شنت عضو تنسيقية "منسم" ريم عباس، هجومًا قويًا على بعض الأجسام المكونة للفضاء النسوي السوداني، وكشفت الكثير عما يدور داخل الكيانات النسوية عبر تدوينة طويلة على حسابها بفيسبوك.
"ألترا سودان" جلس مع ريم في حديث الصراحة والمكاشفة وخرجنا بالحوار التالي:
اقرأ/ي أيضًا: شرق السودان.. واقع معقد وخطابات كراهية
- المحررة: "سئمتُ الصمت" بهذه العبارة وصفتِ الحالة التي اضطرتك لكشف المستور، داخل الأجسام النسائية، لماذا لم تلجأي للطرق والقنوات الرسمية داخل منسم؟
التزام الصمت طيلة الفترة الماضية، جاء نتيجة إيماني بالعمل على تماسك الصف داخل منسم، والحراك النسائي السوداني بشكل عام، لم أجد داعي لفتح بوابة من المشاكل مع بقية الأجسام الأخرى وأجلت الحديث حول هذه القضايا.
هناك رأي ذكوري يقول تعالوا لنا كنساء بصوت واحد، ومتوحدين، أنا اختلف مع هذه الرؤية لأنها ذات طابع ذكوري، كما أن الرجال غير متوحدين داخل مكوناتهم الحزبية ولا يتحرجون من ذلك، لأن موازين القوى في صالحهم. نحن كنساء نطالب بسماع صوتنا وإن كنا مجموعات نسوية غير متحدة، من هذا المنطلق كنت في حديثي مع الاتحاد النسائي ومبادرة لا لقهر النساء أقول بعدم ضرورة العودة إلى منسم، إنما من المهم توحيد الجهود وعدم اتخاذ مواقف صارمة من بعضنا البعض.
ريم عباس: الاتحاد النسائي يقلل من دور الناشطات النسويات، وغير قادر على استقطاب عضوية من الشابات
- المحررة: وصفتِ الاتحاد النسائي السوداني باحتكار العمل النسوي. على أي أسس موضوعية أو تجارب ذاتية استندت إلى هذا الوصف؟
للاتحاد النسائي رمزيته التاريخية، وهو قائد للعمل النسوي خلال فترات طويلة من تاريخ السودان، لكن، في الفترة الأخيرة، ومن خلال العمل المشترك، اتضحت لي بعض النقاط، الاتحاد ذكر في أحد المواقف أن منسم يفترض بها أن تكون جزءً من الاتحاد النسائي وليس العكس.
أريد أن أوضح بأن منسم جسم تنسيقي يشمل قرابة (60) مكونًا نسويًا، في حين أن الاتحاد النسائي هو جسم واحد ومستقل بذاته. من جانب آخر، ترى بعض المجموعات النسوية داخل الاتحاد أنهن نساء لهن تاريخ طويل في العمل العام، وأكثر دراية من غيرهن، وهناك تقليل لدور الناشطات النسويات من قبل عضوات الاتحاد، وأعتقد إنه غير قادر على استقطاب عضوية كبيرة من الشابات، وهو جسم منغلق على ذاته.
واحدة من عوامل الخلاف مع الاتحاد هي أن فترة ثلاثين عامًا من حكم الإنقاذ، تكونت خلالها عدم ثقة بين الأجسام والمكونات النسوية المختلفة، أدعوا لتوسيع دوائر العمل لتلافي هذه الخلافات. الآن، بعد الثورة، أرفض شكل العمل المتمثل في دوائر الصديقات والمعارف والعلاقات الأسرية، وهو الأمر المرفوض من جانبي. خلال فترة الاعتصام شهدت الساحة العامة مشاركة واسعة من الفتيات، إذن لماذا فشلنا في استقطابهن للقضايا النسوية؟ ببساطة، لأنهن خارج الدوائر الضيقة التي تحتكر العمل النسوي.
- المحررة: هل هناك أسباب أخرى للخلاف مع الاتحاد النسائي؟
في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 عقدت المائدة المستديرة، مناصرةَ من منسم لقضايا السلام ودور نساء الحركات المسلحة ومناطق النزاع في القضية. تمت دعوة مجلس الوزراء والمجلس السيادي والسيد عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس الأعلى للسلام، طلبنا من النساء ذوات المصلحة في السلام الجلوس مع جميع هذه الأطراف للتباحث.
كان رد فعل الاتحاد النسائي الخروج من منسم، بحجة عدم علمهم بما تم في المائدة المستديرة، وضد إعطاء مساحة لعبد الفتاح البرهان أو الشق العسكري. خروج الاتحاد صاحبته حملة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد منسم، وتمت مهاجمتنا ووصفنا بالانتهازيات وقوى الهبوط الناعم. ما حدث أدى إلى استقطاب حاد داخل مكونات منسم، مع ذلك، فضلنا عدم الرد ببيان موازي واستكمال معركتنا في نيل الحقوق.
من جانبي أعتقد أننا كنساء لنا أجندات مختلفة عن بعضنا البعض، لكن، منسم باعتبارها جسم جامع للمكونات النسوية نحتاج للنظر في جميع القضايا التي تمس المرأة.
اقرأ/ي أيضًا: النائب العام للمحكمة: مجزرة الأبيض تعد من الجرائم ضد الإنسانية
- المحررة: ذكرت في حديثِ سابق، أن مكتب رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، أتصل بمنسم تحسبًا من اعتداء النساء، من ماذا كان يتخوف؟
عندما تمت دعوة البرهان للمائدة المستديرة، توالت الاتصالات على منسقة منسم، تحسبًا من هجوم المجموعات النسوية عليه. هذا الموقف يثبت أن الجماعات النسوية ليست صديقة للشق العسكري، وتفند مزاعم القائلين بهرولتنا للجلوس معهم.
