14-فبراير-2020

شعارات ما بعد الثورة (Getty)

كشف الحزب الشيوعي عن جملة من التحديات التي تواجه الإصلاح الزراعي في السودان. تضمنت الصراع حول الموارد والملكية وحق الانتفاع والاستحواذ على الأراضي وتهريب المنتجات للخارج، وشدد الحزب على وقف نهب الموارد، وأكد عدم ممانعته الاستثمار الخارجي في السودان، ورهن ذلك بتحقيق مصالح المواطنين ومراعاة الدخل القومي.

الحزب الشيوعي يحدد جملة من التحديات التي تواجه الإصلاح الزراعي في السودان تضمنت الصراع حول الموارد والملكية وحق الانتفاع

وأشار عضو قطاع الزراعيين بالحزب المهندس كمال محمد علي، في ندوة حول "تحديات الاصلاح الزراعي في الفترة الانتقالية" أمس الأربعاء بالمركز العام للحزب بالخرطوم، إلى أن هناك تحديات تواجه الإصلاح الزراعي حددها في الصراع حول الموارد والملكية وحق الانتفاع وإصلاح ما تم تخريبه في القطاع المروي، وقال إن ذلك يحتاج ميزانية وجهدًا.

اقرأ/ي أيضًا: على تخوم إمبراطورية السكر.. حلفا الجديدة تواجه الفقر والبطالة والمرض

وذكر كمال، أن من التحديات: الاستحواذ على الأرض، وقطع بضرورة وجود خطة لمواجهة ما وصفها بالهجمة على الأراضي الزراعية، وكشف عن تحدٍ يتمثل في تهريب منتجات السودان ذات الفوائد للخارج، مثل الصمغ العربي، الذي قال إن إنتاجه قد تدهور بسبب غياب السياسة الواضحة للدولة في التعامل مع المنتج والتهريب حيث يهرب ويصدر ضمن منتجات الدول التي يهرب إليها، وتدني الأسعار وتعدد الرسوم والجبايات، بالإضافة إلى التحدي المرتبط بكيفية توطين التكنولوجيا الزراعية وحشد القوى لتنفيذ المشروعات الموضوعة.

ونبه عضو قطاع الزراعيين بالحزب إلى ضرورة المحافظة على مساحات الغابات بتعويض ما يتم استهلاكه، ووجود خطة لاستزراع الغابات وإيجاد بدائل للطاقة لضمان تجدد الموارد، ونوه إلى عدم وجود إحصاء للثروة الحيوانية، ورأى أن مساهمة القطاع الحيواني لا تتوافق مع الأعداد الكبيرة للثروة الحيوانية، وأكد تضرر الحيوانات من الترحيل لمسافات طويلة، وطالب بالتحول من النمط التقليدي للحديث، وتحويل الثروات الحيوانية للإنتاج، كما طالب بتوفير وسائل نقل حديثة والخدمات البيطرية والإحصاء.

انتقاد سياسة النظام المخلوع

وانتقد كمال، سياسة النظام المخلوع في إدارة القطاع الزراعي بسيطرة القطاع الخاص على الموارد الزراعية ووسائل الإنتاج، واعتبر أن ذلك أدى لعلاقة إنتاج إقطاعية، وأوضح أن السودان أصبح هدفًا للمنظومات العالمية المدعومة بما أطلق عليها "شراهة عناصر النظام المخلوع".

 وقال كمال، إن تنفيذ تلك السياسة يتطلب نظامًا شموليًا قمعيًا للسيطرة على مفاصل الدولة والتحكم في الموارد، وأشار إلى خصخصة المشاريع وتخصيص أراضٍ لمستثمرين خليجيين بشروط ميسرة، وخروج الدولة من الخدمات الزراعية لصالح القطاع الخاص والخروج من التمويل وتركه للبنوك التجارية، وتخريب مؤسسات التسويق الزراعي مثل "مؤسسة الأقطان"، بجانب إضعاف دور البحوث الزراعية بتخفيض مخصصات البحوث، وتفكيك الجمعيات الزراعية ذات النمط التكافلي.

وتحدث عضو قطاع الزراعيين بالحزب عن استراتيجية السدود "مروي، دال، كجبار، الشريك"، واعتبر أن النظام المخلوع هدف منها لتفريغ المناطق من السكان بغرض الاستثمار الأجنبي، واستدل على ذلك بالتمويل الخليجي والصيني للسدود، وانتقد التشريعات مثل قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 وقانون أصحاب مهن الإنتاج الزراعي والحيواني لسنة 2011، والقانون الذي خوّل لرئيس الجمهورية التصرف في الأراضي الزراعية.

