26-مارس-2020

قيادات نسوية من جنوب السودان (الترا سودان)

منذ بدء مفاوضات السلام بين أطراف النزاع المختلفة في جنوب السودان، في أعقاب انهيار اتفاقية السلام الأولى بعيد أحداث القصر الرئاسي في تموز/يوليو 2016، وتجدد المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وقوات المعارضة المسلحة، بقيادة ريك مشار، احتلت قضية زيادة نسب تمثيل المرأة في مستويات الحكم المختلفة، مساحة معتبرة أثناء النقاشات والمداولات في مراحل التفاوض، وطالب ممثلو المرأة، إلى جانب جهات عديدة؛ محلية، إقليمية ودولية، بضرورة التمثيل العادل للمرأة في الحكم أثناء الفترة الانتقالية، ومخاطبة القضايا التي تواجهها في المجتمع.

طالب الاتحاد الأوروبي بضرورة الالتزام بمشاركة المرأة بنسبة 35% كحد أدنى في السلطة التنفيذية حسب الاتفاقية، لافتًا إلى أن تحديات كبيرة في المستقبل، ستواجه الحكومة

وأعطت اتفاقية تسوية النزاع المعاد تنشيطها، نسبة 35% من حصة السلطة للمرأة، وأفضى ذلك إلى تعيين ربيكا نيادينق دي مبيور، أرملة زعيم الحركة الشعبية الراحل الدكتور جون قرنق دي مبيور، في منصب نائب رئيس الجمهورية، عن مجموعة المعتقلين السابقين (FDs) المعروفة أيضًا بـ"القادة التاريخيين للحركة الشعبية"،  كأول امرأة تتولى هذا المنصب في البلاد، وكذلك تعيين أول امرأة في منصب وزير الدفاع، وهي أنجلينا تينج، عن الحركة الشعبية في المعارضة، وتقلد امرأة أيضًا منصب وزير الخارجية للمرة الثانية على التوالي، وهي السفيرة بياتريس خميسة واني، التي خلفت أووت دينق أشويل، التي تم تعيينها وزيرًا للتعليم العام، ليصبح عدد النساء في مجلس الوزراء ثماني.

اقرأ/ي أيضًا: جوبا.. التحالفات الجديدة تغلب على الولاءات القديمة في الحكومة الانتقالية

وأشاد الاتحاد الأوربي بالخطوة التي اتخذتها الأطراف بتشكيل الحكومة الانتقالية، واصفًا إياها بالأساسية نحو السلام. وأضاف الاتحاد الأوروبي في بيان صحفي، أن أطراف الاتفاقية اتخذوا قرارت صعبة للوصول إلى هذه المرحلة، مناشدًا بضرورة بدء هذه الفترة الانتقالية بروح من التعاون والحل الوسط حتى تستطيع الحكومة العمل بفعالية.

وطالب البيان، بضرورة الالتزام بمشاركة المرأة بنسبة 35% كحد أدنى في السلطة التنفيذية حسب الاتفاقية، لافتًا إلى أن تحديات كبيرة في المستقبل، ستواجه الحكومة الانتقالية خاصة فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية.

نعيمة عباس: يجب أولًا تنفيذ اتفاقية السلام المنشطة كما هي دون أي تعديل أو حذف لكي يتم ضمان حق المرأة في نسبة الـ(35%) وتمثيلها في هياكل الحكومة المختلفة.

من جهتها، قالت المستشارة بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، نعيمة عباس، إنه يجب أولًا تنفيذ اتفاقية السلام المنشطة كما هي دون أي تعديل أو حذف لكي يتم ضمان حق المرأة في نسبة الـ (35%) وتمثيلها بالحكومة، مبينة أن المرأة مقتدرة ومؤهلة ولديها خبرات عملية في شتى المجالات، بالإضافة إلى وجود العنصر النسائي في العمل الإداري والخدمي، والعسكري، وغيرها، لذلك فإن نسبة الـ(35%) يجب الالتزام بها وتقسيمها حسب القدرات وليس النوعية، بحسب تعبيرها.

من جهتها، تشدد الصحفية بإذاعة مرايا التابعة للأمم المتحدة، لوشيا جون، أن الاتفاقية المنشطة تشير بوضوح إلى ضرورة إشراك المرأة في كافة مستويات الحكم في الحكومة الانتقالية.