- المحررة: لماذا لم تلجأ منسم للقضاء في خلافها مع الاتحاد النسائي؟
لأن موقف الاتحاد لم يكن مكتوبًا رسميًا بخطاب أو بيان مباشر. جميع الاتهامات والأقاويل صدرت من أفراد في وسائل التواصل الاجتماعي. لا نرغب في اقحام مؤسسة داخل صراع بناء على مواقف فردية.
ريم عباس: خلافنا مع مبادرة لا لقهر النساء سوء تفاهم. لم يتم احتواء الصراع وتصاعد بخروج المبادرة من منسم
- المحررة: ما طبيعة الخلاف مع مبادرة "لا لقهر النساء"؟
أثناء الثورة السودانية، عقد اجتماع بين منسم وقوى الحرية والتغيير وكانت ممثلة للمبادرة حضورًا، وقالت أن منسم لا وجود له في الواقع ولا يتجاوز كونه قروب على واتسآب. تم اتخاذ موقف من ممثلة المبادرة وإلغاء عضويتها في القروب النسائي، من جانبها، اتخذت المبادرة موقفًا حادًا من منسم تمثل في خروجها. واعتقد أن ما حدث سوء تفاهم، وتأجج بعدها صراع لا أرى داعي له.
- المحررة: هناك اتهام من جانبك بأن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لم يعر الوثيقة الدستورية الاهتمام الكافي.. مزيدًا من التوضيح لهذه النقطة؟
أنا لم أقل أن رئيس الوزراء لم يهتم بالوثيقة الدستورية، بل لم يهتم بملف السلام. بحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية فأن على مجلس الوزراء قيادة هذا الملف الشائك، أتضح لي، أن الشق العسكري هو المسيطر على ملف السلام، على الرغم من ضرورة تواجدهم في قضايا الترتيبات الأمنية. أعتقد أن على رئيس الوزراء خلال الفترة الانتقالية التركيز على ملف السلام والاقتصاد، وهذا ما لم نره بشكل واضح.
- المحررة: حدثينا عن تجربة اللجنة الثلاثية
تشكلت اللجنة في نيسان/أبريل 2020 وضمت منسم، الاتحاد النسائي، مبادرة لا لقهر النساء، بغرض تكوين لائحة نسوية لمنصب الوالي، تم تسليم خطاب بأسماء المرشحات لرئيس الوزراء. كانت التجربة جيدة ولم تتخللها خلافات.
- المحررة: هل تتوقعين خروج المزيد من الأجسام النسائية من منسم على خطى الاتحاد النسائي ومبادرة لا لقهر النساء؟
حاليا تشهد منسم حالة من الاستقرار، وبناء فروع خارج ولاية الخرطوم، ودخول أجسام جديدة. بشكل عام، لم تكن تجربة منسم بالسهلة لأنها تضم نساء سياسيات وقاعديات ومجتمع مدني، وورثنا تركة من التخوين وعدم تقبل الآ خر من النظام البائد، لكن، هناك من حكم على التجربة باكرًا.
اقرأ/ي أيضًا: فدوى طه: جامعة الخرطوم أطلقت عملية تشاورية للتوافق الوطني
- المحررة: هل يحتمل أن تشهد الساحة السياسية والنسوية تحالفًا جديدًا يقوده الاتحاد النسائي؟
ظهور المزيد من الأجسام النسائية في الساحة يشكل إضافة، وأمامنا تجربة حملة "حقنا كامل وما بنجامل" التي تضم أكثر من (60) جسمًا نسائيًا. العمل تحت أهداف مشتركة خطوة ممتازة، وأدعم قيام المزيد من المكونات النسائية.
- المحررة: كيف تردين على تهم الفساد داخل منسم؟
نطالب من يطلقون علينا هذه التهم التوجه لساحات القضاء. لا بد من التوضيح أن منسم ليس مسجلًا ولا يوجد حساب رسمي له في أي من البنوك، لذلك لا نتسلم أموالًا إلا من خلال تبرعات الأعضاء في الداخل والخارج. أو من خلال العمل مع شراكات المنظمات التي توفر قاعات التدريب وخلافه.
- المحررة: متى نتوقع انعقاد الجمعية العمومية لمنسم؟ هل ستكون ريم عباس داخل الكيان أم ستبحث عن فضاء نسوي آخر؟
تأجل انعقاد الجمعية العمومية بسبب جائحة كوفيد 19. يصعب تحديد موعد دون وضوح الوضع الصحي. مع ذلك، نأمل أن تنعقد في أيلول/سبتمبر لأننا بذلك نكون أكملنا عامًا كاملًا.
ريم عباس: ما تزال النساء تعاني عددًا من المشكلات، كالعنف المتنامي اثناء فترة الجائحة وعدم إشراك النساء في تعديل القوانين
- المحررة: هل من الممكن تحقيق هدف المشاركة السياسية المرضية للنساء في جميع هياكل السلطة الانتقالية؟
تمر الفترة الانتقالية بتعقيدات أولها إدارة ملف السلام. لا يمكن تحقيق سلام مرض لجميع الأطراف دون معرفة ماذا يحدث داخل أروقة مفاوضات جوبا.
ثانيًا، لا زلنا نعاني كنساء من القوانين، شرع وزير العدل في إصلاحات كان أهمها الغاء مادة الزي الفاضح، لكن، نلاحظ التطرف تجاه النساء كالتحرش والعنف الذي تنامى خلال جائحة كوفيد 19 وعدم إشراك النساء في تعديل القوانين.
اقرأ/ي أيضًا
اعتصام أبو جبيهة في يومه الثالث.. ومسؤول محلي: الأزمة الاقتصادية عطلت التنمية