تبعد مدينة أبو جبيهة حوالي (270) كيلومترًا غربي مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، ويكاد شح التنمية والخدمات الأساسية يعصف بآمال مواطنيها حيث تتعطل محطات المياه والكهرباء وتفرغ ردهات المستشفى الريفي فيها من الأطباء إلى جانب تقطع السبل بالمواطنين في موسم الخريف وانقطاعهم عن المناطق المجاورة.
على إثر هذه المشاكل دخل مواطني مدينة أبوجبيهة في اعتصام بوسط المدينة منذ ثلاثة أيام، جوار رئاسة المحلية مطالبين الحكومة بالالتفات إلى مشاكل المنطقة الغنية بمواردها المعدنية من الذهب، وثرواتها الزراعية والحيوانية.
يعتقد المعتمصون أن تنفيذ الطريق الدائري من أبوجبيهة إلى أم روابة يساعدهم على نقل منتاجتهم إلى أسواق الاستهلاك وازدهار المنطقة اقتصاديًا
وتتعلق مطالب المعتصمين بتنفيذ مشروع الطريق الدائري الذي يربط أبوجبيهة بمدينة أم روابة وطوله (195) كيلومترًا حيث تشير تقديرات أولية أن التكلفة التي وضعتها بيوتات خبرة قبل سنوات هي حوالي (55) مليون دولار، ويساعد الطريق على إيصال منتجات أبوجبيهة إلى أسواق الاستهلاك، ما يساهم في ازدهار المنطقة اقتصاديًا خاصة وأن المدينة تشتهر بزراعة المانحو والموالح.
وتشمل المطالب بحسب عضو لجنة الاعتصام أحمد نصر خبير، منع شركة التعدين العاملة في مدينة أبو جبيهة التي كانت تلحق أضرارًا كبيرة بالبيئة بتسريب مادة السينايد إلى المياه، وتلوث والزراعة والبساتين، إلى جانب إقالة المدير التنفيذي لمحلية أبو جبيهة.
اقرأ/ي أيضًا: حاكم شرق دارفور: لست معنيًا بقرار حزب الأمة
وفي نهاية حزيران/يونيو الماضي تظاهر المئات من سكان أبو جبيهة قرب مقر شركة التعدين قبل أن يتدخل ممثل من مكتب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، لنزع فتيل الأزمة التي كادت أن تتحول إلى مواجهات دامية بين المواطنين وقوات حكومية تتبع للدعم السريع تحمي عمليات شركة التعدين.
وتتلخص مطالب المعتصمين في تحسين الخدمات الصحية وتهيئة مستشفى أبوجبيهة باعتباره مرجعيًا لمناطق الليري وكالوقي والعباسية وأبوكرشولا والرشاد وعموم المنطقة الشرقية لولاية جنوب كردفان.
ومن ضمن مطالب المعتصمين إكمال بناء مسجد أبوجبيهة العتيق الذي توقف العمل فيه منذ العام 2015، في عهد الوالي المخلوع أحمد هارون علاوة على توصيل المنطقة بشبكة الكهرباء نسبة لتعطل المحطة الرئيسية للكهرباء التي تعمل بوقود الديزل وتعيش المدينة في ظلام منذ شهور.
وأوضح عضو لجنة الاعتصام أحمد نصر الخبير، لـ"ألترا سودان" أن بعض المطالب يمكن تنفيذها فورًا وجزءً منها يحتاج إلى وقت أطوال، لكن من المهم إظهار إرادة حكومية على تنفيذ المطالب.
وكشف الخبير عن إرسال مكتب رئيس الوزراء حاكم جنوب كردفان المعين مؤخرًا ممثلًا عنه نهاية الشهر الماضي، وعقد إجتماعًا مع لجان المقاومة في أبو جبيهة وتسلم كافة المطالب ووعد بتسليمها إلى مكتب حمدوك لكنها لم تنفذ أي خطوة حتى الآن.
على المستوى الحكومي تبدو الصورة قاتمة لارتفاع تكلفة الصرف على البنود التنموية في ظل الأزمة الاقتصادية وشح الوقود وتعطل محطات المياه والكهرباء
وعلى المستوى الرسمي تبدو الصورة مختلفة وأكثر تعقيدًا في الاستجابة إلى المطالب التي يرفعها المعتمصمون حسب المدير التنفيذي لمحلية أبو جبيهة، سايمون تاب الذي أوضح لـ"ألترا سودان"، أن الطريق الدائري شأن اتحادي ولا يمكن للمحلية أن تنفذه، لكنه أشار إلى أن الشركة التي شيدت جزءً من الطريق تحصلت على (160) مليون جنيهًا قبل عامين ولم تكمله.
