الانتهاكات التي ارتكبها العدو الإسرائيلي أثناء تشيع الشهيدة الصحفية شيرين أبوعاقلة الجمعة، أيقظت العديد من الذكريات بالنسبة للصحفيين بالسودان، واسترجعوا ذكريات الانتهاكات المتعددة من اعتقال وترهيب وتهديد وضرب مبرح واقتحام لمقر وسائل الإعلام المختلفة .
مآب الميرغني: دُوِّن بلاغ ضدي وأجبروني على دخول الحراسة
اعتقال تحت تهديد السلاح
"ذهبت لتغطية أحداث بالسوق العربي الخرطوم يوم 30 آذار/مارس الماضي، وبعد أخذ الإفادات من "الفريشة"، وهم من يفرشون بضاعتهم على الأرض أو الطاولات المفتوحة في السوق، وأخذت صور لمكان الحادثة تفاجأت بيد تمسك بي، وعندما التفت قال صاحبها بأنه يتبع لجهاز المخابرات الوطني، وتحت تهديد السلاح صحبني إلى العربة، وعندما أخبرتهم بأنني صحفية زاد التشدد والتهديد أكثر، وتم تفتيش حقيبتي أكثر من أربع مرات بالقوة، وأخذوا منى الهاتف ولم يسمحو لي بالاتصال بشخص لساعات طويلة.
وفي السابعة مساءً سمحوا لي بإجراء مكالمة هاتفية واحدة فقط ومن ثم تم أخذي إلى قسم الشرطة الأوسط، وتم أيضًا تفتيش الحقيبة مرات عدة، حيث كانت بداخلها أوراق تخص اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين.
وحققوا معي حول هذه الأوراق وقضية الشهداء لأنني نشرت عن قضية ست النفور وتناولت قضية "توباك"، وكان المحقق يكرر لي: "لازم نعمل لك غسيل مخ عشان تكرهي الصحافة".
وكنت تحت ضغط للاعتراف بانتمائي لحزب معين، وبعد رفض مني تم مسح جميع ملفات هاتفي، وقبلها تم تحويل بعض الملفات من هاتفي إلى هاتف أحد العساكر.
وبعدها تم تحويلي إلى قسم الشرطة الشمالي وطلبوا مني الدخول إلى الحراسة رفضت بشدة، دون بلاغ ضدي تحت المادة (77)، أجبرني بدخول "الزنزانة"، طلبت منهم السماح لي باجراء مكالمة وفعلًا تم ذلك فحضرت محامية الجريد،ة وممثلي اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين وعدد من الزملاء، فخرجت بضمانة". هكذا حكت الصحفية مآب الميرغني التى تعمل بصحيفة الجريدة تفاصيل ما حدث من انتهاكات لحقوقها كصحفية وقبل ذلك كمواطنة.
صبيحة الانقلاب
بعد الانقلاب في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، تعرض عدد من الصحفيين والصحفيات وبعض مقرات وسائل الإعلام إلى أبشع أنواع الانتهاكات.
فقد داهمت السلطات مقر وكالة السودان للأنباء، حيث ذكر شهود عيان أن قوة من الجيش يقودها ضابط برتبة اللواء، حضرت في الساعات الأولى من صباح الاثنين 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، وأخرجت العاملين وأغلقتها ووضعت قوة من الجيش لحراستها، وأكدت على ذلك اللجنة المشتركة للأجسام الصحفية في بيان لها، وذكرت أيضًا اعتقال عدد من الصحافيين والمراسلين أثناء آداء مهامهم، من ضمنهم مدير إدارة الأخبار بتلفزيون السودان ماهر أبو الجوخ، و المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء فائز السليك، ووزير الإعلام الأسبق فيصل محمد صالح.
الانتهاكات بشعة
ولم تكتفِ السلطات بذلك فقد تم الاعتداء على الصحفيين واستهدافهم خلال التجمعات الشعبية، حيث تعرض الصحفي حمد سليمان الخضر للإصابة برصاصة أثناء تغطيته لموكب 13 تشرن الثاني/نوفمبر 2021 قرب صينية مستشفى التيجاني الماحي بأمدرمان.
وحققت السلطات مع المراسل بمكتب قناة الجزيرة بالخرطوم أسامة سيد أحمد يومها، من قبل عناصر جهاز الأمن بولاية القضارف ومُنع من الوصول لموقع الحدث وتغطية موكب 13 تشرين الثاني/نوفمبر وإجباره على مغادرة الولاية.
وما يزال الحديث للجنة المشتركة للأجسام الصحفية التى وثقت اعتقال مدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم المسلمي البشير الكباشي بعد مداهمة منزله يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، دون أسباب واضحة، وتعرض مراسلها الطاهر المرضي لمضايقات أثناء تغطية موكب 30 تشرين الأول/أكتوبر من نفس العام.
وذهبت السلطات إلى أبعد من ذلك واستدعت الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات عبدالعظيم عوض الذي أعادته السلطات لموقعه مجددًا، يوم الخميس 11 تشرين الثاني/ نوفمبر.
إضافة إلى اعتقال الصحفي أباذر إبراهيم مسعود في نيالا جنوب دارفور، منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى هذا التاريخ، دون معلومات عن أوضاعه الصحية أو مكان اعتقاله.
لا توجد معلومات عن الصحفي أباذر إبراهيم مسعود في نيالا جنوب دارفور، منذ اعتقاله في 25 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى هذا التاريخ
وفي خطوة مفاجئة قامت السلطات بإغلاق إذاعة هلا 96 التي تبث من الخرطوم، وشاهد الجميع عبر الفيديو اقتحام القوات النظامية لمكاتب قناة الحدث والتعامل الوحشي الذي تعرض له المصورون والمراسلون.
هذا قليل من كثير حيث لم ينجُ صحافي سوداني من بطش السلطات ووحشية تعاملها تجاه السلطة الرابعة، بجانب المخاطر التي يتعرضون لها أثناء أداء عملهم وبسبب لقبهم المهني وعملهم في الإعلام، فالسلطات الشمولية والدكتاتورية لا تختلف كثيرًا عن دولة الاحتلال قاتلة الصحفيين في الخوف من الحقيقة.