16-مارس-2022

ترتفع أسعار السلع مع ارتفاع أسعار الوقود والعملات الصعبة (Xinhua)

بعد أشهر قليلة من الاستقرار النسبي لأسعار الوقود والسلع الاستهلاكية وسعر الصرف؛ انهار كل شيء هنا في السودان، لأن العزلة الدولية للبلاد تزداد يوميًا ردًا على الإجراءات العسكرية التي أطاحت بالحكومة الانتقالية المدنية في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وقال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حينها إن الإجراءات كانت ضرورية للحفاظ على البلاد من الانقسام السياسي والاجتماعي، وتعهد بتكوين مؤسسات السلطة الانتقالية خلال أسبوعين في ذلك الوقت لكن اليوم يعيش السودانيون وضعًا اقتصاديًا طاحنًا بفعل تآكل الأجور وزيادة الأسعار في جميع المناحي من السلع إلى الخدمات إلى النقل متأثرة بارتفاع الوقود وسعر الصرف والكهرباء.

المتابع لحال السودانيين في مواقع التواصل الاجتماعي يلاحظ بوضوح الإحباط من الأزمة الاقتصادية 

والمتابع لأحوال السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" الأكثر استخدامًا يلاحظ بوضوح وجود ضائقة اقتصادية، في ذات الوقت يأملون أن تنهي الاحتجاجات الشعبية هذا التردي سريعًا.

يقول حسن (33 عامًا) وهو عامل في مكتب خدمات شرق العاصمة لـ"الترا سودان"، إن الغلاء أجبره على تقليص متطلباته اليومية و اكتفي بالقليل منها كما أنه أصبح يعود من العمل إلى المنزل مباشرة، لأن البقاء في الخارج يتطلب مصروفًا إضافيًا.

ويؤدي هذا الشاب أعمال شاقة في المكتب التجاري الذي يقدم خدمات للتخليص الجمركي بمطار الخرطوم والموانئ، ورغم ذلك لا يتجاوز أجره الشهري (50) ألف جنيه ما يعادل (70) دولارًا أمريكيًا.

"أنا قلق من الارتفاع المستمر للأسعار والوقود والغاز والسلع الاستهلاكية". يقول حسن.

وتقول حكومة تصريف الأعمال إنها تحاول ترميم الاقتصاد بودائع من الإمارات التي زارها رئيس مجلس السيادة الانتقالي مؤخرًا، لكن أبوظبي لم تتحدث في الوكالات الرسمية عن إرسال ودائع إلى هذا البلد الذي يواجه أزمة اقتصادية طاحنة.

وتتلاشى خطط حكومية مُسبقة بتطوير قطاع الكهرباء في ظل نضوب البنك المركزي من العملات الصعبة وتعويم حر للجنيه السوداني، وترك خيار تحديد السعر التأشيري يوميًا للبنوك. وبينما تتسلق المصارف جدارًا شاهقًا للحاق بالسوق السوداء تبتعد الأخيرة وتضع مسافات يومية بين البنوك و"الموازي" حيث يباع الدولار الأمريكي في البنوك في نطاق (605) جنيهًا بينما أغلق السوق الموازي مساء أمس تداولاته في نطاق (620) جنيهًا.

وتكافح حكومة تصريف الأعمال في السودان على وضع سلة عملات أجنبية للإبقاء على الجنيه بحالة جيدة أمام الدولار الأمريكي بتوفير الذهب للبنك المركزي، لكن هذه الإجراءات يقول محللون إنها تحتاج إلى احتياطات كبيرة من المعدن الأصفر بجانب أن "الهلع الحكومي" لإنتاج الذهب يأتي على حساب البيئة والاضطرابات الاجتماعية في مناطق التعدين، فضلًا عن عدم وجود فاعلية حكومية في توفير الكميات المنتجة لـ"المركزي".

كما تُلقي الرسوم الحكومية المتعددة على الصادرات السودانية عبئًا إضافيًا على الاقتصاد المحلي الذي يحتاج من ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار لتغطية العجز في الميزان التجاري.

وذكر إبراهيم (44 عامًا) وهو مُصدر للمحاصيل الزراعية عبر موانئ بورتسودان في حديث لـ"الترا سودان"، أن الإجراءات في الصادرات بطيئة جدًا وهناك رسوم متعددة تفرضها الحكومة عندما تذهب الشحنات إلى المرافئ للانطلاق تدفع أموال طائلة وتجعلك تفكر في التخلي عن أعمال التصدير.

وتابع: "نعاني من البيروقراطية وتعدد المكاتب الحكومية لإجراءات الصادر وزيادة أسعار الوقود ضاعفت من تكلفة النقل البري، وندفع أحيانًا مليون جنيه نظير ترحيل شحنة واحدة من مناطق الإنتاج إلى الموانئ".

ويستورد السودان أغلب منتجاته ويحتاج إلى تأمين نحو سبعة مليار دولار سنويًا بينما تحقق الصادرات أقل من ثلاثة مليار دولار سنويًا، ويؤدي هذا العجز إلى طلب متزايد على الدولار الأمريكي في السوق الموازي.

اقرأ/ي أيضًا: البنوك تحدد سعر الصرف.. هل ينجح تعويم الجنيه؟

ينعكس العجز في الميزان التجاري على الوضع المعيشي للسودانيين وتسجل الإحصائيات الحكومية للعام 2020 نسبة الفقر بـ(709% نتيجة تآكل قيمة الأجور وخروج أعمال صغيرة من الأسواق وضريبة كوفيد 19 بين عامي 2020 و2021، حيث أدت الإغلاقات إلى خسائر فادحة للأعمال الصغيرة والأسواق.

محلل اقتصادي: الوضع الاقتصادي سيدفع العديد من السودانيين للهجرة

ويؤكد المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان"، أن الوضع الاقتصادي سيدفع العديد من السودانيين للهجرة خاصة مع تدهور الوضع الأمني والاضطرابات الاجتماعية.

ويرى إبراهيم أن المدخل الحقيقي لعلاج الأزمة الاقتصادية الوصول إلى حل سياسي عاجل بين السودانيين، ومن ثم تطبيق برامج خفض الإنفاق الأمني الذي يرهق الخزانة العامة في ظل تعدد الجيوش.

وتابع: "أي محاولة من حكومة تصريف الأعمال لمعالجة الوضع الاقتصادي ستكون بمثابة مسكنات لأن الحل مدخله سياسي في المقام الأول أي أن تملك الإرادة السياسية لخفض الإنفاق الأمني ومحاربة تهريب الذهب وإحداث توافق عام بين السودانيين لفك العزلة الدولية والحصول على قروض تنعش الاقتصاد".

اقرأ/ي أيضًا

الدولار يتحرك بأسعار متعددة في السوق الموازي مع بداية الأسبوع

مجلس الصمغ العربي يطالب بإنفاذ مشاريع استراتيجية الصمغ