ضجّت الأسافير في الأيام القليلة الماضية، بخبر حزين عن وفاة شاب من الدامر في يوم فرحه برصاصة طائشة من أحد المهنئين، في استمرار لمسلسل نزيف الدم المتواصل بالرصاص الطائش في الأفراح السودانية.
وتنتشر ظاهرة إطلاق الرصاص في الهواء في السودان مثله مثل العديد من دول المنطقة، ولا تقتصر فقط على مناسبات الزواج وإن كانت أكثرها تكرارًا، ولكن يحتفل السودانيون بإطلاق الرصاص في أغلب المناسبات الاجتماعية، سواء كان زواجًا أم نجاحًا في الدراسة، أو ولادة مولود جديد للأسرة، وغيرها من المناسبات.
ضجّت الأسافير في الأيام القليلة الماضية بالمطالبات القديمة المتجددة لإيقاف ظاهرة إطلاق الرصاص في المناسبات
وما إن وصل الخبر لمواقع التواصل الاجتماعي، حتى ضجت الأسافير بالمطالبات القديمة المتجددة لإيقاف هذه الظاهرة بإيقاع أقسى العقوبات على المخالفين، فنشط المتفاعلون تحت وسم "أفراح بلا سلاح" للمطالبة بالتعامل بجدية من قبل السلطات مع الظاهرة، وتفعيل القانون القديم الخاص بمنع إطلاق الرصاص في المناسبات، والذي سنّه البرلمان للمرة الأولى في العام 2018، حيث أقر تعديلًا على قانون الأسلحة والذخائر يفرض عقوبات تصل إلى السجن خمس سنوات أو الغرامة المالية، على كل شخص يطلق الرصاص في الأعراس وغيرها من المناسبات الاجتماعية.
اقرأ/ي أيضًا: "هيومن رايتس ووتش" تدين سجن إعلامي سوداني بـ"تهم مفبركة" بالسعودية
وتداولت الصفحات الاجتماعية خبر وفاة العريس الزاكي حسن الزاكي برصاصة طائشة، وأشارت للحظر القانوني لاستخدام السلاح الناري في المناسبات، وناشدت جهات الاختصاص المعنية لوضع حد لهذه الظاهرة، والتعامل بصرامة وحزم مع كل من يستخدم السلاح الناري في الافراح مهما كانت الدواعي والأسباب أو مكانة مستخدمي السلاح في أجهزة الدولة الأمنية، حيث يعد منسوبي القوات النظامية من أكثر المشاركين في هذه الظاهرة نظرًا لتوفر السلاح الناري بطرفهم، وهو ما يصعب من مهمة إنفاذ القانون.
وناشد تجمع ثوار الصحافة في منشور على صفحة التجمع على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وزير الداخلية، للتدخل لمنع الظاهرة، على خلفية خبر وفاة عريس الشعديناب بالدامر، وذيَّل التجمع منشوره بالوسم "أفراح بلا سلاح" الذي تم إعادة إحيائه عقب مقتل عريس الدامر.
وأشار منشور على صفحة "الدكتور يوسف الطيب"، لكمية الألم والحزن التي تخيم على الأهل بالدامر إثر فقدهم لهذا العريس الشاب، وطالب بالابتعاد عن هذه العادة القاتلة، قائلًا إن إطلاق الرصاص لا يعبر عن الفخر ولا عن الكرم والفراسة، واصفًا العادة بـ"السخيفة"، وأنها كثيرًا ما تتسبب في أذى مادي ومعنوي.
وشارك "ياسين أحمد" مقطعًا مروعًا لأحد المدعوين في مناسبة وهو يخطئ في إطلاق الرصاص، ليفلت منه الـ"كلاشنكوف" متوجهًا صوب أصحاب المناسبة والمدعوين، وتساءل كم يا ترى قد فقدوا حياتهم بهذه الطريقة؟
من جانبه، شارك الضابط السابق بالشرطة السودانية والخبير القانوني "عمر عثمان"، صورة من منشور قديم له، يناقش نفس الظاهرة على خلفية استشهاد شاب نتيجة لإطلاق النار في مناسبة في العام 2020، وأشار إلى التعديل القانوني على قانون الأسلحة والذخائر في العام 2018، حيث طالب بتفعيل القانون وضبط المخالفين الذين وصفهم بـ"المتخلفين والجهلة"، مطالبًا بإيقاع أقصى العقوبات بهم، وعلق عثمان قائلًا: "القوانين موجودة علينا فقط إخراجها من الثلاجة والعمل على تطبيقها بصرامة".
وتفاعلت حكومة ولاية الخرطوم مع الحدث، حيث أوضحت تغريدة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أن والي الولاية أصدر مرسومًا بحظر استخدام السلاح الناري في المناسبات، وتوعّد المنشور المخالفين من المدنيين بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز السنتين، أو بالغرامة (100,000) جنيه، أو بالعقوبتين معًا، إلى جانب مصادرة السلاح الناري.
بينما قضى المرسوم بمعاقبة منسوبي القوات النظامية حال إطلاقهم الأعيرة النارية في المناسبات، بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز خمس سنوات، أو بالغرامة (150,000) جنيه، أو بالعقوبتين معًا، فيما يتم تسليم السلاح للوحدة المختصة. كما أجاز المرسوم للمحكمة مصادرة الأسلحة لصالح سلاح الأسلحة والذخائر.
وتظل أزمة استخدام السلاح الناري في المناسبات الاجتماعية قائمة في السودان، ولا يزال صوت الرصاص يدوي يوميًا في شوارع العاصمة والولايات، في ظل غياب الوعي المجتمعي الكافي لإيقاف هذه الظاهرة القاتلة، إلى جانب صعوبة تفعيل وتطبيق القوانين، خصوصًا أن نسبة مقدرة من مستخدمي السلاح الناري هم من منسوبي القوات النظامية بحصاناتهم القانونية والتعقيدات المصاحبة لتوقيفهم فوريًا أثناء الحدث، أو حتى مساءلتهم من قبل وحداتهم، ذلك إلى جانب غياب الحملات التوعوية والثقافة الاجتماعية الرافضة لهذه الممارسة التي حولت عددًا كبيرًا من أفراح السودان إلى أتراح.
اقرأ/ي أيضًا
السودانيون يطالبون بـ"جيش قومي واحد" على مواقع التواصل
تضامن واسع مع القضية الفلسطينية ضمن "مواكب العدالة" بالخرطوم