15-أغسطس-2020

ثلاثي الاتفاق

تباينت ردود الفعل في السودان إزاء التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني على خلفية  الاتفاق الجديد والذي قوبل بصمت من الحكومة السودانية، بينما أظهرت بعض الأحزاب رفضها للتقارب بين أبوظبي وتل أبيب.

وبينما لاذت الحكومة السودانية بالصمت إزاء تطورات العلاقة بين أبوظبي وتل أبيب منذ الخميس الماضي، إلا أن حزب البعث السوداني أحد مكونات قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، أعلن رفضه لخطوات التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، واعتبرها قفزًا على المبادرة التي تبنتها الجامعة العربية.

البعث السوداني: نطالب القوى السياسية بإظهار موقف تجاه التقارب الإماراتي الإسرائيلي الذي ينعكس على الأوضاع في المنطقة برمتها 

وقال المتحدث الرسمي باسم حزب البعث السوداني محمد وداعة لـ"ألترا سودان"، إن حزبه يرفض التقارب الإماراتي مع الكيان الصهيوني ويعتبره تطورًا غير مقبول قد ينعكس على الأوضاع في المنطقة برمتها، وأشار إلى أن القوى السياسية السودانية مطالبة بإعلان موقف واضح حول التطورات الإماراتية الإسرائيلية.

اقرأ/ي أيضًا: تصريحات واشنطن المتضاربة.. ما الرسالة من ورائها وكيف فهمتها الخرطوم؟

وتبرر الإمارات خطوتها المفاجئة بإيقاف ضم الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل وإيقاف الاستيطان، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، لكن وداعة ينصح أبوظبي بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لانتزاع قرار بإيقاف ضم الأراضي الفلسطينية للدولة المزعومة التي تتوسع فيها تل أبيب، حسب تعبير الناطق الرسمي باسم حزب البعث السوداني.

محمد وداعة
محمد وداعة

ولم تعلن بقية أحزاب قوى الحرية والتغيير التي تتشكل من تنظيمات سياسية من اليمين واليسار والوسط والقوى المدنية، ويمكن أن تقرأ مواقفها وفقًا لتوجهاتها وأيدلوجياتها كما يشير إلى ذلك المحلل السياسي عبده مختار في حديث لـ"ألترا سودان"، موضحًا أن العلاقات الدولية باتت مؤثرة جدًا في الشؤون الداخلية، خاصةً في ظل استقطاب المحاور الخليجية، وأصبح وضع السودان ما بين الانضمام إلى المحور السعودي الإماراتي عمليًا والميل إلى التوازن تارًة أخرى، لكن عمومًا الموقف الرسمي للحكومة يميل للمحور السعودي الإماراتي بسبب تأثيراته في الشأن الداخلي السوداني.

فيما أكد رئيس لجنة السياسات بالمكتب السياسي في حزب الأمة أحد مكونات التحالف الحاكم، إمام الحلو لـ"ألترا سودان"، أن حزب الأمة كون لجنة مختصة لدراسة التقارب الإماراتي الإسرائيلي، ويتوقع أن يصدر موقفه من التطورات الراهنة الساعات القادمة.

اقرأ/ي أيضًا: جنوب السودان.. كيف تحول نزع السلاح لمواجهات بين الجيش والمدنيين؟

وكان قد زار إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي الإمارات في نهاية تموز/يوليو المنصرم مشاركًا في مؤتمر عن الأديان، إذ أن حزب المهدي بات يتمتع بعلاقات جيدة في الآونة الأخيرة مع الإمارات، سيما بعد سقوط النظام البائد في نيسان/أبريل 2019.

حزب الأمة: ندرس تطورات الوضع في المنطقة العربية ونعتزم إعلان موقفنا قريبًا

ووصف المتحدث الرسمي باسم حزب البعث السوداني محمد وداعة موقف حزبه من التقارب الإماراتي الإسرائيلي بالشجاع والنادر في السودان، مطالبًا القوى السياسية بإظهار مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، وتابع "أين الكيانات السياسية التي ترعرعت تحت ظلال القضية الفلسطينية؟ لماذا هذا الصمت؟".

لكن المحلل السياسي عبده مختار يقلل من تأثير حزب البعث السوداني على موقف الحكومة السودانية من الخطوة الإماراتية، ويعتقد أن البعث السوداني يرفض التقارب بين أبوظبي وتل أبيب للموقف القومي الذي يتخذه حزبه كونه مولود من رحم البعث العربي في العراق وسوريا، ومعروف أن هذه الدول لديها مواقف صارمة تجاه تل أبيب لسنوات طويلة، بل شيدت أنظمتها السياسية وفقًا لنظرية الصراع العربي الإسرائيلي رغم التغييرات التي طالت العالم حاليًا وسقوط الأيدلوجيات عدا أيدلوجية المصالح المشتركة، والتي صارت تسود في العلاقات بين المجتمع الدولي والقوى الإقليمية، ومن حق السودان اختيار ما يراه مناسبًا دون "شيطنة موقفه".

إمام الحلو
إمام الحلو

وفي أروقة الحكومة السودانية لم تصدر حتى الآن موقفها من التقارب الإماراتي مع تل أبيب، خاصةً وأن الخرطوم تؤيد المبادرة المطروحة داخل الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية، فيما نقل مصدر من الخارجية السودانية مشترطًا حجب اسمه لحساسية الأمر على حد تعبيره، لـ"ألترا سودان"، أن الخرطوم تدرس التطوارت الأخيرة بين الإمارات وإسرائيل، لكن لا يمكن التعليق عليها حاليًا في ظل صعوبة الأوضاع الداخلية وحساسية اتخاذ موقف، سيما بعد اللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة كمبالا في شباط/فبراير 2020.

اقرأ/ي أيضًا: المحكمة الهجين لجنوب السودان.. حين تتضاءل آمال الضحايا بسبب العدالة المؤجلة

وكان الشق المدني في السلطة الانتقالية قد أظهر موقفًا رافضًا من اللقاء، حيث أصدر بيانًا حينها أعلن فيه عدم علمه باللقاء، ما أحدث توترًا بين "ترويكا السلطة الانتقالية" والتي تتشكل من المدنيين والعسكريين، ولم يهدأ التوتر إلا بوساطة قادها نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو.

مصدر: موقف الحكومة حرج في ظل الهشاشة الداخلية والتقارب بين أبوظبي والخرطوم 

ويوضح المصدر الدبلوماسي من الخارجية السودانية لـ"ألترا سودان"، أن هشاشة الوضع الانتقالي يفرض على الخرطوم أحيانًا التعامل مع التطورات الإقليمية بنوع من مراقبتها أكثر من التوغل فيها.

لكن المحلل السياسي عبده مختار يعتقد أن الموقف السوداني الرسمي مفهوم لديه، لأن الحكومة الانتقالية تجد مساندة من الإمارات، حتى بعد سقوط النظام سارعت أبوظبي إلى ضخ (1.5) مليار دولار رغم أنها لم تكمل دفعيات المبلغ حتى الآن، إلا أن الموقف نفسه يشير إلى أن الخرطوم وأبوظبي والرياض يتمتعون بعلاقات جيدة.

اقرأ/ي أيضًا

شرق السودان.. واقع معقد وخطابات كراهية

حوار| فائز السليك: رئيس الوزراء مثل من يسير وسط حقل ألغام