وبسبب تعطل الطريق الحيوي يعتقد المدير التنفيذي للمحلية أن رواتب عيد الأضحى للعمال في المدينة ربما لن تصل بسبب تقطع السبل للسيارات التي تحمل الرواتب من العاصمة كادوقلي إلى القطاع الشرقي.
ورسم المدير التنفيذي صورة قاتمة عن وضع الكهرباء مشيرًا إلى أنه تم التعاقد مع شركة لتركيب مولد ينتج (1.5) ميقاواط لإنارة (65)% من مدينة أبوجبيهة بتكلفة (18) مليون جنيه دفعت منها الولاية (15) مليون جنيه وخلال أيام سيتم تركيبها.
وأوضح تاب أن الوقود يعتبر مشكلة لأن برميل الجازولين المدعوم ارتفع من أربعة آلاف جنيه إلى (16) ألف جنيه وتستهلك محطات الكهرباء أربعة براميل يوميًا لأنهم بحاجة إلى تشغيلها لمساعدة المحطة الجديدة وإنارة (35)% من المدينة بالمولدات القديمة.
اقرأ/ي أيضًا: فتيات التدريب المهني.. من عراقيل المجتمع إلى الحاجة لإثبات الذات
وأضاف تاب: "نحن نعاني من تبعات الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الصرف لأن المشاريع الحكومية تأثرت بإرتفاع التشغيل والمواد والسلع والخدمات، وبالتالي لا بد من الصبر قليلًا على الحكومة التي تنتمي إلى المعتصمين أيضًا".
وأشار مدير المحلية إلى أن الحكومة المحلية دفعت أربعة مليون جنيه من قيمة المولد الجديد للكهرباء، بالتخلص من سبعة مولدات قديمة وبيعها في الخرطوم عبر لجنة ضمت (15) عضوًا وأكملت الولاية ووزارة المالية الاتحادية باقي التكلفة.
وقال تاب إن شبكة الكهرباء الداخلية في مدينة أبو جبيهة تحتاج إلى صيانة عاجلة وهي تكلفة من مهام صميم الحكومة الاتحادية، لأنها مشاريع ذات تكلفة عالية، والمحلية في انتظار الحكومة الجديدة للولاية لمخاطبتها حول القضايا التنموية عمومًا.
وفيما يتعلق بالمستشفى رهن المدير التنفيذي لمحلية أبوجبيهة الاستجابة للمطالب بالتواصل مع وزارة الصحة الاتحادية ودعم المستشفى بالكوادر الطبية والمعينات.
وأقر سايمون تاب بصعوبة إزالة شركة التعدين لجهة أنها توفر موردًا بالعملة الصعبة للحكومة الانتقالية، لافتًا إلى أن الحل في معالجة الأضرار عبر الشركة السودانية للموارد المعدنية وتفعيل الرقابة على المواد المستخدمة في التعدين.
وأردف تاب: "لا أعتقد أن هناك أضرارًا بيئية من شركات التعدين، هناك تصفية حسابات في بعض الأحيان رغم أن الولاية لا تحصل على أي شئ من الإنتاج الذي يصل شهريًا إلى مائة كيلوغرامًا من الذهب".
مدير المحلية: المنطقة تضم مشاريع زراعية حيوية وتنتج الذرة والمانجو وواعدة أيضًا لإنتاج اليورانيوم والذهب
وشدد المدير التنفيذي لمحلية أبوجبيهة سايمون تاب على أهمية ربط أبوجبيهة مع مدن القطاع الشرقي حتى كادوقلي وأم روابة، مشيرًا إلى أن المنطقة تضم مشاريع زراعية حيوية وتنتج الذرة والمانجو وواعدة أيضًا لإنتاج اليورانيوم والذهب، ونصح بربطها مع مناطق الاستهلاك معربًا عن أسفه من شح التنمية وصعوبة تحقيقها نتيجة الأزمة الاقتصادية.
واعترف تاب بوجود مشاكل في مياه الشرب في أبو جبيهة لعدم اكتمال شبكة الخطوط الداخلية وتنفيذ جزء منها قبل عامين وتوقف الشركة، مبينًا أن "الدوانكي– الآبار" التي يعتمد عليها السكان تستهلك برميلًا من الديزل قيمته (16) ألف جنيه يوميًا ولا يمكن لمشغليها أن يوفروا هذه المبالغ يوميًا، وأشار إلى أن الحل في تحسن شبكة الكهرباء لبناء محطات مياه وتركيب خزانات أرضية.
اقرأ/ي أيضًا
الطاقة والتعدين تتعهد بمراجعة شاملة لكل الشركات العاملة بالتعدين
عضو بالسيادي: التشريعات والقوانين التي صدرت "فيها نوع من العجلة"