11-سبتمبر-2020

(thoughtco)

مدن مثالية كمنهاتن ومباني قيل عنها إنها منيعة من الاختراق والسقوط كمبنى وزارة الدفاع الأمريكي تحولت ذات يومٍ تاريخي إلى مشهد تلفزيوني يبث حول العالم على مدار الساعة، سحب سوداء جرحت كبرياء الرأسمالية في عقر دارها، وجثث دفنت تحت الركام أعادت الصحوة للعالم في تعريف الحروب الحديثة.

تقرأ ذكرى الهجمات كل عام في سياق تاريخي، باعتبارها الحدث الأبرز الذي شكل واقعنا الجديد

كيف نستعيد ذكرى هذا اليوم التاريخي، بعد مرور 19 عاماً؟ "ألترا سودان" يجيب على هذا السؤال في التقرير التالي.

اقرأ/ي أيضًا: مشهود لهم بالنزاهة ولا ينتمون للنظام البائد.. ضحايا في قوائم لجنة التفكيك

كارثة ما تزال تبعاتها ماثلة

يقدر ضحايا أحداث 11 أيلول/سبتمبر بأكثر من مليوني فرد حول العالم، لم يقتلوا جميعًا في تلك اللحظة التاريخية، إنما خلال الربع الأول من القرن (21)، ولا تزال التبعات مستمرة.

ذكرى 11 سبتمبر تقرأ كل عام في سياق تاريخي، ثقافي، اجتماعي جديد، باعتبارها الحدث الأبرز الذي شكل واقعنا الجديد، وكان بمثابة الصدمة التي لم يفق منها العالم بعد.

حرب عالمية ثالثة

ناشط سياسي: بعد الأحداث شهدنا تطور مفهوم "الإسلاموفوبيا" عند المتطرفين الغربيين تجاه الكيانات الإسلامية|

"تعتبر أحداث 11 سبتمبر 2001 إحدى الكوارث التي أدت إلى تحولات عديدة في العالم عامة والشرق الأوسط خاصة أو ما يعرف بالعالم الإسلامي، وظهر مفهوم الإرهاب بوجه جديد، وأدى لغزو العراق وأفغانستان، وتحولات في الخارطة السياسية للشرق، أو ما عرف بخطة الشرق الأوسط الجديد" بهذه المقدمة بدأ الناشط السياسي الصادق البرلوم حدثيه، ليتابع قائلًا: "الحرب امتدت على الإرهاب من كل ناحية، وعلى الإرهاب العكسي من ناحية أخرى، المشرعن من المؤسسات الدولية، وشملت الحرب الاقتصادية والعسكرية كثير من الدول التي صنفت كراعية للإرهاب، واختص هذا التعريف دولًا إسلامية مثل أيران، العراق، أفغانستان، السودان والصومال، حيث نشطت الجماعات المعروفة بتغذيتها للإرهاب حسب تصنيفات مؤسسات المجتمع الدولي".

ويرى البرلوم أن المجتمعات الإسلامية كانت الأكثر تضررًا، خلال الـ(19) عامًا الماضية، باعتبار أن الكثير من التفجيرات كانت ذات صبغة دينية كما وردت في إعلام تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، وشهد العالم تطورًا لمفهوم "الإسلاموفوبيا" عند المتطرفين الغربيين تجاه كل ما هو إسلامي، واستخدمت أسلحة كثيرة كادت أن تدخل العالم في أتون حربٍ عالمية ثالثة، وتكتلات جديدة في مواجهة الغرب بوجهه الجديد.

مألات الاستشراق الجديد

لدى عضو تنظيم تيار المستقبل عبدالرحمن حسين قراءة مختلفة لحادثة 11 أيلول/سبتمبر يوردها لـ"ألترا سودان" قائلًا: "الاستشراق بالتعريف هو وصف الشرق من وجهه نظر غربية، هي حركة بدأت منذ بدايات الحضارة الأوروبية وطرأت عليها تغيرات لتصبح مجالًا أكاديميًا يدرس في الجامعات، ويدرس الفيلسوف الأمريكي من أصول فلسطينية إدوارد سعيد تاريخ الاستشراق باحثًا في المعارف ليتقصى العلاقة بين الشرق والغرب، فتوصل إلى أنها مجرد جغرافيا متخيلة من العقل الأوروبي لوصم كل ما هو غير أوروبي بالتخلف والوحشية، شكل هذا الخطاب الغطاء المعرفي لحركة استعمار البلدان بهدف تنويرها، الاستعمار شكل نقطة التقاء بين الشرق والغرب وجعل من القارة الأوروبية أكثر معرفة بالشرق.

