04-سبتمبر-2020

(ألترا سودان)

نفى الدكتور ضيو مطوك دينق وول، مقرر وساطة دولة جنوب السودان في ملف السلام السوداني صحة الاتهامات الموجهة لوساطة جنوب السودان في ملف النزاع السوداني، مشيرًا إلى أن بلاده تمتلك خبرة طويلة في مجال السلام بحكم التجربة التي مرت بها طوال عمر الدولة السودانية إلى جانب تجاربها المعاصرة في صناعة السلام بعد الاستقلال، مؤكدًا أن الاتفاق الذي وقعت عليه الأطراف السودانية بجوبا الأسبوع الفائت خاطب الجذور الحقيقة للأزمة السودانية.

ضيو مطوك: جاهزون كوساطة لاستئناف التفاوض مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو

 وأضاف مطوك، في المقابلة التي أجراها معه "الترا سودان" بجوبا: "الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرًا بجوبا خاطب جذور الأزمة السودانية، فواحدة من مشاكل السودان هي التهميش الذي بسببه انفصل جنوب السودان، الآن الحكومة الجديدة في السودان أدركت هذه المشكلة التي قد تشكل خطورة على بقية أجزاء السودان، وبالتالي كانت حريصة على الوصول لاتفاق يخاطب جذور المشكلة".

اقرأ/ي أيضًا: حوار| أسئلة السلام مع الناطق باسم وفد الحركة الشعبية جناح "الحلو" في جوبا

وأكد مقرر وساطة دولة جنوب السودان على جاهزيتهم لاستئناف التفاوض مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، للمواصلة في القضايا التي كانت اتفقت عليها الأطراف قبل إعلان تجميد التفاوض معها، موضحًا أن اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح بجوبا قبل أيام يحظى بدعم إقليمي ودولى كبير بدليل الترحيب الذي وجده من المنظمات الدولية وبعض البلدان المهمة في المنطقة، فإلى تفاصيل ما قال مطوق في هذا الحوار:

  • هناك اتهامات موجهة للوساطة بأنها غير محايدة، فهي تميل باتجاه الحكومة السودانية، ماهو ردكم؟

هذا حديث غير حقيقي، فالوساطة محايدة تمامًا، مثلما أن العناصر الموجودة في الوساطة غير جديدة على هذا العمل ابتداء من الرئيس نفسه، لا أعرف مصدر تلك الاتهامات ما لم تكون هناك قضية محددة يرون فيها أن الوساطة لم تكن محايدة، لكني افتكر أن الوساطة مخلصة جدًا تجاه القضية السودانية فنحن جزء من هذا المجتمع لذلك لا بد لنا أن نعمل من أجل تحقيق الاستقرار في السودان.

  • قبل أيام قال عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان أن السلام الذي تم بجوبا ما هو إلا محاصصة يستفيد منها رؤساء الحركات وليس الشعب، ماذا تقولون؟

هذا غير صحيح، لا توجد مكاسب لرؤساء الحركات، فالاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرًا بجوبا خاطب جذور الأزمة السودانية، فواحدة من مشاكل السودان هي التهميش الذي بسببه انفصل جنوب السودان، الآن الحكومة الجديدة في السودان ادركت هذه المشكلة التي قد تشكل خطورة على بقية أجزاء السودان، وبالتالي كانت حريصة على الوصول لاتفاق يخاطب جذور المشكلة، إذا نظرت لمسار دارفور ستجد أن به ثمانية برتوكولات منها برتوكول واحد فقط يتحدث عن السلطة بينما تحدثت بقية البرتوكولات عن قضايا الأرض والنازحين والعدالة الانتقالية، عليه، فحديث عبد الواحد نور غير صحيح، فمدخلنا في الوساطة هو أن المشاركة السياسية هي آلية لتنفيذ بنود الاتفاق بتواجد القيادات.

  • مجموعة الحلو أبدت استعدادها للعودة لطاولة التفاوض، فمتى ستبدأ الجولات الجديدة من المباحثات بين الحكومة والحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو؟

الوساطة جاهزة والحكومة السودانية جاهزة، إخواننا في الحركة الشعبية كانوا قد قدموا مذكرة يعترضون فيها على رئيس الوفد الحكومي، ونحن أخبرناهم أن الحركة الشعبية لها حق اختيار من يمثلها في التفاوض وليس لديها حق لاختيار من يمثل الطرف الحكومي والعكس صحيح، لكنا قلنا أن هناك ضرورة لمعالجة هذه المشكلة لبناء الثقة فالشخص الذي رفضوه هو الذي وقع على إعلان جوبا مع الحركة الشعبية، كنا نريد وجود القائد عبد العزيز آدم الحلو للمشاركة في المباحثات حتى النهاية.

