17-أكتوبر-2019

التعايشي

 

بالتزامن مع مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية الانتقالية وقوى الكفاح المسلح، التي دخلت يومها الرابع، بجوبا عاصمة دولة جنوب السودان، وقعت اشتباكات مسلحة بين الجيش السوداني، والحركة الشعبية شمال، بمنطقة خور ورل بولاية جنوب كردفان، انسحب على أثرها وفد الحركة من المفاوضات احتجاجًا على الخرق الحكومي لوقف إطلاق النار، قبل أن يعود اليوم ليستأنف المباحثات، بعد إصدار رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان أمس قرارًا يقضي بوقف العدائيات من قبل الجيش السوداني في جميع مناطق السودان.

خلفيات الحادثة

تطورت الحادثة ووصلت إلي صدام مسلح وتبادل إطلاق نار بين الجيش وقوة محدودة من الحركة الشعبية شمال

حسب مصادر موثوقة بالولاية فإن بداية الأزمة تعود لنزاعات قبلية بين العرب الرحل وقبيلة الغلفان من النوبة، سرعان ما تطورت الحادثة ووصلت إلى صدام مسلح وتبادل إطلاق نار بين الجيش وقوة محدودة من الحركة الشعبية شمال قيادة عبد العزيز الحلو، كانوا يتنقلون على متن دراجات هوائية.

وأكدت المصادر لـ"الترا سودان" أن الاشتباكات التي وقعت أمس الأول، لم تسفر عن قتلى أو جرحى باستثناء استيلاء الجيش على عدد من الدراجات.

اقرأ/ي أيضًا: "شطاية".. قرية دارفورية عانت الرعب والدمار على أيدي "الجنجويد"

تعليق التفاوض ومهلة (٧٢) ساعة

قابلت الحركة الشعبية عدائيات الجيش السوداني، بتعليق المفاوضات مع الحكومة، وقالت أنها في حالة حرب رسميًا مع الحكومة الانتقالية.

واتهم رئيس وفد التفاوض السكرتير العام للحركة الشعبية، عمار آمون دلدوم في بيان اطلعت عليه "الترا سودان" القوات المُسلَّحة السودانية بمُساعدة أفراد بعض بطون الحوازمة وبتخطِّي مناطق "الأنشوه" بالمسار الشرقي، ونصب كمين في الطريق الذي يسلكه المواطنون بالمناطق المُحرَّرة في منطقة "خور الورل" والذي يربط بين المنطقة الغربية و"كاودا"، وقاموا بإلقاء القبض على ١٦ مواطنًا وأطلقوا سراح ثلاثة مواطنين واحتفظوا بـ ١٣ آخرين من التجار ببضائعهم.

وذكر البيان أن الجيش السوداني قام بتحريك القوات واحتلال مواقع جديدة وقفل الطريق، واعتقال المواطنين وبضائعهم واعتبر الخطوة محاولة لإظهار القوة، وأعلنت الحركة عن جملة اشتراطات للعودة لطاولة التفاوض أبزرها سحب القوات فورًا وأطلاق سراح المواطنين المحتجزين وممتلكاتهم في فترة أقصاها (٧٢) ساعة.

تدخل حكومي لإنقاذ المفاوضات

جدد التعايشي التزام وفد الحكومة بمواصلة الحوار حول السلام باعتباره خيارًا استراتيجيًا

وفي محاولة لإنقاذ الموقف أعلن مجلس السيادة الانتقالي في السودان، تكوين لجنة تحقيق في أحداث "خور الورل". وأكد المتحدث باسم الوفد الحكومي المفاوض محمد حسن التعايشي إن الأحداث لن تؤثر على عملية السلام، وتعهد بملاحقة الجناة ومساءلتهم أمام القانون. وجدد التعايشي في مؤتمر صحفي مع رئيس لجنة الوساطة توت قلواك، التزام وفد الحكومة بمواصلة الحوار حول السلام باعتباره خيارًا استراتيجيًا، وتابع قائلًا "لا بديل للسلام إلا السلام"، وأقر التعايشي بتأثر جدول المفاوضات مع الشعبية بالواقعة.

وقال التعايشي أن أحداثًا مؤسفة، وقعت مساء 13 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري بولاية جنوب كردفان، بين مجموعة مسلحة من الرعاة مع بعض التجار بمناطق سيطرة الحركة. وأعرب عن أسف حكومته لما جرى بجنوب كردفان مؤكدًا أن ما حدث يجب أن يكون دافعًا للمضي قدمًا في طريق السلام الذي ينهي القتال للأبد، ويفتح الطريق للتعايش والتنمية والعدالة، وأكد جاهزية الوفد الحكومي للنقاش في كل الموضوعات، تأكيدًا لموقف الحكومة الجاد لتحقيق السلام.

اقرأ/ي أيضًا: مباحثات السلام السودانية تدخل لحظات حاسمة

بدوره أعلن "توت قلواك" رئيس لجنة الوساطة في المفاوضات السودانية، بداية التفاوض المباشر مع الجبهة الثورية أمسية أمس الأربعاء، وأثنى على التزام الحكومة السودانية تجاه قضية السلام. وفي هذا الصدد امتدح قرار البرهان بإعلان وقف إطلاق النار. ونفى التعايشي ما تناقلته بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن حرب وتبادل للنار وقصف بالطيران في مناطق جبال النوبة، وأشار إلى أنها أخبار غير صحيحة وغير أمينة وتعمل على تسميم الأجواء المتفائلة بإمكانية الوصول إلى سلام شامل في البلاد ينهي الحرب.

البرهان يصدر قرارًا بوقف إطلاق النار

وكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وفي محاولة لتدارك الموقف وإعادة عملية السلام لمسارها وامتصاص آثار الحادثة، قد أصدر مرسومًا جمهوريًا أمس الأربعاء بوقف إطلاق النار في كافة أنحاء البلاد بدون شرط، ويأتي المرسوم كاستجابة لأول شروط الحركة التي اعتبرت أن إعلان الحكومة بوقف العدائيات غير موثق بقرار رسمي.

أوضح بيان للمجلس السيادي، أن التأجيل جاء بسبب الاحتجاج الذي تقدمت به الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال

المساعي الحكومية وحدها لم تكن كافية لاحتواء الموقف، حيث أعلنت قيادة لجنة الوساطة إرجاء التفاوض المباشر بين وفد الحكومة والحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو لمدة (٢٤) ساعة، حيث كان مقررًا له أن يبدأ أمس الأربعاء حسب الجداول المتفق عليها مسبقًا من قبل الأطراف، فيما يبدو أنها محاولة لإجراء تواصل غير رسمي مع الطرفين لتجاوز آثار الحادث عند العودة مجددًا لطاولة التفاوض.

وأوضح بيان للمجلس السيادي، أن التأجيل جاء بسبب الاحتجاج الذي تقدمت به الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو ضد الحكومة السودانية، التي تتهمها بخرق وقف إطلاق النار في الأحداث الأخيرة التي وقعت في منطقة خور الورل بجنوب كردفان. وأوضح البيان أن الوساطة قررت التأجيل لإجراء مزيد من المشاورات بين الطرفين لمعالجة الأمر. وناشد بيان الوساطة الطرفين إلى الهدوء وضبط النفس لإتاحة الفرصة لأجواء السلام والتصالح.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

محادثات السلام في يومها الثاني.. نقاش للقضايا الخلافية من جذورها

في يومها الثالث.. الشعبية-شمال تنسحب من مفاوضات السلام