
تشهد ولاية النيل الأبيض شُحًا كبيرًا في شتى مناحي الحياة، وما يزل إمداد الوقود والسلع الغذائية والمواد الاستهلاكية متذبذبًا
وتشهد ولاية النيل الأبيض شُحًا كبيرًا في شتى مناحي الحياة، وما يزل إمداد الوقود والسلع الغذائية والمواد الاستهلاكية متذبذبًا بسبب قطع الحرب لسلاسل الإمداد، وذلك في ظل وفود عشرات الآلاف من النازحين إلى مدن هذه الولاية ذات الموقع الإستراتيجي جنوبي البلاد.