ضيو مطوك: إذا كان ذهاب عبد الواحد إلى الخرطوم يحقق السلام فنحن كوساطة ندعم ذلك بقوة

  • ولكن هل لديكم اتصالات مع عبد الواحد محمد نور لإقناعه للالتحاق بمنبر جوبا؟

توقفت الاتصالات بيننا وعبد الواحد محمد نور لقرابة الثلاثة أشهر، لكنا كنا قد قدمنا له الدعوة في العام 2019، وأبدى استعداده للمشاركة لكنه لم يحضر، وفي الجولة الثانية أيضًا قدمنا له الدعوة وطلب منا بعض التفاصيل المتعلقة بأمنه الشخصي وقد أكدت له حكومة جنوب السودان استعدادها لاستقباله، لكن للأسف الشديد لم يحضر، وعندما ذهبنا للخرطوم في تموز/يوليو الماضي علمنا أنه على اتصال بالحكومة حيث أبدى استعداده للتفاوض في الخرطوم، نحن كدولة جنوب السودان ليس لدينا اعتراض على هذه الفكرة، فنحن سندعم هذا المقترح لأننا في النهاية نريد أن يتحقق السلام في السودان، فإذا كان ذهاب عبد الواحد إلى الخرطوم يحقق السلام فنحن كوساطة ندعم ذلك بقوة.

اقرأ/ي أيضًا: بشريات السلام من منظور مقاتل شاب بحركات الكفاح المسلح

  • هناك جهات تشككت في وساطة جنوب السودان في ملف النزاع السوداني بحكم عدم امتلاكه كدولة وليدة للقدرات التي تؤهله لإحداث اختراق حقيقي في الملف السوداني. ماهو ردكم؟

والله لا أعلم ماهو مصدر الشك في وساطة جنوب السودان، هل هو شك في الدولة نفسها أم في قياداتها، ما أريد قوله هو أننا نملك تجربة في الحرب وفي العملية السلمية لا يمتلكها أي بلد آخر، فأول تجربة كانت في اتفاقية أديس أبابا للسلام 1972، ومعظم قيادات أديس أبابا لا يزالون على قيد الحياة، مثلًا مولانا أبيل ألير موجود ويمكن أن نستفيد من قدراته في المساعدة حال وجود أي معضلة، كما أن لدينا العديد من التجارب المعاصرة في العام 2015 والعام 2018 حيث توصلت أطراف جنوب السودان لاتفاق سلام يوقف النزاع الداخلي لذلك فنحن يمكننا الاستفادة من جميع تلك الخبرات المتعلقة بقضايا السلام في حل النزاع السوداني.

  • هناك حديث حول أن المنهج المتبع في الوساطة بتقسيم المباحثات لعدة مسارات لن يقود لتحقيق السلام، بل سيؤدي لتعقيد القضايا وطريقة حلها؟

حقيقة تجربة المسارات تجربة جديدة، القصد منها هو مخاطبة خصوصية المناطق بشكل لا يضر بالقضية الكلية حتى لا تكون هناك صعوبة في تنفيذ بنود الاتفاقية، نحن أخذنا وقت في دراسة هذا الاتجاه والطريقة المثلى لتنفيذه، ووفقنا في النهاية من خلال تقسيم التفاوض إلى مسارات، فإذا نظرت لبرتكولات مسار دارفور فإنك تجدها تختلف عن برتوكولات المنطقتين، ففي المنطقتين هناك حديث عن حكم ذاتي غير موجود في أي بقعة أخرى من السودان، بينما تحدثت برتوكولات دارفور عن فكرة الأقاليم، وبعدها خاطبنا القضايا القومية التي اجمعت حولها كل المسارات، الآن سنقوم بتقسيم الاتفاق إلى أبواب فهو اتفاق واحد، عليه ففكرة المسارات هي فكرة جديدة ومختلفة عن تجربة نيفاشا واتفاقيات أديس أبابا والخرطوم، ففي نيفاشا الحوار كان بين طرفين، وفي تجربة أديس أبابا الأخيرة كان الحوار بين أطراف متعدة لكن القضية واحدة حيث يقوم الوسيط بإعداد ورقة واحدة ترد عليها جميع الأطراف، وبالنسبة للوضع الحالي هناك تعدد في  طاولات الحوار وقد نجحنا فيها باعتقادي.

