21-مايو-2020

(Getty)

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في تقريرٍ جديدٍ لها عن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في جنوب السودان، إن الضحايا الناجيات من العنف الجنسي لا يزلن يكافحن من أجل الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، خاصةً في المقاطعات التي شهدت تأثرًا كبيرًا بالعنف الجنسي المرتبط بالنزاع المسلح الدائر في البلاد منذ كانون الأول/ديسمبر 2013.

يوثق التقرير الأممي لـ(356) حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، من ضمنها حالات اغتصاب

ويوثق التقرير الأممي الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي، الموافق 18 أيار/مايو 2020، لـ(356) حادثة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، من ضمنها حالات اغتصاب، وقعت خلال الفترة ما بين كانون الثاني/يناير 2018، وكانون الثاني/يناير 2020، وشملت هذه الحوادث ما لا يقل عن (1423) ضحية، من ضمنها (302) قاصرًا، وتم تسجيل أغلب هذه الحوادث من قبل فرق التحقيق التابعة لقسم حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS)، في ولايات؛ الاستوائية الوسطى، الوحدة وغرب بحر الغزال، حيث يقول التقرير إنها أكثر المناطق التي شهدت وقوع حوادث عنف جنسي في البلاد. 

اقرأ/ي أيضًا: غير دوانج.. طفل الحرب الذي حمل أحلامه إلى هوليوود

وأشار التقرير الذي يقع في (44) صفحة، وأجراه فريق من الخبراء والمحققين بقسم حقوق الإنسان ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، والذي جاء بعنوان: "الحصول على الرعاية الصحية للناجيات من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في جنوب السودان"، إلى أن الضحايا الناجيات ليس لديهن إمكانية الحصول الفوري والملائم للرعاية الصحية، وذكر أن الناجيات من الاغتصاب لا يزلن يعانين من آثار جسدية وصدمات نفسية، من جراء العنف الجنسي الذي مورس ضدهن. وتروي إحدى الناجيات -بحسب التقرير- وهي أم لخمسة أطفال، في العقد الرابع من عمرها، تعرضت للاغتصاب بمقاطعة لير بولاية الوحدة: "الدعم الوحيد الذي أحتاج إليه، هو تحسن حالتي الصحية، بدون صحة جيدة لا يمكنني فعل أي شيء. المرفق الصحي الموجود ينفد منه الدواء دائمًا، ولا أملك المال لشراء الدواء من مكان آخر". وأضافت: "أطفالي يتضورون جوعًا، ولا يوجد عمل في البلدة. أوفر القليل من المال من خلال جمع الحطب، ولكن لا أستطيع حمل كميات كبيرة منه مثلما كنت أفعل قبل حادثة الاغتصاب. بسبب الألم الجسدي، نحن مضطرون للاعتماد على المساعدات من الآخرين".

وكشف التقرير، أن تمويل الرعاية الصحية العامة في جنوب السودان، لم يتم تحديد أولوياته من نسبة الـ(1.2) في المائة من الميزانية الوطنية المخصصة للصحة، وهو ما يعادل حوالي (14) مليون دولار فقط.

ويبين التقرير أن قائمة المسؤولين عن العنف الجنسي والانتهاكات تشمل القوات الحكومية وقوات المعارضة، بالإضافة إلى المليشيات الشبابية التي تستخدمها أطراف النزاع في المعارك.

اقرأ/ي أيضًا: تفاصيل التحقيق مع مدير سودانير حول شكوى نقل مواطن من مسقط إلى الخرطوم

وبحسب مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، فإن المرافق الصحية في جنوب السودان غير قادرة على توفير رعاية طبية متخصصة للضحايا الناجيات من العنف الجنسي. ولفت إلى أنه لا يوجد عددُ كافٍ من الأطباء والممرضات والقابلات المؤهلات للإشراف على علاج الناجيات.

ويقول التقرير: "هناك ضعف في المهارة لدى الكوادر الصحية العاملة في المناطق المتأثرة بحوادث العنف الجنسي بحسب معايير منظمة الصحة العالمية، وهذا يقلل من فرص حصول الناجيات على العلاج الطبي الملائم".