آثار تلك السياسة

ونوه كمال، إلى الآثار المترتبة على سياسة النظام المخلوع والمتمثلة في معاناة صغار المزارعين وارتفاع تكلفة الإنتاج وتدني الخدمات وهجرة المزارعين للمدن، وتفاقم مشاكل الري "العطش" وحرمان المجتمعات المحلية من خدمات المشاريع.

رؤية الحزب للإصلاح

وطرح عضو قطاع الزراعيين بالحزب الشيوعي كمال محمد علي، رؤية الحزب للإصلاح الزراعي الديمقراطي، ولفت إلى أن جوهر الصراع بين برنامجين؛  أحدهما رأسمالي للسيطرة على وسائل الإنتاج وإقامة علاقة إنتاج جديدة، وبرنامج العدالة الاجتماعية والديمقراطية. وقال إن الحزب يطرح ذلك برنامج العدالة الاجتماعية كبديل للإصلاح الزراعي لإحداث التنمية والتغيير وتطوير القطاع، استنادًا على عدة مرتكزات تشمل تلبية تطلعات الجماهير وتحقيق مشاركتها، بجانب أحقية القوى المنتجة العاملة في الخدمات المتطورة والحماية من الاستغلال والتكنلوجيا المتطورة المواكبة للعلوم الزراعية وتشريعات ديمقراطية لتحقيق العدالة والتوسع الأفقي والرأسي في الزراعة لتحقيق الوفرة والجودة والاستخدام المرشد للموارد الطبيعية لضمان استمراريتها، بالإضافة إلى أهمية التمويل بشروط ميسرة وإقامة التعاونيات والانتاج التكافلي وقيام اتحادات المزارعين.

اقرأ/ي أيضًا: مجموعة أصدقاء السودان.. طوق نجاة أم رحلة تيه جديدة؟

الاستثمار الزراعي

ومن جانبه أشار عضو قطاع الزراعيين بالحزب الشيوعي المهندس أحمد النعمان، إلى أن الحديث عن الاستثمار الزراعي يتطلب ضرورة إدارة الموارد الطبيعية لتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين مع النظر لقدرتهم في الحصول عليه وإنتاج مواد خام للصناعة ومراعاة التوازن البيئي والتزام الاستثمارات بالنظم التي تحددها السلطات، وأكد أهمية ارتباط الاستثمار الزراعي بتوجه الدولة الاقتصادي ليكون ذي جدوى، وقال "تنمية اقتصاد البلد هدف رئيسي ونحن لا نرفض الاستثمار الخارجي لكن يكون ميزان المصالح لصالح المواطن السوداني والدخل القومي"، ورأى أن ذلك الأمر لم يكن متوفرًا خلال فترة حكم النظام المخلوع، وذكر"الملعومات حول الاستثمارات في السودان بها تعتيم من الدولة لصالح النظام الرأسمالي العالمي والجهات المرتبطة به في السودان".

وانتقد النعمان، عدم تحديد واجبات الحكومة في المشاريع الاستثمارية خلال الفترة السابقة والعائد على الخزينة العامة وتوزيعه وتأثيره على الدخل القومي، بالإضافة إلى عدم ارتباط الاستثمارات بالجوانب الفنية المتعلقة بالبيئة.

حسم توجه الدولة

وطالب النعمان باهتمام وزارة الزراعة بزراعة المحاصيل النقدية مثل "القطن والسمسم" مع التخطيط لزراعة المحاصيل حسب المواسم لسد احتياجات المواطنين، مع الاهتمام بزراعة الخضر والفاكهة والقطاع البستاني وإقامة مصانع لتعليب الفاكهة في مناطق الانتاج، وأبان أن ذلك يوفر فرص عمل، وأكد ضرورة التخطيط السليم لإدارة الموارد وإنتاج المواد الخام والصناعات المتحولة في مناطق الإنتاج، وشدد على أن ذلك لا يتحقق إلا بحسم توجه الدولة، وتمسك بوقف نهب الموارد ووضع دراسة مفصلة لتحديد حجم الموارد الموجودة، وأضاف "الزراعة هي العمود الفقري لاقتصاد السودان".

خبراء : الثقافة الغذائية للمواطنين إلى القمح ويدعون للتوسع في زراعة محصول الذرة

كما شدد خبراء شاركوا في الندوة على عامل تحوّل الثقافة الغذائية للسودانيين من الذرة إلى القمح، وطالبوا بالتوسع في زراعة محصول "الذرة" باعتباره الغذاء الرئيسي، ودعوا لإقامة المزيد من ورش العمل حول القطاع الزراعي، والدفع بحلول عاجلة للمشكلات الراهنة ومنها ما يتعلق بتوفير الغذاء.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"دهماء" الاقتصاد السوداني وفرص نجاح الانتقال

اقتصاد السودان.. ماذا يقول ثلاثة خبراء عن أبرز المشاكل والحلول المقترحة؟