25-نوفمبر-2021

أرشيفية

منذ إعلان قرارات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 25 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، تعطلت كثير من مظاهر الحياة العامة في السودان. بينما وقف الصحفيون السودانيون في خطوط النار الأمامية، وفاءً بواجبات وأخلاقيات المهنة في تأدية العمل الصحفي ونقل الأخبار الموثوقة لعموم الجماهير. 

لم يتردد الصحفيون في تأدية واجبهم بنقل الأخبار للجماهير طيلة فترة انقطاع الإنترنت

وخلال المواكب والاحتجاجات التي شهدها السودان خلال الفترة الفائتة، تعرض الصحفيون لعدد من الانتهاكات وصلت في بعضها لدرجة مهددة للحياة. وبحسب بيانات صادرة عن شبكة الصحفيين السودانيين تعرض سبعة صحفيين للاعتقال منهم الصحفي أبوذر مسعود والصحفي علي فارساب للإصابة، وواجه الأخير اعتقالًا وحشيًا بحسب شهود عيان، بالإضافة لتعرضه لإصابات جسيمة.

اقرأ/ي أيضاً: الإفراج عن المعتقلين السياسيين سيتم قريبًا

يروي التقرير التالي قصة (26) يومًا قضاها الصحفيون في عزلة عن العالم، في ظل انقطاع خدمة الإنترنت وتردي الاتصالات. فماذا حدث؟

انقطاع خدمة الإنترنت.. مهدد للصحافة

تسبب انقطاع خدمة الإنترنت في عزلة الصحفيين على مدار (26) يومًا. في حين أغلقت عدد من الصحف أبوابها مثل صحيفة "الديمقراطي" وصحيفة "الحداثة" و صحيفة "السوداني".

 ويصف الصحفي المستقل عزالدين أرباب ما يشعر به من انعدام للأمان، ويشرح بقوله إن البلاد تعيش حالة طوارئ ولم يتطرق اتفاق "البرهان-حمدوك" لإلغاء حالة الطوارئ السارية بالبلاد. وتابع قائلًا: "الحريات الصحفية في خطر، بينما يعيش الصحفيون حالة من الفزع والقلق". وعلل ذلك بإمكانية ظهور جهات عليا تملك حق اعتقال واستدعاء أي صحفي. وبيّن في تصريح له لـ"الترا سودان": "الوضع مثير للقلق".

ويشير أرباب لأوضاع الصحفيين بقوله أن الكثير يعملون كمستقلين ويتقاضون أجورهم بأعداد المواد المنشورة يوميًا، ويكمل بأن التوقف لمدة تقارب الشهر تسببت في خسائر مادية فادحة لهم و لعوائلهم.

وحول المعالجات والإجراءات الاحترازية المتطلب توافرها لتفادي الاعتقال والأذى، يجيب أرباب بأن خطوة عدم كتابة الاسم والإشارة لمعلومات تدل على هوية الصحفي، تعد خطوة جيدة، إضافة للابتعاد مؤقتًا عن تناول الأخبار والتقارير المعقدة. مطالبًا المؤسسات الصحفية وأجهزة الدولة بتوفير الحماية اللازمة للصحفيين لاستكمال واجبهم المهني.

عداء غير مبرر الصحافة

"لا استطيع التحرك والعمل. لم تتحرك أي مؤسسة رسمية للسؤال عني لغياب المسؤولين"، بهذه الكلمات وصف الصحفي والمحرر بـ"الترا سودان" حمد سليمان، الوضع الصحي المعقد الذي يعيشه، بعد تعرضه لإصابات بالرصاص الحي والمطاطي.

وأوضح بأن الصحفيين يفتقدون التدريب اللازم في تطبيق معايير السلامة لمجابهة ظروف الحرب أو الاحتجاجات الشعبية، مشيرًا للغة الاعتداء من الأجهزة الأمنية عند التعامل مع الصحافة، بجانب التشديد والعنف في حالات الاعتقال. 

اقرأ/ي أيضاً: التأثير الإسرائيلي في السودان.. هل يقِّوض الانتقال الديمقراطي؟

وتجدر الإشارة إلى أن غياب جسم نقابي يكون مسؤولًا عن توحيد العمل وهموم الصحفيين يعد سببًا لضياع الحقوق -بحسب أقوال متابعين- وللحديث عن هذه القضية يقول حمد سليمان، إن الانقسامات التي يشهدها الوسط الصحفي كانت سببًا في ضياع الوقت، وتشتيت الجهود، والتخلي عن الواجبات الأساسية في توفير ودعم الصحافة السودانية، ويضيف: "كان العامان السابقان ميدانًا للتصارع".

اعتقالات وعنف

نظمت شبكة الصحفيين السودانيين بمعية جميع الأجسام الصحفية السودانية، وقفة احتجاجية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر احتجاجًا على الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون، ورفعوا لاءاتهم الثلاث "لا..لاستهداف الصحفيين لا..لقطع خدمة الإنترنت لا..لخنق حرية التعبير".

عضو سكرتارية شبكة الصحفيين: تعرض بعض الصحفيين للاستدعاء من قبل الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن

وفي هذا الصدد يقول عضو سكرتارية شبكة الصحفيين السودانيين خالد فتحي، إن الانتهاكات وصلت إلى اعتقالات شبيهة بالاختفاء القسري، كما في حالة الصحفي فارساب الذي تأكدت معلومات اعتقاله بعد بحثٍ مضني. وقال إن الانتهاكات شملت الاختطاف وقطع خدمة الإنترنت، وحق الحصول على المعلومات والبيانات.

ووصف فتحي ما يتعرض له الصحفيون بالانتهاكات ضد حقوق الإنسان بالمقام الأول، والحرمان من حق التعبير وحق الحياة. في إشارة لتعرض الصحفي حمد سليمان لضرب بالرصاص المطاطي والحي، وتعرض فارساب للضرب الوحشي الذي يمكن أن يفضي إلى الموت.

وأردف: "تعرض صحفيون للاستدعاء من قبل الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن"، ليضرب مثلًا بمراسل قناة الجزيرة الإخبارية بمدينة القضارف أسامة سيد أحمد، واستدعاء مراسل الجزيرة مباشر بإدارة الإعلام في الخرطوم محمد عمر، واستدعاء الصحفي شوقي عبد العظيم واعتقاله لساعات، وتابع في حديثه لـ"الترا سودان"، أن الاعتقال شمل مستشار شؤون الإعلام لرئيس الوزراء السابق فيصل محمد صالح، وسيطرة الاستخبارات العسكرية على موجات الإذاعة القصيرة.

يعيش الصحفيون في السودان أوضاع سياسية وأمنية واجتماعية توصف بالمضطربة وغير المستقرة، في ظل تهديدات تظل ماثلة بموجب قانون الطوارئ. فما هي المعالجات والخطوات الاستباقية التي سيتخذها الصحفيون لحماية أنفسهم مستقبلًا؟ هذا ما ستكشف عنه مقبل الأيام.

اقرأ/ي أيضا

لجنة الأطباء المركزية: 42 شهيدًا منذ الانقلاب العسكري

حمدوك: الاتفاق السياسي له إيجابياته