"التنمر الإلكتروني".. النساء وعنف الإنترنت
8 يوليو 2021
لا شك أن المجال الإلكتروني أصبح هو منبر حوار العصر الحديث، وصار الإنترنت عالمًا موازيًا للواقع المعاش، ففي فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، تقضي كثير من النساء أوقاتهن، ويمارسن الأعمال التجارية من بيع وشراء وعرض منتجات، وصارت لهن مجموعات خاصة بهن لتبادل الآراء والنقاشات وعرض المشكلات.
ومؤخرًا، إبان الثورة السودانية، كان للمرأة دورًا كبيرًا في دعم الثورة من خلال الفضاء الإلكتروني. وتحولت مجموعات نسائية كاملة إلى كتائب إلكترونية للثورة-كما عرفت نفسها- بعد أن كان نشاطها يقتصر على الشؤون النسائية، مثل مجموعة "منبرشات" التي تحولت أيام الحراك الثوري إلى مجموعة تفضح عناصر الأمن والمعتدين على الثوار، وكانت عينًا حارسة للثورة.
تتعرض النساء يوميًا إلى كم هائل من التنمر والتحرش الإلكتروني، إضافة لقضايا الابتزاز بالمحتوى المرئي والمكتوب
بالرغم من كل ما تقدم ذكره، تتعرض النساء يوميًا إلى كم هائل من التنمر والتحرش الإلكتروني، إضافة لقضايا الابتزاز بالمحتوى المرئي والمكتوب، وتهديدات تطال سمعة الأسرة وتهددها بالتفكك والضياع.
اقرأ/ي أيضًا: نحب النساء نكره النسوية.. لماذا؟
وكتبت الناشطة والباحثة النسوية ريم عباس تقريرًا تقول فيه: "أصبح الإنترنت معاديًا للنساء، حيث تم غزو حياتهن الشخصية وتم فحص آرائهن الشخصية. عندما سعوا للحصول على الحماية القانونية، أصبح الأمر أكثر إشكالية. على الرغم من أن السودان وضع قانون جرائم المعلومات لعام 2007 والذي يعرف باسم قانون الجرائم الإلكترونية، إلا أن القانون لا يحمي النساء من الابتزاز والتشهير والعنف عبر الإنترنت وليس لديه تشريع واضح بشأن التنمر الإلكتروني. ووجدت النساء اللواتي حاولن الإبلاغ عن الحالات أن مكتب النيابة العامة متحيز وغير متعاطف واستمر في لومهن على مشاركة الصور على الإنترنت".
عنف إلكتروني
ولا يقتصر التنمر والتحرش الإلكتروني على فئة واحدة من النساء، حيث تجد الكثيرات صعوبة في طرح آرائهن بوضوح وعرض صورهن الخاصة، وغالبًا ما تتنمر الآراء المكتوبة على مظهرهن الخارجي ووصفهن بالبدينات أو المسترجلات، في إشارة لفقداهن المظهر الأنثوي المثالي.
وتجد النساء صعوبة في عرض وطرح آرائهن ومشاكلهن بالفضاء الإلكتروني خوفًا من التنمر، فتخفي المرأة هويتها وتكتب اسمًا مستعارًا عند السؤال عن قضية خاصة، مثل الإصابة بأمراض جلدية وغيرها، وبالتالي تجد صعوبات للتواصل مع ذوي الاختصاص للوصول لمعالجة القضية.
اقرأ/ي أيضًا: كيف تقرأ "سيداو" حقوق المرأة الصحية؟
وكتبت الناشطة والباحثة ريم عباس تعريفًا للعنف بقولها "استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأي سلوك عدائي من قبل فرد أو مجموعة تهدف إلى إلحاق الأذى بالآخرين".
تتخذ أنماط العنف ضد النساء إلكترونيًا عدة أوجه، بدءًا من الإساءة اللفظية والتعليقات الساخرة على الشكل الخارجي، وصولًا للتهديد بالعنف الجسدي
وتتخذ أنماط العنف ضد النساء إلكترونيًا عدة أوجه، بدءًا من الإساءة اللفظية والتعليقات الساخرة على الشكل الخارجي، وصولًا للتهديد بالعنف الجسدي.
وترى المحامية إنعام عتيق، أن قانون جرائم المعلوماتية والقانون الجنائي، ناقش قضية إشانة السمعة، في حين لا توجد معالجة قانونية واضحة للتنمر.
وتضيف بالقول: "إن التنمر ينتشر على فيسبوك، حيث الحسابات والأسماء الوهمية، أما "واتساب" فمن السهولة الوصول للمستخدم عن طريق الرقم.
عنف ممنهج ضد صوت المرأة
عقب الثورة السودانية، عبرت المرأة عن رأيها بوضوح عما يجري بالمجتمعات المحلية، وناقشت القضايا المجتمعية لإعمار المجتمع، مع ذلك ظلت آراؤها بشأن حرية المرأة تتعرض للتنمر من النظام الأبوي.
وتتعرض النساء العاملات بالحقل العام للتنمر من المجتمع، ويصفهن البعض "البايرات" "المسترجلات" في إشارة لأنهن يتشبهن بالرجال. وتعاني المرأة بأقاليم السودان المختلفة من حالات تنمر مشابهة، في حال كان لها صوتًا بالمجتمع المحلي. وفي شرق السودان ينظر لنشاط المرأة المجتمعي بأنه خروج عن العادات والتقاليد الموروثة.
اقرأ/ي أيضًا: ساحة "أتني".. هل تُخمد مشاعل "المقاومة الثقافية" بأمر المُلاك؟
حول هذه القضية تحدثنا الناشطة بمجال صحة وتعليم المرأة عزة أيرا، عما تتعرض له النساء بالمجتمع من عنف بقولها: "إن الأوضاع في شرق السودان تعد حديث المرأة عن قضايا مثل ختان البنات وانتشار المخدرات وسط الفتيات ودور الإدارة الأهلية في السياسة، خروجًا عن العادات والتقاليد".
تتحمل المرأة التي تتعرض للتنمر والتحرش الإلكتروني، أعباءً ومضاعفات نفسية، تدفعها لاعتزال الفضاء العام
وترى عزة أيرا أن حديث المرأة باللغات المحلية، ينظر له البعض كالغزو الفكري، ودعوة لتمرد النساء ضد الأنظمة القائمة. مؤكدة وجود تحديات مجتمعية تتعرض لها، بالرغم من أن نشاطها يقتصر على صحة وتعليم المرأة.
وتقع تداعيات التنمر على النساء على جميع مجتمع النون، وتتحمل المرأة التي تتعرض للتنمر والتحرش الإلكتروني، أعباءً ومضاعفات نفسية، تدفعها لاعتزال الفضاء العام، والعزلة عن المجتمع، وإسكات صوتها، أو تغرق في بحر من إجراءات التقاضي الطويلة.
اقرأ/ي أيضًا
"شليلنا أرضنا يا جنيات".. كيف شكل القدال وجدان شعب؟
اعتبره البعض تجاوزًا دستوريًا.. لماذا تُرفض ضمانة المرأة لدى الأجهزة الشُرطية؟
الكلمات المفتاحية