وتابع: "في ذات الوقت الوقت يواجه هؤلاء الكوادر، ظروف عمل غير ملائمة، وضعف وتأخر في الأجور، وغياب معينات العمل".

وكشف التقرير، في تسليطه الضوء على "الأذى الجسدي" الناجم عن العنف الجنسي، أنه كثيرًا ما يتسبب "العنف الوحشي" الذي تمارسه الجماعات المسلحة أثناء ارتكابها للاغتصاب، في إصابات خطيرة، أسفرت عن مضاعفات صحية كبيرة، لا سيما بين الفتيات الصغيرات والنساء الحوامل والمسنات، ويمكن أن تؤدي نتائجها إلى الموت". كما تطرق لحالات الوفاة الناجمة عن العنف الجنسي والصدمات النفسية والوصمة التي يتعرض لها الضحايا الناجيات في مجتمعاتهن.

وأوصى التقرير الحكومة بزيادة نسبة الميزانية المخصصة لقطاع الصحة العامة، عوضًا عن الميزانية الحالية، والتي تبلغ (1.2) في المائة من الميزانية السنوية للدولة، بالإضافة لترقية قدرات الكوادر الصحية العاملة وتحسين الحصول على الخدمات الصحية وتقديمها للمحتاجين في المجتمع على أساس منصف.

كما أوصى التقرير بضمان قيام السلطات العدلية والقانونية والقضاة المختصين، بإجراء تحقيقات ومقاضاة ومحاكمة الأفراد المسؤولين، بما في ذلك أولئك الذين يشغلون مواقع قيادية، الذين يتورطون في الانتهاكات والتجاوزات ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، خاصةً في الجانب المتعلق بالعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، والهجمات ضد الموظفين والمنشآت الطبية.

وطالب التقرير بضمان حصول الضحايا على برنامج شامل لإعادة التأهيل على المديين القصير والطويل، يخاطب الاحتياجات الصحية والنفسية لهم. كما حث الحكومة على إكمال عملية الانضمام للعهد الدولي الخاص بحماية الحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأوصى التقرير كذلك؛ المانحين والشركاء الدوليين، بتقوية الروابط التنموية والإنسانية، وتوفير الاستجابات الطبية للناجين من العنف الجنسي، ومعالجة أوجه القصور الهيكلية في قطاع الصحة العامة، بخاصة المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية والرعاية. كما أوصى باستخدام آليات التمويل الحالية لدعم حكومة جنوب السودان، وإنشاء آلية متابعة ومراجعة شاملة ومشتركة ذات شفافية عالية لمراقبة وتتبع وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، خاصةً الهدف الثالث (SDG 3) والهدف الخامس (SDG 5) على المستويين القومي والولائي.

كما دعا التقرير الأممي إلى دعم التدابير المرصودة لمنع وقوع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، بما فيها آليات ضمان مساءلة الجناة ورفع مستوى الوعي حول منع "العنف الجنسي المرتبط بالنزاع" لأطراف الصراع والمواطنين وقوات دفاع شعب جنوب السودان، وقوات الحركة الشعبية في المعارضة بقيادة ريك مشار، وقوات شرطة جنوب السودان، لمعالجة مسألة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع. 

طالب التقرير من جميع الجهات الفاعلة بتكثيف الجهود للتغلب على الحواجز الاجتماعية على المستويين الوطني والشعبي من خلال أنشطة توعوية لنزع الوصمة

وطالب التقرير، الحكومة، والمجتمع المدني، والجهات الدولية الفاعلة، بتكثيف الجهود للتغلب على الحواجز الاجتماعية على المستويين الوطني والشعبي، من خلال تنظيم أنشطة توعوية يتم فيها إشراك الشخصيات المؤثرة في المجتمع، مثل الزعماء الدينيين والسلاطين وقادة المجتمع، لتغيير الأعراف التي تساهم في وصم الضحايا الناجين. 

اقرأ/ي أيضًا

جوبا: مركز حقوقي يحث الحكومة على السماح بحرية التنقل بمخيم حماية المدنيين

مدير الصحة بولاية الجزيرة: عدد حالات الاشتباه بكورونا في ارتفاع