24-يونيو-2024
طائرة مساعدات إماراتية ومسؤول إماراتي

تتهم الإمارات بتزويد الدعم السريع بالسلاح تحت ستار الإغاثة

قالت مصادر لصحيفة الغارديان البريطانية، إن المملكة المتحدة تعمل على منع انتقاد الإمارات في تسليحها للدعم السريع. وكشفت المصادر أن المسؤولين حاولوا قمع الانتقادات الموجهة لدولة الإمارات العربية المتحدة ودورها في تزويد الدعم السريع التي وصفتها الصحيفة البريطانية بـ"الميليشيا سيئة السمعة" بالأسلحة، وقالت الصحيفة إنها "تشن حملة تطهير عرقي في السودان".

التقارير أشارت إلى أن مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية مارسوا ضغوطًا على الدبلوماسيين الأفارقة لتجنب انتقاد الإمارات بسبب دعمها العسكري المزعوم لقوات الدعم السريع. وأثارت هذه الضغوطات اتهامات بين الدبلوماسيين بأن المملكة المتحدة قد أعطت الأولوية لعلاقتها مع الإمارات على حساب المدنيين المحاصرين في الفاشر، التي يقطنها 1.8 مليون نسمة.

قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ نيسان/أبريل 2024، هي مجموعة شبه عسكرية تُتهم منذ وقت طويل بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في السودان. ومنذ اندلاع الحرب السودانية ارتكبت هذه المليشيا ما يرقى لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في العديد من المناطق في البلاد.

محامٍ دولي في حقوق الإنسان: خلال محادثات غير رسمية جرت في وقت سابق من هذا الشهر في إثيوبيا أبلغني دبلوماسيون أفارقة بارزون أن المملكة المتحدة كانت تمنع بعض الدول من إدانة الإمارات

المحامي الدولي في حقوق الإنسان، يوناه دايموند، قال للغارديان إنه خلال محادثات غير رسمية جرت في وقت سابق من هذا الشهر في إثيوبيا –لاستكشاف إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضد الإمارات بسبب دورها المزعوم في القتال– أبلغه دبلوماسيون أفارقة بارزون أن المملكة المتحدة كانت تمنع بعض الدول من إدانة الإمارات.

تقارير عديدة كشفت عن دور جوهري للإمارات العربية المتحدة في الحرب السودانية، حيث تزود قوات الدعم السريع بالسلاح والمعدات عبر الحدود الغربية للسودان. أنشأت هذه الدولة الخليجية مطارًا في أم جرس التشادية المحاذية للحدود السودانية لاستقبال الطائرات ذات "الحمولات الفتاكة" والتي ترحل للسودان من هناك.

تسببت الحرب في مغادرة عشرة ملايين لمنازلهم في السودان، ويقيم معظمهم في مراكز إيواء ومعسكرات لجوء في أوضاع إنسانية في غاية الصعوبة، حيث تنعم أبسط أساسيات الحياة في ظل غياب الإغاثة الكافية والتكدس الكبير للمدنيين في مساحات محدودة.

وقال دايموند، وهو مستشار قانوني رفيع المستوى في مركز راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان: "أخبروني أن المملكة المتحدة كانت تثني الدول عن انتقاد الإمارات".

المحادثات التي أجراها دايموند في أديس أبابا شملت مسؤولين من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيغاد"، وهي كتلة تجارية تضم ثماني دول في شرق إفريقيا، بالإضافة إلى دبلوماسيين آخرين.

وأضاف دايموند للغارديان: "كنا نسعى لبناء دعم لآلية حماية مدنية [في دارفور] وإجراءات لمحاسبة الإمارات في محكمة العدل الدولية أو في مكان آخر في المنطقة".

وأردف دايموند، الذي شارك في رئاسة تحقيق مستقل وجد "أدلة واضحة ومقنعة" على أن قوات الدعم السريع ترتكب إبادة جماعية في دارفور: "كنا نتبع نتائج تلك التحقيقات، الانتهاكات لاتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية وضرورة امتثال الدول لالتزاماتها".

الإمارات تنفي تسليح قوات الدعم السريع والوقوف خلفها في الحرب السودانية، ولكن عديد التقارير تقول عكس ذلك

ومع ذلك، نفت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية (FCDO) بشدة هذه الادعاءات. وقال متحدث باسم الوزارة: "هذه الاتهامات غير صحيحة على الإطلاق. تستخدم المملكة المتحدة نفوذها الدبلوماسي لدعم الجهود المبذولة لتحقيق سلام دائم".

الإمارات تنفي تسليح قوات الدعم السريع والوقوف خلفها في الحرب السودانية، ولكن عديد التقارير تقول عكس ذلك. وكان مسؤول إماراتي قد قال للجنة خبراء بالأمم المتحدة أجرت تحقيقًا في مذبحة غرب دارفور التي حدثت العام الماضي، إن طائرات الإمارات الـ(122) التي وصلت إلى تشاد في الفترة الماضية، كانت تحمل الإغاثة للاجئين السودانيين.

الحكومة السودانية تتهم الإمارات بشكل صريح بوقوفها خلف الدعم السريع. في الثلاثاء الماضي تطور الأمر إلى ملاسنات في مجلس الأمن الدولي بين مندوب السودان السفير الحارث إدريس والمندوب الإماراتي، واعتمد المجلس خطاب السودان الذي يحوي أدلة على مشاركة هذه الدولة في الحرب السودانية، ودورها الجوهري في الحرب المستعرة بالبلاد.

ردًا على الادعاءات ضد الحكومة البريطانية، أشار مسؤولون في وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية (FCDO) إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي قادته المملكة المتحدة الأسبوع الماضي والذي يدعو قوات الدعم السريع في السودان إلى "وقف حصارهم" على الفاشر، آخر مدينة في غرب دارفور ليست تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

القرار "يدعو جميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى لإثارة النزاع وعدم الاستقرار" والامتثال لحظر الأسلحة المفروض على دارفور.

ومع ذلك، يقول النقاد إنه كان يجب على النص أن يتضمن إشارة صريحة إلى الإمارات وكذلك إيران، التي تُتهم بتزويد القوات المسلحة السودانية، والتي واجهت أيضًا اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

وعلى الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي ما تزال الفاشر تحت الحصار من قبل قوات الدعم السريع، والتي تقصف المدينة بشكل يومي متسببة في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. وبالأمس قصفت قوات الدعم السريع مركز الكلى الأخير بالمدينة التي تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين، الأمر الذي وصفه حاكم الإقليم مني أركو مناوي بأنه "حكم بالإعدام" بحق جميع مرضى الكلى في الولاية.

نزح إلى الفاشر عشرات الآلاف مؤخرًا فرارًا من هجمات قوات الدعم السريع على القرى المتاخمة. تقول تقارير إن قوات الدعم السريع تستخدم الحرائق والقصف العشوائي لتهجير المدنيين من القرى والمدن بغرض إحكام سيطرتها عليها. يتهم الجيش قوات الدعم السريع باحتلال منازل المواطنين في العاصمة والولايات التي تتواجد فيها، وترفض قوات الدعم السريع أي حديث عن خروجها من المدن ضمن مفاوضات منبر جدة، وفق ما تقول العديد من المصادر.

الحرب السودانية أسفرت عن أكبر أزمة نزوح في العالم، وينتشر الجوع الذي يهدد أكثر من نصف السكان الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء، بينما يظل مستقبل أطفال السودان على المحك جراء توقف الدراسة وانتشار سوء التغذية الحاد ضمن العديد من الأزمات التي تعصف بالبلاد.