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ وجغرافيا عماد عبدالله

ماذا عن العقل الأمريكي؟ يجيب حسين بأن الوضع مختلف مع الاستشراق الأمريكي الذي لم يعرف الشرق، وأكتفى بوراثة الرؤية الغربية المتعالية مع الاتسام بالطابع الاكاديمي، هذا النوع من الفهم شكل أرضًا صلبة لسياسات الخارجية الأمريكية تجاه الشرق، ومنذ عهد الرئيس ريغان بدأت أمريكا في استخدام كلمة إرهاب بعد خروج الجماعات الإسلامية التي دعمتها ضد الاتحاد السوفيتي عن سيطرتها.

ويصف حسين لحظة انهيار برجي التجارة العالمي باللحظة المتلفزة الموثقة بالكامل، التي دشنت عهدًا جديدًا من الاستشراق أصبح فيه كل مسلم هو إرهابي، وفقدت أمريكا مئات الأرواح والأموال جراء الانفجار، لكن، الآف المسلمين حول العالم تضرروا من الوصف من قبل السلطة المعرفية والبناء الأكاديمي الذي يدرس تمظهر وتطور الإسلام والمسلمين منذ السبعينات في أمريكا. وهناك نظرة جوهرانية تبقينا متخلفين ومتوحشين منذ فجر التاريخ، والنظرة التعميمية التي تنمط شعوب وأمم كاملة من خلال فعل شخص واحد، كل هذا جعل كلمة إرهاب وإرهاب إسلامي التي وصف بها الحدث لها قوة تدميرية، شهدنا تبعاتها في العراق والعالم العربي منذ بدايات هذا القرن.

رمزية 11 سبتمبر

ويقول الناشط السياسي الإسلامي الشاب وائل علي لـ"ألترا سودان" إن أحداث 11 أيلول/سبتمبر تعبر عن غضب مجموعة من الشباب المسلمين من الشروط التي فرضها الغرب على العالم الإسلامي. الغرب بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى فرض على العالم المسلم شروطًا في اتفاقية لوزان منها مسألة إسقاط الخلافة العثمانية دون طرح بدائل، فيما بعد فرض القومية الحديثة على جميع أنحاء العالم الإسلامي، فضلًا عن اتفاقية سايكس بيكو التي تقاسم فيها الغرب العالم الإسلامي، واتفاقية برلين للدول العربية المتواجدة في القارة الإفريقية، وتقسيمها لمناطق نفوذ فرنسي، إيطالي، بريطاني، كل ما تقدم خلق موجه غضب من الشباب المسلمين.

ويضيف علي أن حالة الحنق المتراكم خلقت حركة مقاومة إسلامية، لكن، لأسباب موضوعية خمدت وتحولت هذه الحركات عبر التاريخ، ثم ظهرت بدائل لها تمثلت في المقاومة اليسارية. ويعود علي ليكمل حديثه بالقول: "الغرب أبان فترة الحرب الباردة أشعل فتيل الروح الإسلامية من جديد لمحاربة المارد السوفيتي، واستخدم هذا الأسلوب للرد على الفكر اليساري. لاحقًا حاول الغرب مستخدمًا وحشية فرانكشتاين القضاء على الفكر الإسلامي والجهادي. هنا لا يمكن فصل رمزية 11 سبتمبر وشن الحرب على العالم الإسلامي عن هذا السياق التاريخي، وتفهم الأحداث في سياق إنها امتداد للحروب بين العالم الإسلامي والغرب بعد الحرب العالمية الأولى.

ناشط إسلامي شاب: العملية كبرياء الغرب ودفع ثمن تجاهل المسلمين خلال التاريخ الطويل

دلالات الحدث

يؤكد علي أن اختيار الزمن تم بعناية ووافق تاريخ هزيمة مصطفى باشا وبداية الانحدار الكبير في التاريخ الإسلامي، أما المكان -برج التجارة العالمي- فهو يرمز للحرب ضد الرأسمالية. أما الطريقة فهي رسالة للغرب مفادها أنه لا يفرق في حربه بين أهداف مدنية وعسكرية، لذلك لن يفرق الجهاديين في حروبهم بين الأهداف. أما النتائج فنبهت لبعض لمسائل الواجب معالجتها في الفكر الإسلامي، فجرحت العملية كبرياء الغرب ودفع ثمن تجاهل المسلمين خلال التاريخ الطويل، خصوصًا أخطائه التي ارتكبها بدعم عدد من النظم المتشددة في الدول الإسلامية والنظام العسكري في باكستان، ودعمه مقاتلي أفغانستان الذين أطلق عليهم في مرحلة ما اسم المقاتلين من أجل الحرية، فبدأت حركات التصحيح من مختلف الأطراف.

اقرأ/ي أيضًا

الحكومة تعلن الطوارئ الاقتصادية وتفعيل محاكم الطوارئ

شراكة لتحصيل رسم التأمين الإجباري على المركبات