الوسيط: غير صحيح أن اتفاق سلام السودان لا يحظى بالدعم الإقليمي والدولي، على العكس، هو يحظى بدعم قوي

  • هناك من يرى أن هذا الاتفاق يفتقر للدعم والسند الدولي والإقليمي، فما مدى صحة ذلك؟

هذا كلام غير حقيقي، فمنذ البداية  شكل المجتمع الإقليمي والدولي حضوره واضحًا جدًا، أول شئ جنوب السودان دخل في هذا الملف بتكليف من الإيقاد نفسها مما يعني وجود دعم إقليمي كما أن رئيس الجمهورية يمثل زملائه في هذا الملف، ثانيًا نحن منذ البداية بدأنا مع يوناميد التي شكلت شراكة مع وساطة جنوب السودان عبر ما قدمته من دعم، فنحن بدأنا معهم، وفي مرحلة من المراحل صدرت بيانات مهمة جدًا داعمة لجنوب السودان من قبل الاتحاد الإفريقي مثل القرار 2524، إلى جانب القرار 2525 من الأمم المتحدة في دعم لجنوب السودان ووساطتها في الملف السوداني، وبعد أن توصلنا للاتفاق شاهدتم البيانات المؤيدة للاتفاق من الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، الجامعة العربية، إلى جانب دول أخرى مثل قطر، الإمارات، مصر، تشاد وكلها بيانات داعمة لاتفاق السلام.

اقرأ/ي أيضًا: فوضى التطبيع تفتح النقاش عن مستقبل الانتقال الديمقراطي في السودان

  • خلال حفل التوقيع على برتوكولات السلام بجوبا صدرت مناشدات من قبل ممثلي الحكومة السودانية والوساطة لكلا من عبد العزيز آدم الحلو،  عبد الواحد محمد نور للالتحاق بعملية السلام، فكيف سيتم ذلك من قبلكم كوساطة؟

عبد العزيز وعبد الواحد كانوا موجودين منذ البداية، فعبد العزيز وقع على الإعلان السياسي وخارطة الطريق، وكذلك بالنسبة لعبد الواحد فحركته كانت قد وقعت على إعلان جوبا لكنه رفض الحضور، نحن نتوقع حضور عبد العزيز الحلو إلى جوبا لأن الرئيس كير قدم له الدعوة، وأنا افتكر أن هناك فرصة في ظل الجهود التي بذلت تجاههم بواسطة المجتمع الدولي والإقليمي.

  • كيف ستتعاملون مع المجموعات غير الموقعة على اتفاق السلام، هل سيكون هناك تفاوض جديد أم أنكم ستكملون نواقص الاتفاقات الموقعة مؤخرًا؟

نحن منذ البداية كنا قد بدانا بمسارين، هما مسار الجبهة الثورية الذي يضم عشر تنظيمات، بجانب مسار آخر منفصل لمجموعة عبد العزيز، عبد الواحد كان محسوب على مسار الجبهة الثورية، لكن عبد العزيز من البداية "فرز كومه" ويريد أن يتفاوض بشكل منفصل، الآن الملفات مفتوحة خاصة مسار عبد العزيز الذي بدأنا معه بإعلان المبادئ المكون من ثمانية بنود، حيث اختلفنا حول قضيتي تقرير المصر والعلمانية، بالنسبة لعبد الواحد هناك صعوبة في التواصل معه لكنه على اتصال مع الحكومة السودانية، عليه نحن نشجع الحكومة بمواصلة الحوار معه في المسار الذي يرغب فيه.

الوسيط: الاتفاق أعطى المنطقتين حكمًا ذاتيًا وسلطة لتشريع القوانين الخاصة بها، وهذا سيساهم في الاستقرار

  • هذا الاتفاق سيواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في التمويل، فما هو تصوركم كوساطة لتمويل تنفيذ بنود اتفاق السلام؟

هذه حقيقة فدارفور لوحدها تحتاج لمبلغ (13) مليار دولار لإعادة التاهيل وإعادة النازحين واللاجئين ودفع التعويضات، والحكومة السودانية أعلنت استعدادها لسداد (7.500) مليار دولار خلال عشرة أعوام، مما يعني أن هناك عجزًا في تمويل مسار دارفور يقدر بحوالي (6.500) مليارات دولار، دعك عن المنطقتين وبقية أجزاء السودان، هذا الاتفاق يحتاج لحوالي (20) مليار دولار للتنفيذ، ونحن نعرف إمكانيات الدولة السودانية وبالتالي نفتكر أن المجتمع الدولي وأصدقاء السودان قدموا تجربة للدعم في المانيا وفرنسا والسعودية، السودان يحتاج لدعم حقيقي تحديدًا المجتمع الدولي والامم المتحدة التي كانت تنفق أموالًا كثيرة في دارفور فبعد خروج اليوناميد يمكن توظيف الانفاق وتحويله لتمويل بنود اتفاق السلام.

  • منح الاتفاق منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حكما ذاتيًا، ما هي آلية تحقيق ذلك بحسب بنود الاتفاق؟

الاتفاق أعطى المنطقتين حكمًا ذاتيًا وأعطاها سلطة لتشريع القوانين الخاصة بها، كما أعطتهم الحق في تشريع القوانين المحلية وهذا سيساهم في استقرار المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا

السودان يطلب من البنك الإفريقي تمويل مشاريع بـ(55) مليون دولار

التوتر بين المدنيين والعسكريين بسبب الشركات.. ما هي الخيارات؟