أفادت مصادر محلية، أبرزها موقع دارفور 24 الإلكتروني الصحفي ومسؤولون بمحلية رهيد البردي، أن "علي عبد الرحمن كوشيب" المتهم من قِبل المحكمة الجنائية الدولية غادر مسقط رأسه بجنوب دارفور إلى مناطق حدودية متاخمة لجمهورية إفريقيا الوسطى، حيث من المُرجح أنه أخفى نفسه في غابات بين "أم دافوق" و"أم دُخن".
الأكثر ترجيحًا، بحسب مصادر أخرى مطلعة، أنه قد يكون أخفى نفسه وسط أهله وعشيرته بمنطقة "سنيطة" غرب ولاية جنوب كردفان
لكن الأكثر ترجيحًا، بحسب مصادر أخرى، أنه قد يكون أخفى نفسه وسط أهله وعشيرته بمنطقة "سنيطة" غرب ولاية جنوب دارفور. ويُعد كوشيب أحد المطلوبين الأربعة، بالإضافة إلى الرئيس المخلوع "عمر البشير" ووزير الدفاع "عبد الرحيم محمد حسين" ووزير الدولة بالداخلية آنذاك "أحمد هارون"، وثلاثتهم مودعين حالياً بالسجن المركزي بكوبر رهن الحراسة الأمنية المُشدَّدة. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت مذكرات قبض بحق هؤلاء المجرمين الأربعة في أعوام 2008 و2010 و2012، على التوالي، بعد أن اتهمتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية استهدفت مجموعات قبلية من إثنيات بعينها في إقليم دارفور.
اقرأ/ي أيضًا: العدالة الانتقالية.. نقاش حول قابلية التطبيق في السودان
وأفاد شهود عيان من المنطقة بأن المدعو كوشيب غادر منطقة "رهيد البردي"، مسقط رأسه، على متن عربات لاند كروز مُحَّملة بالمتاع والوقود، محميًا بمجموعة صغيرة من سائقي الدراجات من أبناء قبيلته، بعد أن سحب أرصدته من البنك يوم الخميس الماضي الموافق 20 شباط/فبراير 2020. وظل كوشيب يعمل في قوات الاحتياط المركزي بمحلية رهيد البريدي، ولم تتم ترقيته من رتبة مساعد منذ اندلاع الحرب في دارفور في العام 2003، حيث بدأ مهمته بقيادة مليشيا الجنجويد التي ارتكبت الفظائع والجرائم في حق الأهالي والمواطنين المدنيين العُّزَّل بحسب منظمات دولية. واستمر كوشيب طليق السراح طوال هذه الفترة، الأمر الذي أثار العديد من الاستفهامات وحالات الحيرة المُبهمة، كونه الوحيد المُطلق السراح بعد أن تم القبض على المتهمين الثلاثة الآخرين وإيداعهم سجن كوبر بعد سقوط النظام. وكان كوشيب قد أبدى تذُمرًا في العام 2014 من رتبته الصفوفية، كونه مجرد مساعد ضابط "صول" لا غير في قوات الاحتياط المركزي، مُهدِّدًا الحكومة المركزية بالتمرد حال لم يتقلَّد منصبًا رفيع المستوى أسوةً بشركائه الآخرين في ملف حرب دارفور الحافل بالجرائم والانتهاكات والإبادات.
وكانت حكومة النظام البائد قد استعادت خدمات كوشيب بواسطة زعماء قبائل وإدارات أهلية لقمع التمرد في دارفور إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 2003، بعد أن تقاعد من قوات الاحتياط المركزي برتبة صول. إذ سرعان ما شَّن حملاته الدموية التي استهدفت أبناء قبائل محددة بحجة أنهم تمردوا على النظام بعد أن انضموا لحركات الكفاح المسلح في إقليم دارفور.
اقرأ/ي أيضًا: قضية تفجير السفارتين والتركة الثقيلة لرعونة النظام البائد
ولقد ظل كوشيب طوال فترة تقاعده بمنزله في ضاحية "خرطوم بالليل" بمدينة نيالا، إلى أن تم استدعاؤه من قبل الحكومة ليطلق تجريداته الدموية، وتشير تقديرات أولية أنها ساهمت في تشريد أكثر من مليونين من السكان واحرقت واغتصبت وقتلت أكثر من 250 ألف إنسان في مناطق متفرقة من غرب دارفور. وفي بحر العام 2013 أفادت شرطة ولاية جنوب دارفور بأن المدعو كوشيب نجا من محاولة اغتيال، بعد أن باغته مسلحون مجهولو الهوية بهجوم ضار أصيب فيه إصابات بليغة وأودى بحياة حارسه وسائقه، ما أوجب نقله إلى إحدى المستشفيات بولاية الخرطوم عاصمة البلاد تحت حراسةٍ أمنيةٍ مُشدَّدة لازمته حتى تاريخ خروجه من المستشفى وعودته إلى مسقط رأسه. وفي العام 2013 نفسه أفادت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن صورًا تم التقاطها بالأقمار الصناعية أوضحت حجم الدمار الهائل لقرية "أبو جرادل" وأربع قرى أخرى محيطة بها في ولاية وسط دارفور، بعد أن تعرَّضت لهجوم مكثف من قوات حكومية يقودها كوشيب، حيث أحرق ذلك الهجوم 280 قرية، مفضيًا إلى نزوح حوالي 300 ألف شخص إلى دولة تشاد المجاورة.
يأتي هروب كوشيب عقب اتفاق الجبهة الثورية والحكومة الانتقالية على تسليم كل من وُّجهت له تهمة من قبل المحكمة الجنائية الدولية
ويأتي هروب كوشيب على خلفية الاتفاق الموقع بين الجبهة الثورية وحكومة الفترة الانتقالية بمفاوضات السلام المنعقد حاليًا بمدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، حيث أبدى الطرفان استعدادهما لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية القاضي بتسليم كل من وُّجهت له تهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، بالرغم من عدم الجزم إن كان سيتم محاكمة المتهمين في لاهاي أو في محاكم مختلطة في السودان أو في دولة إفريقية أخرى، وذلك على الرغم أن نظام المحكمة لا يسمح بالمحاكم المختلطة.
اقرأ/ي أيضًا
تقاسم كيكة السلطة.. معركة كسر العظام بين الحكومة والمعارضة الجنوب سودانية