أشعل بيان صادر عن تنسيقية لجان مقاومة الديوم الشرقية المعركة بين القوى الحزبية ولجان المقاومة، وأعاد طرح السؤال حول من يمتلك القدرة على قيادة الشارع ضد الانقلاب؟
وكانت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) قد أعلنت عن "محطة باشدار" بالديوم الشرقية وجهةً لمواكب "السودان الوطن الواحد" المقررة اليوم الثلاثاء 26 تموز/ يوليو الجاري. فيما قال بيانٌ للجنة العمل الجماهيري بالحرية والتغيير إن "مواكب السودان الوطن الواحد" تنطلق من نقاطٍ عِدة تنتهي جميعها في "محطة باشدار"، مضيفًا: "لنشهر سلاح الهتاف الذي لا ينبو في وجه خطاب الكراهية والتفريق العنصري ومخططات تفتيت السودان".
يمضي مراقبون في تفسيرهم للمعركة التي تدور الآن بأنها معركة بين قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والحزب الشيوعي السوداني
وفي وقت متأخر من مساء الاثنين أصدرت تنسيقية لجان مقاومة الديوم الشرقية بيانًا أعلنت فيه عن رفضها المشاركة في الموكب وذهبت فيه إلى حصر إقامة المنصات الإعلامية والجماهيرية في "باشدار" على لجان المقاومة.
وقالت تنسيقية الديوم الشرقية في البيان الذي اطلع عليه "الترا سودان": "لن نسير خلف الحرية والتغيير في أيّ من دعواتها". وأوضحت أنها تنأى بنفسها عن الصراعات السياسية والتكتلات الحزبية، لافتةً إلى أن شوارع الثورة ليست ميدانًا للمعارك السياسية والتكتلات الحزبية، ومعلنةً عن رفضها إقامة أيّ حزب لمنصة جماهيرية في محطة "باشدار" لكونها منطقة خاصة بلجان المقاومة.
وتخرج لجان المقاومة منذ قرارات 25 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي في احتجاجات منتظمة تطالب بإبعاد الجيش عن السلطة بعد أن سيطر على الحكم عبر انقلاب عسكري مبعدًا المدنيين الذين قاسموه السلطة.
وتتهم اللجان القوى السياسية وائتلاف الحرية والتغيير بالتخلي عن الشعارات الرئيسية للثوار بعد قبوله التفاوض مع المكون العسكري رغم رفض المحتجين للمفاوضات والشراكة مع العسكر من خلال تبنيهم لشعار "اللاءات الثلاثة".
وتشهد جبهة مقاومة الحكم العسكري في السودان تصدعًا بين مكوناته بسبب اختلاف الرؤى فيما بينها خاصةً فيما يتعلق بالتعامل مع المكون العسكري، وهو التصدع الذي تم التعبير عنه من خلال المعركة بين دعاة "التغيير الجذري" ومن يسعون إلى تحقيق ما اصطلح على تسميته بـ"الهبوط الناعم".
فيما يمضي مراقبون في تفسيرهم للمعركة التي تدور الآن بأنها معركة بين قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والحزب الشيوعي السوداني الذي يتبنى منذ أن غادر التحالف الذي ساهم في إسقاط سلطة البشير - يتبنى مواقف مناوئة لرفاق الأمس حد المطالبة بإسقاط الحكومة الانتقالية تحت مبررات أنها عجزت عن تحقيق أهداف ثورة ديسمبر، معتبرًا اللجنة الأمنية لنظام البشير ودعاة التسوية والهبوط الناعم "أعداء الثورة الذين يجب مواجهتهم".
يوم الأحد أعلن الحزب الشيوعي عن تشكيل ائتلاف "التغيير الجذري" الذي ضم أكثر من (10) أجسام مهنية وفئوية، بينها اتحاد مزارعي الجزيرة ومفصولو الشرطة والاتحاد النسائي، بالإضافة إلى أسر الشهداء وأحد فصيلي تجمع المهنيين السودانيين.
وأكد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، في المؤتمر الصحفي، رفض المشاركة في أيّ عملية سياسية تبقي على العسكر في المشهد السياسي، ونادى بالتغيير وإقامة دولة مدنية "كاملة" مع عودة الجيش إلى ثكناته وحل قوات الدعم السريع. وسبق أن رد الحزب الشيوعي على مبادرة توحيد قوى الثورة بقوله "إنه مستعد للجلوس مع القوى المناهضة للانقلاب كأحزاب وليس تحالفات".
ويتم تداول اتهامات تشير إلى تورط قوى سياسية في تقسيم الشارع ومحاولات اختطاف لجان المقاومة التي تنظم الحراك الاحتجاجي المستمر منذ نحو (10) أشهر. وينظر إلى بيان تنسيقية الديوم الشرقية على أنه يأتي في سياق هذه المعركة، مع أنّ ذات اللجنة سبق أن خاضت معركة قبل مدة ضد الحزب الشيوعي، واتهمت كوادر محسوبة عليه في التسبب في فض اعتصام مستشفى الجودة في وقت سابق.
وانتقد كثيرون بيان لجان مقاومة الديوم الشرقية لجهة أنه يخالف قيم الحرية التي نادت بها ثورة ديسمبر ويسعى لاحتكار المنصات والحجر على الآخرين. بينما استهجن القيادي في حكومة الظل وائل عمر عابدين في منشور على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي رغبة الأحزاب في تنظيم مظاهرات، فيما ترغب لجان المقاومة في ممارسة السياسة، ورغبة العساكر في الحكم، فيما يرغب المدنيون في الاشتباك، واصفًا المشهد بأنه "انحلال مفاهيمي كامل".
ويحذر ناشطون سياسيون من مغبة إعادة نفس الأخطاء السابقة بقيادة لجان المقاومة نحو ذات مصير تجمع المهنيين السودانيين، وهي الخطوة التي ستستفيد منها وبأكبر قدر القوى المناهضة للثورة التي نجحت حتى الآن في تحقيق رغبتها في تفتيت قوى الثورة من الداخل.