لاجئون سودانيون يبدأون رحلات شاقة لمغادرة مصر إلى بلادهم
مع عودة آلاف اللاجئين السودانيين من المدن المصرية تشهد المعابر حركة واسعة للحافلات وفق متابعة متطوعين في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية، بينما رجح عاملون في تنسيق هذه الرحلات عودة نصف مليون لاجئ سوداني خلال هذا العام من مصر إلى بلدهم إثر سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم، وعودة الحياة بشكل متدرج.

في قرى الجزيرة.. الحرمان من الكهرباء يعيد الناس إلى عصر الراديو
في قرية صغيرة غرب ولاية الجزيرة، استعادها الجيش في كانون الثاني/يناير 2025، يحمل أحدهم جهاز راديو قديم، يضخ الحياة فيه من بين المُهملات القابعة في قبو المنزل

السعودية… تمديد تأشيرة زيارات السودانيين بالمملكة
مع اقتراب موسم الحج أجرت وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية تحديثات على أوضاع الوافدين بشأن المخالفات القانونية. والثلاثاء 23 نيسان/أبريل 2025 حددت السلطات عقوبة تصل إلى السجن ستة أشهر والغرامة 50 ألف ريال لكل شخص استقدم وافدًا انتهت صلاحية تأشيرته ولم يوفق أوضاعه القانونية.

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان
مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

لاجئون سودانيون يبدأون رحلات شاقة لمغادرة مصر إلى بلادهم
مع عودة آلاف اللاجئين السودانيين من المدن المصرية تشهد المعابر حركة واسعة للحافلات وفق متابعة متطوعين في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية، بينما رجح عاملون في تنسيق هذه الرحلات عودة نصف مليون لاجئ سوداني خلال هذا العام من مصر إلى بلدهم إثر سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم، وعودة الحياة بشكل متدرج.