وأضافت في تصريح لـ"الترا سودان": "إذا ألقينا نظرة داخل مجموعات الأطراف الموقعة على الاتفاق، والتي تشمل الحكومة، الحركة الشعبية في المعارضة، تحالف جنوب السودان للمعارضة، ومجموعة المعتقلين السابقين والأحزاب المعارضة الأخرى، نتوصل إلى أن كل هذه الأطراف غير مهتمة بالنسبة المخصصة للمرأة، وهذا يمكن أن يكون إشارة إلى أنها تتعمد عدم إشراك المرأة في خطوات إنفاذ السلام نفسها والدفع به إلى الأمام".

اقرأ/ي أيضًا: زيارة دقلو للقاهرة.. مخابرات السيسي تحاول قلب المعادلة

وتابعت: "على الجانب الآخر، نجد أن  النساء عبر التكتلات التي تمثلهن، ظللن يطالبن بإفساح المجال لهن وتعيينهن في مناصب عليا في الدولة، ولكن على أرض الواقع لا زالت نسبة مشاركة المرأة في كافة مستويات الحكم بالنسبة المحددة بـ 35% حبيسة الورق، وتحتاج الاتفاقية إلى المراجعة للتعرف على التحديات التي تحد من تطبيقها على أرض الواقع".

لوشيا لادو: الأحزاب انتهجت طرقًا غير قانونية في اختيار ممثليها في الحكومة دون إجراء أي مشاورات مع الأعضاء بما في ذلك قطاع المرأة.

من جانبها، أشارت رئيسة المرأة بحزب المؤتمر الوطني، لوشيا لادو تومبي، إلى إمكانية عدم التزام الأطراف بإعطاء المرأة نسبتها المخصصة لها في الاتفاقية نتيجة لعدم وضوح الموقف داخل الحكومة، مشيرة إلى أن ذلك أدى لشعور النساء بالإحباط.

وأوضحت أنه يوجد داخل الأحزاب تفاصيل غير واضحة، مبينة أن الأحزاب انتهجت طرقًا غير قانونية في اختيار ممثليها في الحكومة دون إجراء أي مشاورات مع الأعضاء بما في ذلك قطاع المرأة، حيث تم اختيار الممثلين دون مشاركة المرأة فيها، بحسب تعبيرها، ووصفت ذلك بالانتهاك لحقوق المرأة.

وأضافت لوشيا: "نحن النساء من يعمل على تشجيع الناس للخروج للإدلاء بآرائهم وليس الرجال، وعندما يأتي دور التنفيذ يتم تهميشنا، لذلك سنشدد على رفع نسبة تمثيل المرأة إلى 65% بدلًا عن 35%".

إلى ذلك، وصفت سكرتيرة الأمومة والطفولة بتحالف تنظيمات المجتمع المدني، دودو سبت، تعيين ربيكا نيادينق دي مبيور، كنائب لرئيس الجمهورية، بالقرار الجيد والخطوة الإيجابية، مشيرة إلى أن ذلك دليل على التزام الاتفاقية بإعطاء الفرصة لتمثيل المرأة في المواقع القيادية.

وناشدت النساء بالحفاظ على حقوقهن في المجتمع، وبذل المزيد من الجهود للمساهمة في إحداث التغيير المنشود، مبينة أن النساء لهن دور كبير في بناء الدولة.

وبعد تعيين نواب الرئيس وأعضاء مجلس الوزراء ينتظر الشارع العام، اختيار حكام الولايات العشر، ونواب المجلس التشريعي القومي ومجلس الولايات، إلى جانب حكومات الولايات، لاكتمال هيكل الحكومة الانتقالية، وتشدد تكتلات المرأة على ضرورة التزام الأطراف بالتمثيل العادل للنساء في مستويات الحكم المختلفة في المركز والولايات كما هو منصوص عليه في الاتفاقية، وهي مطالب ستثبت الساعات القليلة القادمة مدى التزام الأطراف بتطبيقها على أرض الواقع، بخاصة الطرفين الرئيسيين الحكومة والحركة الشعبية في المعارضة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حروب الصيف العبثية..جونقلي الكبرى

العدالة الانتقالية.. نقاش حول قابلية التطبيق في السودان